نهاد الحديثي
نحن شعب قابض على الجمر, جمر الطائفية والاحزاب الاسلامية الحاكمة , قبل الاحتلال كنا شعبا موحدا متعاونا , وبمؤامرة دنيئة فجروا الطائفية بصورتها البشعة عقب تفجيرات سامراء في شباط 2006، لتبدأ مرحلة الاقتتال، والتي استمرت بأعنف صورها الطائفية , مزقوا النسيج الاجتماعي ونشوا القتل والدمار, ومستشرى الفساد وبرز قادة المليشيات , صار لكل حزب جيشه الخاص وميلشياته، ناهيك عن جيوش الخفاء التي تديرها وكالات المخابرات الدولية في العراق، ومعها أيضا جيوش الجريمة المنظمة وغير المنظمة وطبعا لا ننسى جيوش العشائر، فاشعلوا حربا اهلية ما بعد الانسحاب الأمريكي عام 2011 وجدوا في ذات الحرب الاهلية والطائفية البشعة ، خلاصا لهم من انتقام الشعب الذي فتح عينه على حجم فساد هائل، فمارسوا الإقصاء بشتى أنواعه، ومارسوا الموت والقتل والاعتقال حتى ضجت السجون وصاحت تستغيث المقابر, جاءت داعش ردا على تلك الممارسات، وقتلت كل من يقف بوجه مشروعها الذي تعتقد، ولم تفرق بين عراقي وآخر، ولم تنظر إلى مذهب أو قومية، ومع ذلك لم يستثمر ساسة العراق ذلك لتوحيد الشعب من جديد بوجه هذا الغول المتوحش، لأنهم اصلا لا يريدون ذلك، فالطائفية سبب بقاءهم وسبب وجودهم.
عراق بلا خدمات بلا صحة , بلا صناعة وزراعة , بلاد ازمات السكن والفقر والبطالة , تدني التعليم الاولي والجامعي , شهادات مزورة واخرى تباع وتشترى , كتابنا ومثقفينا وعاماؤنا واطباؤنا هجروا الوطن للبحث عن الكرامة, وموظفينا والمتقاعدين في حالة يرثى لها وبالمقابل رواتب بلا حدود للطبقة الفاسدة المرتشيه التي تبيع تراب الوطن بحفنة من الدولارات , وأخر ابتكاراتهم وللتغطية على فشلهم بدأو بلعبة التشريعات الطئفية بتعديل فانون الاحال الشخصية بما لا يرضاه الشرع ولا القانون , والتفوا لقانون العفو والقادم اسؤا في أفشل دورة برلمانية بعد الاحتلال.
نحن القابضون على الجمر, حدودنا مفتوحة ومنافدنا خارج سيطرة الدولة , تملؤنا التناقضات والصراعات الاجتماعية والخلافات السياسية, الذئاب والثعالب والثعابين تأتينا من الجوارواطراف اقليمية تريد تمزيق العراق , الاذرع المختبئة في الداخل تقتل نساؤنا وكل من يجرؤ على المعارضة, فقدنا احلامنا في بناء وطن جديد بلا ديقراطية الغرب والغرباء , نحلم بيوم مشرق جديد ليفهم البعض مغزى الحياة وقيمتها , ليفهموا ان العمر واحد وليعرفوا معنى يوم الحساب في القبر , وامنيات المواطن الفقيران يجلس في مقهى ليشرب قهوة هنية ويداعب احلامه كل لحظات حياته البائسة.
لا تحتاج الوطنية وحب الوطن الى فلسفة معقدة ودروسا صعبة لفهمها وهضمها، فهي سهلة كشروق الشمس كل صباح وغروبها دون عويل، كل ما عليها هو ان توزع الضوء والأشعة للكون لكي تدب فينا الحياة امام ظلمة وسجن الظلم والظلام الدامي , جرحنا كبير ونبحث عن أمال سعيدة , وشعبنا عريق وكبير لديه كل أسباب التعايش والحياة من جديد، وكل ما ينقصه أن يتخلص من طغمة حاكمة لم تر فيه سوى غنيمة وجسرا لتحقيق أهدافها