حوار مع الروائية والشاعرة ديلان شوقي

الكاتبة ديلان شوقي (الكاتب شاهدا للعصر أو مستمعا للملحمة حين تسرد من قبل أناس عايشوها هذه مواد خامة ثمينة يستغلها الكاتب الذكي ويصنع منها مايريد من النتاج)

حاورها : هوزان أمين

ديلان شوقي كاتبة كوردية من مواليد 1970 في روزآفاي كوردستان وعملت في مجال الترجمة باللغات: الكوردية- العربية- التركية ومن الكتب التي ترجمتها مذكرات الشاعر والكاتب الكوردي الكبير جكرخوين الذي ترجمته إلى العربية، كما ترجمت عدداً من الكتب من اللغة التركية إلى العربية بالإضافة إلى نشرها عدداً من المجموعات الشعرية بلغتها الكوردية الأم، نشرت قصائد وقصص مترجمة في العديد من الجرائد العربية، اصدرت في الآونة الاخيرة روايتين باللغة الكوردية، حول تلك الروايتين والعديد من المواضيع الاخرى كان لنا معها هذا الحوار .

نرحب بك في البداية، ونسأل في البداية كيف تعرفين نفسك بالقراء ؟

أنا ديلان شوقي كوران من مواليد 1970 سرى كانيى المدينة الجميلة والتي عشت طفولتي وبدايات الشباب فيه درست فيها مراحل دراستي الابتدائية و الاعدادية والثانوية بسبب حرماني من الجنسية السورية والذي كان بسبب قانون الاحصاء الجائر الذي فرضته الحكومة السورية عام 1960على 200 الف كوردي فجرد بموجبه الآلاف من الكورد من حقوقهم المدنية المشروعة.

شاعرة ومترجمة وروائية أكتب باللغة الكوردية، اكتب الشعر منذ عام 1986 وحتى اللحظة ترجمت من اللغة التركية الى اللغة العربية كما وترجمت من والى اللغة الكوردية و اللغة العربية.

ترجمت كتاب الشاعر التركي احمد عارف “عتقت قيودي” وقد طبع ونشر الكتاب في دبي من قبل مؤسسة سما كورد وقبله ترجمنا مع صديق واسمه جوان ايو كتاب مذكراتي للشاعر الكبير جكرخوين الذي كان قد طبع في السويد حيث قمنا بترجمته من اللغة الكوردية الى اللغة العربية وقد تمت طباعة الكتاب ونشره في مدينة القامشلي لي ثلاث دواوين شعر كلها باللغة الكوردية والكتاب الرابع قيد الطباعة و النشر (القبلات الحمراء 1998- لقاء الانبياء 2004 – أنا كلي نوافذ 2013 ).

لي حتى الان اربع روايات مطبوعة اثنتان منهما خاتو ودانوك نشرتا على شكل حلقات في مجلة القلم الجديد بعد ذلك قامت مطبعة ناما بطباعة روايتي الثالثة ثم طبعت ونشرت روايتي الرابعة من قبل دار النشر افيستا في استنبول كما ولي رواية جديدة بعنوان ( تربيى نارة ) أو سروال نارة هي ايضا قيد الطباعة والنشر.

لنبدأ من قضية الكتابة والابداع ، كيف تطورت لديك وما هي سبل بروزها عندك ؟

من أهم أدوات تطوير الذات المعرفة والتعلم المستمر والثقة بالنفس وانا كنت الابنة الكبرى من بين أولاد أمي وأبي حيث كانت حصة الاسد من الثقة والدلال والاعتماد بالرأي تعطى لي ثقة العائلة مهمة جدا وحين بدأت بكتابة الشعر وجدت من الاهل والاصدقاء والمعلمين في المدرسة التشجيع وحسن التعامل مع موهبتي التي لم أعرف مستواها فباشرت باغناء موهبتي بالقراءة المكثفة، قمت بقراءة الكتب باللغة العربية باعتبارها كانت لغة الدراسة والشارع والاعلام كنت أقرأ كل شي في أول سنتين من بدء مسيرتي الادبية كنت أكتب باللغة العربية كتاباتي كلها كانت كتابات متواضعة ذات مضامين بسيطة بالنسبة لذلك الوقت من عمري ولكنها كانت هامة طبعا في بداية مشواري الادبي.

هوس الكتابة كان يكبربداخلي الا ان ولاسباب العمل وعدم ايجاد الوقت للتأمل بما يحدث في داخلي لم أكن استطيع قياس مستوى التطوير الابداعي لدي أو رؤية ما يجول بداخلي من رغبات وأفكار تستدعي كتابتها تقريبا كنت أتجاهل ما أريد القيام به من أمور كتابية مستقبلية.

بقيت على تلك الحال اترنح بين كتابة الشعر والترجمة من جهة وبين قلة الوقت وارهاق ساعات العمل المضنية في ترجمة اكثر من عمل فني قمت بترجمته من جهة اخرى عام 2010 حيث جئت الى تركيا بهدف العمل في احدى القنوات ولحسن الحظ انني خسرت فرصة العمل الذي كنت قد جئت لاجله وبذلك لملمت قوايا وجمعت افكاري وقررت ان أخوض تجربة كتابة الرواية التي كانت تراودني منذ زمن بعيد الا ان الوقت والظرف لم يساعدانني فيما مضى .

 

 

في عام 2013 بدأت بكتابة روايتي الاولى خاتو ثم كتبت الثانية دانوك ثم تتالت مشاريع رواياتي حتى الساعة وهكذا قد تم احتلالي من قبل الكتابة والابداع.

متى انتقلت الى الكتابة باللغة الكوردية، وهل رأيت في اللغة عامل مهم في أخراج بواطن واسرار النفس ؟

بداية لم اكن اتقن الكتابة والقراءة بلغتي الام ولكني كنت راغبة جدا بتعلمها بعد ذلك و بمساعدة أبي الذي كان قد تعلم اللغتين الكوردية والعربية في السجن وبتشجيع من بعض الاصدقاء المقربين تعلمت القراءة والكتابة باللغة الكوردية ثم كتبت قصيدتي الاولى باللغة الكوردية عام 1988 كانت عن مجزرة حلبجة ثم كتبت القصيدة الثانية بعد أن تأثرت بصديقتي التي كانت تحب شابا دون أن يعلم هو بحبها صديقتي تلك كانت تحفزني على التعبير عن حالتها بالحديث العادي أو بالتعبير الادبي وتلك القصيدة بدأ يدندها أشخاص قريبين مني على شكل أغنية

ملحنة الشيئ الذي أعطاني دعما بكتابة القصيدة الثالثة والرابعة وهكذا استسلمت لملكوت الشعر واحتضنت حالات الاستشعار بكل حنان وتحكم ثم دخلت في متاهة ذاتي الانثوية الشاعرية حيث وجدت بداخلي براكين شاعرة ومشاعر أنثى بدم كوردي وضمن واقع كوردي وسط لغة واسعة شاسعة تنتظرني لادخل حلقة بريقها اللامحدود أنا كنت أرى اللغة الكوردية هكذا ولا زلت أكتشف ذاتي فيها ومن خلالها.

مهما ينئى الكاتب او المثقف عن ولوج دروب السياسة وبالاخص اذا كانت مرأة إلا ان الظروف المحيطة ولا سيما في بيئة كوردية تجبره على الدخول في العمل السياسي الى جانب الادبي حدثينا عن تجربتك في هذا المضمار؟

كنت في الثامنة عشرة من عمري حين كتبت قصيدتي الاولى في تلك السنوات كانت الحركة الكوردية بسورية في أوجها كما كانت أجهزة الامن السورية العديدة في منطقتنا في أشرس عراكها وعدوانها على كل نشاطات الشباب الكورد رغم ذلك الجو المرعب والتهديد والملاحقة كانت الاحزاب الكوردية تعمل كالنحل وتتجزأ كالغيوم في تلك الحقبة الهامة من حياتي كانت نشاطات النساء ضمن الاحزاب ظاهرة وكبيرة وملفتة في تلك البلدة الصغيرة والمحاطة بأجهزة أمن حقيرة حيث كنا نتحرك ونعمل ضمن صفوفنا بلا خوف أو ذرة من التردد.

في تلك السنة وبتكليف من أحد الشباب المسؤولين عن احتفالات عيد نوروز قمت بعرافة حفل عيد النوروز ثم تتالت مشاركاتي لعدة سنوات رغم التحقيقات والامور التي كانت تعيق الكثير من أوضاعنا الاجتماعية تلك النشاطات أعطتني دعما أكبر لمواظبة مشروع الكتابة والتطور والاجتهاد على نفسي.

انتميت الى حزب يكيتي الوحدة عام ١٩٩٠ وعملت بين صفوف الحزب لسنوات حيث أغنت تلك النشاطات تجربة الكتابة عندي بالاضافة لكتابة الشعر كنت أكتب مقالات عن أمور شتى تخص الواقع الكوردي ولانني كنت أتقن اللغة التركية التي تعلمتها من الجيران وبعض الاهل.

متى بدأت بالترجمة من اللغة التركية الى العربية وبالعكس؟

بدأت بتجربة الترجمة في عام 2000 ولاجل العمل وكسب العيش مثلنا مثل الكثير من العائلات الجزراوية اضطررنا للهجرة الى دمشق حيث تابعت أنا عمل الترجمة هناك بعد ان درست في معهد تركي تابع للقنصلية التركية مدة عامين لكسب المزيد من معرفة اللغة، وفي دمشق كنت أترجم من اللغة التركية الى العربية حيث كنت أعيش بما اقبضه من مال مقابل كل نص مترجم، بالاضافة الى ترجمة بعض الكتب الادبية في ذلك الوقت والتي سبق ان ذكرتها.

بدأت بالترجمة والشعر، والآن تطورت معك الكتابة الى نوع آخر من الادب وهي القصة والرواية هذا التدرج مهم عند الكاتب ام لك رأي آخر؟

أن لا اكتب القصة ولم اكتبها يوما أما بخصوص الشطر الثاني من السؤال برأيي التدرج ضمن الانواع الكتابية والابداعية ليس شرط يفرض على كل كاتب أو شاعر وانما الحاجة هي من تفرض ذلك الاتجاه أقصد التحول الى نوع أدبي اخر نعم، أن يكون
الانسان أكثر من شيء في مجال الادب هذا لا يدل على ذكاء او تفرد أو اجتهاد بالضرورة فكثير من الشعراء اكتفوا بالشعر وقد غيرو واقعهم بما كتبوه من شعر وكذلك الامر بالنسبة لكل انواع الابداع والنتاج البشري وقد نرى البعض قد نوع مما ينتج ويكثر مما يطبع الا ان أدواته بقيت قيد التجربة الشخصية وبحدود رسمته أدواته الذاتية ولذلك يجب ان يكون الكم ليس على حدود القيمة الابداعية للنتاج وليس على حساب النوع بالنسبة لنا نحن الكورد النوع هام جدا للمستقبل ولذلك فان من يريد الحاضر لنفسه ولأدبه فلا ضير من اكثار النتاج وان كان ذلك النتاج في مستوا عاديا أما من يخطط للمستقبل وللفوز بلقب التفرد والابداع أي من يريد جودة العمل الادبي عليه أن يعمل لتلك القيمة فيجب أن يعمل كثير ويقرأ أكثر ويتأمل أكثر وأكثر نعم بل ويعتزل الحياة الاعتيادية الى حد ما والا فلن يقدم شيئا للمستقبل الذي يجب أن نعمل له ليل نهار فالجمال ليس يعني الابداع والابداع لا يشمل كل جمال ولهذا فالابداع عباءة واسعة على العادية الابداع نتاج مختلف عن كل ماهو معروف ومألوف هو تغايرواختلاف واختلاف وترقي كما وان يعني النوعية بكل معناها.

بناء على تجربتك الشخصية ماهي خطوات تطور المادة الادبية بالنسبة لك؟

أنا من تجربتي الشخصية وولوجي دروب الرواية مؤخرا أقول وأؤكد تلك الحاجة الى ذلك تبدو في عدة خطوط الخط الاول هو التجربة فالتجربة الحياتية تزيد المعرفة وتصقل أدوات الكتابة حينها يقف الكاتب او الشاعر مذهولا أمام ما بداخله من أشياء مختلفة وحين تحين الساعة يفرغ ما بداخله ويباشر بعمل ما كان يتهيأ للقيام به ربما منذ سنين وسنين كثيرة فالتجربة تترسخ في معرفة الحياة ومقدرة الكاتب نفسه الذاتية على التعمق بدواخل النفوس والحياة وتجارب المحيط من أفراح وأتراح من نجاحات وفشل من تقدم وتراجع حيث هما العاملان الاساسيان في تحديد الخطوة النوعية للتغيير والتجديد والتحرك ضمن الخيارات وفي الدائرة الغير محددة ذاتها لأن الدائرة ان كانت غير محدودة فهي توهان وضياع ونوع من التخبط الذي يحتاجه المبدع.

 

 

من ثم يأتي الخط الثاني وهو الاطلاع ومعايشة الاحداث وهنا يجب الانتباه الى نقطة هامة وهي ان المعايشة لا أقصد بالضرورة أن يعيش الكاتب تلك الاحداث وانما أن يكون شاهدا قريبا أو بعيدا على حدوثها هذا هام للغاية أن يكون الكاتب شاهدا للعصر أو مستمعا للملحمة حين تسرد من قبل أناس عاشوها أو عايشوها هذه مواد خامة ثمينة ونادرة يستغلها الكاتب الذكي ويصنع منها مايريد من النتاج.

الخط الثالث والذي هو البنية التحتية لكل أنواع الكتابات الا وهو القراءة نعم هناك الكثير ممن يكتبون أضعاف أضعاف ما يقرؤن ولكن أنا أقصد الكتابة الابداعية التي تتمثل في اسلوب الكاتب ولونه ومدى عمق وواقعية وفهمه لكل ما يحدث في واقعه أو بالاحرى كل ما يهم واقعه كانسان أولا وككاتب ثانيا .

حسب رأيك هل يجب على الكاتب ان يكون اسير لخياله ام يجب ان يكون واقعياً ، ويسرد من حياته اليومية ومجتمعه قصصاً وروايات حتى ينجح؟

للخيال دور في كل شي حتى وان كان العمل واقعيا فلا بد من شطحات خيال الكاتب والا لن يكتمل العمل الادبي يوما.

ان الخيال عربة تجرها أحصنة المعرفة لدى كل كاتب وهكذا فان المساحة التي يكون فيها الكاتب اكثر حرية هي المساحة التي يحرك فيها ادواته التي تخصه ككاتب أو كمبدع ولذلك فالكاتب حر في اختيار ما يكتب ولكن ثمة خيال فيه تحديث وثمة خيال تقليدي بدائي وعندها يتحكم بنتاج الكاتب .

هنا يجب الاشادة الى نقطة هامة الا وهي المجاز والايحاء والرمز هؤلاء يقربون الخيال وان اختلفوا وقد نرى خيالا يعبر عن واقع واقعي صرف الا ان الظروف والمحيط يقيدان تلك الحقيقة من الظهور في الوقت الذي نرى نتاجا يبدو واقعيا لكنه لا يمت للواقعية باية صلة هذه الامور جدية للغاية وتحدث في كل المجتمعات اقصد هي توجد في ثقافة البشر حسب المكان والزمان وما يترتب عليهما من قوالب معرفية قد تكون لغايات بعيدة عن الكتابة بحد ذاتها.

في روايتك الآخيرة “عشرة ايام في مشفى الابحاث ” نراك تسردين قصص على السنة المرضى وكذلك قصتك مع مرض نادر حدثينا عن هذه الرواية كيف خطرت على بالك سرد هذه الاحداث في رواية؟

اولا هذه ليست روايتي الاخيرة ثانيا مرضي يسمى التصلب اللويحي وهو مرض نادر الى درجة ان الاطباء يعجزون عن فهمه وتشخيصه الامر الذي جعلني ادور مدة عام او أكثر على اكثر مستشفيات انقرة وقونيا القريبتين على البلدة التي
اعيش فيها حتى استطاع الاطباء اخيرا أن يعرفو ويقتنعو بأنني مصابه بهذا المرض أما السبب الثاني الذي دفعني لاجعل تجربتي قاب قوسي رواية ادبية هو اسباب حالات المرضى التي رأيتها خلال معالجتي لمدة عشرة ايام في مشفى الابحاث بمدينة قونيا حيث ان المرض يختص بأنه يصيب من هم في عمر الشباب اي انه يصيب الذين هم في عمر العشرين وحتى الاربعين عاما الامر الذي جعل الاطباء يتأخرون في تشخيص مرضي لانني كنت وقتها في نهاية التسعة والاربعين من عمري ثم وبعد البحث والتنقيب والفحص ووضعي لمرات ومرات تحت أجهزة الرنيم المغناطيسي والطبقي محوري وفحوصات لا تعد ولا تحصى وقيامي بالكثير من التحاليل المختلفة توصلت الطبيبة المشرفة علي الى قرارها الحاسم بانني مريضة التصلب اللويحي.

حالات المرض المختلفة لدى الشباب والشابات الذين التقيت بهم في المشفى كان الدافع الثاني لاكتب عن هذه التجربة الغريبة والمؤلمة وعندما قررت أن أكتبها كرواية أدبية التقطت صورا لاكثر المرضى في الطابق الذي كنت اتعالج في احدى غرفه كما وتحدثت مع أكثرهم وعرفت حالاتهم عن قريب.

في اليوم الخامس أو السادس بدأت بوضع الخطوط الكبيرة للرواية في ذهني وكنت في لهفة كبيرة استعجل العودة الى بيتي لكي اباشر بالكتابة وفعلا وبعد عشرة أيام عدت الى بيتي الا انني لم استطع المباشرة بكتابة الرواية فقد كان جسدي منهكا من جرعات الكورتيزون التي يعطونها عادة لمرضى التصلب اللويحي ومن جهة أخرى كانت عيني اليمين التي لم أكن أرى بها نتيجة هجمة المرض لا زالت في حالة الضباب والتعب فقد بقيت مدة اسبوعين بعيدة عن الكتابة وهذه كانت فرصة اضافية لي حيث تخمرت قصة الرواية في عقلي واصبحت جاهزة لكتابتها .

وفي رواية ” سكاكر جيب ابي” نراك تسردين حكاية عائلتك على ما اعتقد حيث تسلطين الاضواء على اجزاء كوردستان حيث بتقسيمها قسمت العوائل ايضاً ، كيف كتبت هذا الواقع في روايتك تلك؟

بالنسبة لروايتي الرابعة “السكاكر التي في جيب أبي ” في أول الرواية نعم بدأت بداية البداية بقصة عائلية الى حد ما ولكن وكعادة الرواية فهي لا تسلم كل مفاتيحها لكاتبها بسهولة عالعكس تماما فان الرواية تأخذ الكاتب نحو منحدرات ومنعطفات يظن فيها الكاتب بأنه لن يتمكن من الخروج منها اذ تكون تلك المنحدرات والمنعطفات مثل دوامات فكرية ذهنية شائكة وصعبة السير فيها الرواية مثل البحر تماما فهي تغرق من لا يعرف السباحة بشكل جيد فأحداث هذه الرواية أو ان صح التعبير فان بعض خطوطها كانت واضحة لي من سنوات طويلة الا ان وكما ذكرت مسبقا فالوقت والظروف لم

يساعدانني على تخطي ما كان يعيق قرار سردها على شكل رواية .

أنا بدأت بسرد حدث عائلي تقليدي الا ان مربط الرواية لم يبقى بيدي وانما أخذتني الرواية بين أمواجها العالية وبينما أنا بين تخبطات الافكار وكثرتها اسقط وانهض ثم اسقط وانهض فجأة وجدت نفسي بين مخالب الاسطورة وملحمة لازلنا نعيشها نحن الكورد حتى الان الا وهي الحدود.

نعم أنا عملت بشكل خاص على مسألة الحدود بصفتها المعروفة أي انها الفاصل الجغرافي المدروس والمخطط مسبقا لتقسيم التاريخ والعائلة والروح الواحدة.

مسألة الحدود مسألة حياتية انسانية قومية بيسكولوجيا وهي كابوس يلاحق الكورد أينما حلو ثم من خلال تلك الحدود داهمتني اسطورة الجن والعفاريت المعروفة لدى أكثر البشرية ولكنني في روايتي سخرت تلك القوى الخفية الهائلة لخدمة كل انحناءات وتفرعات الرواية.

أما كيف كتبت الواقع في هذه الرواية فالموضوع متعلق باجابتي عن سؤالك الثاني نعم هذا هو الموضوع بكل بساطة كان لك
نشاط مؤخراً بالتعاون مع مؤسسة سما في هولير وهي توقيع روايتك الاخيرة، كيف كان الحضور واجواء الحفلة ؟


نعم في بداية الشهر الماضي كنت في زيارة للاهل بهولير وقد كنت قررت مسبقا أن أقيم أمسية توقيع لروايتي المنشورتين ان سنحت الظروف وفعلا كانت الظروف مناسبة كما و تقرر الزمان والمكان من قبل أخوتي أطال الله في أعمارهم كما انهم تكفلوا بكل مصاريف الحفل وبدعوة الحضور الذين لبوا الدعوة وحضرو بالرغم من سوء الطقس والامطار الغزيرة التي هطلت على مدينة هولير منذ صباح ذلك اليوم وحتى اليوم الثاني.

الامسية كما تعرفون كانت برعاية مؤسسة سما وبالرغم من بدء مباريات كأس العالم الذي كان لهذه الدورة في قطر فقد فاجأني الحضور بالقدوم الى الحفل قبل موعد الامسية بساعة أو أكثر الشيىء الذي انعشني حقا وكان سبب سعادتي الكبيرة أما عدد الحضور فقد كان عدد الضيوف ممتازا امتلأت القاعة المخصصة للمناسبات والتي هي ضمن فندق كابيتول وكان الحضور من الشخصيات الثقافية والاجتماعية والسياسية والادبية والفنية كما وحضر بعض الشباب الذين سنحت ظروفهم من أهالي سرى كانيى وهذا ما أسعدني أكثر.

وانا بدوري وباجماع من أراء اخوتي الذين يسكنون في مخيم دار شكرا فقد قدمت روايتي اهداءا مني لكل الحضور بصراحة كنت سعيدة للغاية وقد سعدت بشكل كبير بوجود أقاربنا الذين تعرفنا عليهم مؤخرا وأشكرهم على حضورهم الذين حضرو من منطقة روفيا البعيدة عن منطقة هوليركما و أشكر الحاج عارف رمضان الراعي الفعلي لهذه المؤسسة القيمة والتي تحتضن كل الفعاليات التي تخص الكورد وترفد النشاطات الاجتماعية والثقافية والوطنية التي تخصهم بكل محبة واهتمام واضحين كما وأشكر كل من حضر وقام على نجاح الامسية.

نشكرك على تلبية دعوتنا لهذا الحوار الشيق ، هل لك كلمة أخيرة في نهاية هذا الحوار؟

مرة أخرى اشكر مؤسسة سما كورد التي سبق وأن قامت بطباعة كتاب مترجم لي اشكر كل العاملين والقائمين على كل الفعاليات الثقافية والوطنية والفنية فيها.

أتمنى أن يقرأ الجميع رواياتي وخاصة روايتي الاخيرتين فالاولى فيها تجربة مرضية حقيقية وفيها ملامح مرض نادر يصيب شريحة الشباب بشكل خاص هذا المرض حقا جدير بالاطلاع على حالاته أما روايتي الثانية فهي تقدم رواية مفصلية في عالم الرواية الكوردية عدا عناصر التشويق والاثارة والاهمية الموجودين بين صفحاتها وشكرا من القلب لكم .

قد يعجبك ايضا