التآخي- ناهي العامري
برعاية الدكتور حسن ناظم وزير الثقافة والسياحة والاثار، أقامت دار المأمون للترجمة والنشر ندوة بعنوان (الترجمة صنفًا ادبيا)، استضافت فيها المترجم والناقد والمفكر الكبير سعيد الغانمي، على قاعة طارق العبيدي في الدار.
وبدأت الندوة بنبذة عن دار المامون للترجمة والنشر، قدمتها مديرة الدار إشراق عبد العال، قائلة:
تأسست دار المامون للترجمة والنشر في منتصف عام ١٩٨٠، ومنذ نشأتها اهتمت الدار بتشجيع حركة الترجمة في العراق باعتبارها الوسيلة المؤثرة في نقل المعرفة من دور النشر المعروفة على مستوى الدول العربية والعالم، حيث رفدت الساحة الثقافية بروائع الكتب المترجمة من اللغات الاجنبية الى اللغة العربية في معظم الادب والفن والتاريخ والآثار والموسوعات العلمية والكتب العامة،
.
واضافت كما اصدرت الدار العديد من العناوين ، وقامت بترجمة مختارات من الشعر العراقي والكتب الادبية الى اللغات الاجنبية،كذلك باشرت بتصميم اصداراتها الكترونيا، أثر تطور التكنولوجيا في مجال الحاسوب.
بعد ذلك قرأت السيرة الذاتية للضيف المترجم سعيد الغانمي، وقالت انه باحث ومترجم عاش في اسبانيا، له ٧٠ عمل، ٣٢ كتاب صادر لأكثر من دار نشر عربية، له الكثير من البحوث والترجمة ، حصل على جائزة الشيخ زايد عام ٢٠١٦ .
بدأ الباحث والمترجم سعيد الغانمي محاضرته بالتطرق الى معاناة المترجم، منها النظرة السلبية له، فقد يظن البعض انه مجرد ناقل او وسيط وليس مبدعا.
وتسائل الغانمي: ألا يستحق المترجم ان ينظر له على انه فاعل ثقافي؟ واجاب، انه مبدع، ودليل ذلك انه يختار نصا ثابتا، لكنه متحقق بلغة وثقافة أخرى، فيأخذه المترجم بصيغة ثقافة لغته التي ترجم لها.
واكد الغانمي: بين المترجم والمؤلف عقد ضمني ففي كل عملية ترجمة تحضر لغة المترجم وليس لغة المؤلف، والمترجم غير مسؤول عن نتاج الافكار، بل مسؤول عن إعادة صياغتها بما يتناسب ثقافيا مع اللغة المنقولة لها.
وضرب الغانمي مثلا: في كتاب (العقل واللغة والمجتمع) لجون فير، يقدم المؤلف توضيحا عن فكرة الموائمة، احدى النساء توصي زوجها بجلب لها من السوق لحم غنم ولحم خنزير، وعندما يترجم للعربية ، هل يترك كما في النص، حيث القارئ العربي سيدخل في باب التحريم، ولأجل تلافي هذا الاشكال ترجمة لحم غنم ولحم خنزير الى لحم غنم ولحم بقر، فالمترجم عليه ان يختار التكافئ الثقافي، كذلك ذهن القارئ الهندوسي سيذهب الى انتهاك القدسية، فعلى المترجم ان يقوم بتغيرات بسيطة لموائمة اللغة، فكما ذكرنا هناك عقد ضمني بين المؤلف والمترجم.
ولأجل التأكيد على دور المترجم الابداعي أوضح الغانمي: كلما اكتسبت الشخصيات حضورها لدى المؤلف، ثم تبدأ بالنضج ويظهر صوتها الخاص عن غيرها، يقوم المترجم بالموائمة، لأجل ايصال افكار المؤلف وليس افكاره، فهو يحاول اعطاء صوته الخاص للمتلقي عبر لغته، لتوصيل افكار المؤلف له، وهذا هو العمل الابداعي للمترجم.