لطيف دلو
الحياة مدرسة بكامل مراحلها التدرجية المعلوماتية عن الشؤن افجتماعية والسياسية والدينية والإقتصادية لمن يريد الخوض في دهاليزها لإستبيان المستقبل ومن طيات أحداثها اتذكر من الماضي للعهد الملكي نبأ خطوبة الملك الشاب فيصل الثاني من فتاة تركية وتفشي إشاعات بأن لايجوز للملك الزواج من عراقية باعتباره ابا واخا للعراقيات وبالرغم من التخلف والجهالة وصعوبة العيش كان الأمن والاستقرار مستتبين والمساوات بين المكونات مرضية إلى حد ما تماشيا مع اسس دولة متعددة القوميات والطوائف والاديان ولكن سبغة القومية والطائفية كانت ظاهرة في سياستها ومن ثم ما آل اليه العهد في نهاية دموية مأساوية عام 1958 وإستيلاء العسكرعلى السلطة وتوجه قادتها نحو الشهرة والكبرياء بإهداء ثروات البلاد إلى ملل وشعوب أبسط مواطن فيهم يملك سكنا لا يملكه أغنى مواطن عراقي معظمهم يسكنون في بيوت من الطين او البردي ومدارس من الطين ومنها بقيت الى اليوم بدون أبواب وشإبيك وكانوا يخصصون القسط الاكبرمن الميزانية للأسلحة والمعدات العسكرية تفوق حاجة العراق للدفاع وحتى إلى التوسع والترسانة الحربية بهذا الحجم تحتاج إلى هيئة حكيمة بعقلية راجحة لقيادتها وإلاُ بإمرة قادة ذات عقلية تعسفية قبلية مغررة بالسلطة والمال جلبت الويلات على كثير من البلدان ومنها العراق حيث سببت عدم الإستقرار واستخدمت في الإنقلابات العسكرية وإقتتال داخلي وحربين خليجيتين اودت بحياة الآلاف ومجاعة وقحط قل نظيرهما إلاُ في الحربين العالميتين وفقدان السيادة بدخول التحالف العراق لتصفية النظام وبسقوطه البشع والمخزي في 11 نيسان 2003 كأن لم يكن في البلاد بندقية واحدة وأنحلت كافة القوى المسلحة منها الجيش وقوى الأمن الداخلي وكافة الدوائر الحكومية ونهبت كافة الممتلكات العامة إثرالفقر والمجاعة التي خلفها النظام في البلاد سميت بالحواسم وفقدت الدولة أهم مرتكزاتها الأساسية وهي السيادة والإقتصاد والحكومة واستوت على ارض منزوعة الثروات وشعب انهكه الجوع وقساوة السلطة وكل تلك الترسانة الحربية التي دفعت لثمنها ثروات قرن من الزمن تسربت بعد تفكيكها وتقطيعها كخردة إلى دول الجوار بثمن بخس بسبب العقلية التعنتية الطائشة لقادة البلاد.
أما الحكومات المنتخبة عام 2005 بدستور دائمي جديد ومنها الحالية قد قننوا المسؤلين فيها لأنفسم رواتب ومدخولات أضعاف أقرانهم في دوائر الدولة ليصبحوا أثرياء أعلى ما في الدول الصناعية الكبرى خلال دورة واحدة اربع سنوات دون رحمة بمستقبل الشعب والدولة كأمانة برقابهم ولم يكتفوا بذلك فأستغلوا المناصب للإستحواذ على منافذ التجارة وإرساء المقاولات الحكومية بالسمسرة وكل يعمل على بناء نفسه وتركوا الدولة على انقاض العهود السابقة وشعب يلذع بآلام الفقر والجوع ومن جهة اخرى انتشر الفساد في مفاصل الحكومة من الرشوة والأتاوة ومنها علنا دون خوف من الله ولا الخجل من المواطن واكثرها في التعيين بمبالغ لايتصورها العقل وأقولها كما في الشارع لدى عامة الناس وخاصة الفقراء المحرومون من التعيين والفضائيين من المحسوبية والمنسوبية حدث ولا حرج واليوم يتهافتون على شراء العقارات والاراضي وكافة منافذ العيش خارج حاجاتهم لتأمين اموالهم الفائضة من تقلبات الزمن وقضواعلى الطبقة الوسطى من العمال والكسبة من اصحاب الحرف والمهن والدكاكين الصغيرة التي كانوا يرتزقون منها وهم الطبقة الوسطي السواد الأعظم من الشعب ، العمود المرتكز عليه الدولة في السيادة والإقتصاد وقد اصبحوا تحت رحمة الاثرياء لإشغالهم في مؤسساتهم الاهلية بأجور زهيدة دون تقنين مساواتهم بدوائر الدولة في الرواتب والعلاوات والترفيع والمخصصات وإذا استمر الحال بهكذا تسيب ستكون اجورهم يوما ما إضطراريا لقاء قوت يومهم ومشردين دون سكن وعمل مشرف يملؤن الشوارع إن شئنا ام أبينا.
العقول الطائشة في الشهرة والكبرياء وضعوا العراق على صفيح خال من اديم الحياة والعقول الطامعة استولوا على ثروات البلاد ومنافذ العيش في كافة المجالات للاثراء كما ارى بنايات تهدم وتصبح بين ليلة وضحاها عمارات شاهقة نتيجة الفساد والتسيب على حساب الجياع وبالمقابل الاحظ في البعد عنها بكيلو مترات مواقع الطمر الصحي عليها اكوام البشر ويتكاثرون يوميا يبحثون فيها عن استحقاقاتهم المسروقة من قبل هؤلاء الفاسدين لسد رمقهم ، واتساءل إذا ادخلت تلك المواقع الاستثمار لدى الفاسدين وهو امر محتوم للإستحواذ على آخر مصدر لعيش الفقراء فإلى أين يرحلون .
إن ماجرى في العراق بكل ثرواته الهائلة الى دولة ينخرها الفساد والفقر يلذع بالسواد الأعظم لمواطنيها على بحر من الذهب وينعدم فيها الأمن والاستقرار، هل خطر بذهن قادتها لماذا اختير ملكا للعراق من خارجه لتصحيح المعادلة بما تبيض وجوههم وتدخلهم التأريخ ؟