التآخي ـ وكالات
فاز المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان الذي يدعو للانفتاح على الغرب، بحسب المراقبين، في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي اجريت يوم الجمعة 5 تموز 2024 أمام المرشح المحافظ المتشدد سعيد جليلي المفاوض السابق في الملف النووي.
وفي أول تصريح له منذ إعلان فوزه، قال بزشكيان في تصريح للتلفزيون الرسمي “سنمد يد الصداقة للجميع، نحن جميعنا شعب هذا البلد. علينا الاستعانة بالجميع من أجل تقدّم البلد”.
وقد فاز بزشكيان بنحو 54 في المئة من أصوات الناخبين، في حين بلغت نسبة المشاركة في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية 49.8 في المئة، بحسب وزارة الداخلية الإيرانية.
ووفق نتائج نشرتها وزارة الداخلية، أحصى مسؤولو الانتخابات أكثر من 30 مليون صوت، حصل بزشكيان منها على ما يزيد عن 17 مليون صوت، فيما حصل جليلي على نحو 13 مليون صوت.
وقد انتهت عملية الاقتراع عند منتصف الليل في إيران بعد تمديدها ثلاث مرات، ليصبح مجموع مدة الاقتراع ست ساعات.
وبحسب التلفزيون الرسمي فان نسبة الاقتراع قاربت الـ 50 في المئة، اذ شارك أكثر من 30 مليون شخص، على أن يجري بث نتيجة فرز الأصوات مباشرة على التلفزيون الرسمي، لأول مرة في تاريخ البلاد.
ودُعي نحو 61 مليون ناخب في إيران، الجمعة، للإدلاء بأصواتهم في 58638 مركزاً في أنحاء البلاد ضمن الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة.
وكان المرشد الأعلى للبلاد آية الله علي خامنئي قد دعا إلى مشاركة أكبر في الانتخابات هذه المرة، مع قوله، أن الامتناع عن التصويت لا يعني معاداة النظام.
إذ قال خامنئي يوم الأربعاء 3 تموز تعليقا على تدني نسبة مشاركة الشعب الايراني في الانتخابات التي لم تتجاوز في الجولة الاولى نسبة 40%، إن “الإقبال على التصويت كان أقل من المتوقع”، لكنه أضاف قائلاً إنه “من الخطأ القول إن أولئك الذين امتنعوا عن التصويت في الجولة الأولى يعارضون الحكم الإسلامي”.
ونقل التلفزيون الإيراني الرسمي لحظة إدلاء المرشد الأعلى بصوته، عندما فتحت مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة 8 صباحاً.
وقال خامنئي للتلفزيون الرسمي بعد أن أدلى بصوته صباح الجمعة “بلغني أن حماس الناس واهتمامهم أعلى من الجولة الأولى، وأدعو الله أن يكون الأمر كذلك، لأنها ستكون أنباء مرضية”.
وأضاف “في المرحلة الثانية من الانتخابات، على الشعب أن يكون أكثر عزيمة لحسم نتائج الانتخابات وأن يكون لدينا رئيس غداً”.
كما أظهرت لقطات تلفزيونية رسمية الناخبين وهم يصطفون خارج مراكز الاقتراع في وسط إيران، في حين قال مراسلو وكالة فرانس برس إن مراكز الاقتراع بدت أقل ازدحاما في العاصمة طهران.
وجرت هذه الانتخابات وسط حالة استياء شعبي ناجم خصوصا عن تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب العقوبات الدولية المفروضة على إيران؛ كما تتزامن مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط بسبب الحرب بين إسرائيل وحليفة إيران في غزة، حركة حماس وكذلك حزب الله في لبنان، فضلاً عن الضغوط الغربية المتزايدة على إيران بسبب برنامجها لتخصيب اليورانيوم.
ومن غير المتوقع أن يحدث الرئيس المقبل أي تحول في سياسات طهران تجاه البرنامج النووي أو تغييراً في دعمه لمجموعات “الميليشيات” في جميع أنحاء الشرق الأوسط، لكنه سيدير مهام الحكومة اليومية ويمكنه أن يؤثر على لهجة إيران في سياساتها الخارجية والداخلية.
وبرغم أن بزشكيان لا يبدي اعتراضاً على الحكم الديني في إيران، إلا أنه تعهد باتباع نهج مختلف، منتقدا تصرفات شرطة الأخلاق، التي تفرض قواعد “غير أخلاقية” صارمة على النساء.
وفي تصريحات خلال حملته الانتخابية، قال بزشكيان إن “الناس غير راضين عنا”، خصوصا بسبب عدم تمثيل المرأة، وكذلك الأقليات الدينية والعرقية، في السياسة.
وفي السياسة الخارجية، يدعو بزشكيان، البالغ 69 عاماً، إلى خفض التوترات الدولية واستعادة الدبلوماسية النشطة والمشاركة البنّاءة مع العالم.
ويجادل منافسوه المحافظون بأنه يهدف إلى مواصلة سياسات إدارة حسن روحاني التي يرونها فاشلة، فيما شكك كثير من الناخبين في قدرته على الوفاء بوعود حملته الانتخابية، في حين كانت شخصيات معارضة في داخل إيران وكذلك في الشتات، قد دعت إلى مقاطعة الانتخابات، عادة أنّ المعسكرين المحافظ والإصلاحي وجهان لعملة واحدة، بحسب وصفها.
وقد تعهد بزشكيان، الذي شغل منصب وزير الصحة سابقاً، بإصلاح النظام الصحي، وتحسين جودة الخدمات الطبية، وتقليل تكاليف العلاج.
وشدد بزشكيان على تحسين الظروف التعليمية وزيادة جودة المدارس والجامعات، كما يدعو إلى أن تؤدي النساء أدوارًا نشطة ومتساوية في جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وسيكون تأثير نتيجة الانتخابات محدوداً على توجّه البلاد لأن للرئيس في إيران صلاحيات محدودة. وتقع المسؤولية الأولى في الحكم في الجمهورية الإسلامية على عاتق المرشد الأعلى الذي يُعد رأس الدولة، أما الرئيس فهو مسؤول على رأس حكومته عن تطبيق الخطوط السياسية العريضة التي يضعها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
ودُعي نحو 61 مليون ناخب في إيران الجمعة للإدلاء بأصواتهم في 58638 مركزا في أنحاء البلاد الشاسعة، من بحر قزوين شمالا إلى الخليج جنوبا.
وهذه الانتخابات التي جرت دورتها الأولى في 28 حزيران نظمت على عجل لاختيار خلف لإبراهيم رئيسي الذي قتل في حادث مروحية في 19 مايس الماضي.
وفي الدورة الأولى، نال بزشكيان 42.4 بالمئة من الأصوات في مقابل 38.6 بالمئة لجليلي المعروف بمواقفه المتصلبة في مواجهة القوى الغربية، فيما حل ثالثا مرشح محافظ آخر هو محمد باقر قاليباف، رئيس مجلس الشورى.
وحظي بزشكيان بتأييد الرئيسين الأسبقين الإصلاحي محمد خاتمي وحسن روحاني.
ويدعو بزشكيان إلى إيجاد حل دائم لقضية إلزامية الحجاب، أحد أسباب حركة الاحتجاجات الواسعة التي هزت البلاد في نهاية العام 2022 إثر وفاة الشابة مهسا أميني في ايلول 2022 بعد توقيفها لعدم التزامها قواعد اللباس الصارمة.