شيركو حبيب
تعتبر زيارة الزعيم الكردي مسعود بارزاني إلى بغداد عاصمة العراق أمرا اعتياديا، إلا أن حضوره بالأمس إليها كان تأريخياً، واستقبال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع سوداني له لم يكن عاديا هذه المرة.
حضر بارزاني إلى بغداد بأجوائها الخلابة حيث دجلة الخير، وأبو نؤاس والشورجة و شارع الرشيد، و بغداد من المدن الجميلة في العالم وكانت دار العلم يأتي إليها الجميع من مشارق و مغارب الدنيا، فهي أجمل مدينة بحسب وصف المؤرخين والرحالة والسائحين وأحب المدن إلى قلب الزعيم الكردي حسب وصفه لها.
زيارة بارزاني لبغداد هذه المرة بدت مختلفة تماما عن المرات السابقة وكانت محط اهتمام دولي تجسد فى لقاءات سفراء كافة الدول العظمى وإصرارهم على مقابلة الزعيم الكردي ومتابعة نتائج لقاءاته مع رئيس الوزراء العراقي وقادة بغداد، لأن بارزاني لم يحضر فقط لحل مشكلات قانونية ودستورية وسياسية بين المركز والإقليم، وإنما لأجل بناء وطن عراقي اتحادي الجميع فيه سواسية يتمتعون بحقوقهم الدستورية المؤيدة بالشراكة والإخاء والمفعلة بالتوزان بين كافة مكونات الوطن العظيم.
بارزاني جاء إلى بغداد لأجل بناء دولة مدنية ديمقراطية وتوحيد الكلمة والصف، وحل الخلافات بين بغداد وأربيل ووضع النقاط على الحروف لأجل حماية الحقوق الدستورية لكل العراقيين ونشر السلام، ليبرهن للجميع مرة أخرى على أن الشعب الكردي عامل استقرار في العراق والمنطقة، لم يعاد بغداد و لا شعبها يوما من الأيام.
عبر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع سوداني عن إدراكه لزيارة الرئيس بارزاني و قيمتها ومغزاها والفرصة التأريخية التي تحملها لابعاد العراق عن أية مخاطر و شقاق والنجاة بمكوناته من مصير لا يتمناه أحد، وقد أدرك قادة بغداد أيضا حقيقة أن بارزاني جاء ليؤكد مجددا على أن العرب و الكرد إخوة و شركاء في الوطن في السراء والضراء، وأن استقرار البلد وًحل المشاكل داخليا دون أجندات خارجية لا مفر منه ولا مطلب غيره لكافة العراقيين.
إن الشعب الكردي يدافع دوما عن الديمقراطية في العراق إبان ثورتي أيلول و كولان، وبارزاني في بغداد ليقول بأن الكرد لم يحاربوا الشعب العربي الشقيق، بل كان صراعهم مع من هدم وخرب بغداد وحاول إبادة الشعب الكردي وظلم العراقيين كافة و دمر مستقبلهم بين حروب وحصار ومحاولات الحروب الاهلية و الطائفية ، وأن بناء السلام يعني إعادة إعمار العراق ومواجهة الإرهاب.
إن ضمان الحقوق الدستورية للكرد مطلب رئيسي والسعي له أمر مشروع ضمانة لاستقرار العراق و سلامته، بارزاني هناك ليقول “كفى كراهية وحقدا”، فالكورد جزء أساسي من وطن يقترن بناء مستقبله بالشراكة والأخوة والمحبة، وفي ظننا أن الفرص التاريخية لا تتكرر كثيرا، والزعماء لا يكرر التاريخ حضورهم بانتظام، والواقع الذي يعيشه العراق يؤكد حاجته ومواطنيه إلى جهود مشتركة لأجل استدامة خطط وتصورات بناء مستقبله بعدما صار في ذيل الأمم عقب حروب وانقسامات.