سردار علي سنجاري
استقبلته بغداد كعادتها بالحفاوة والترحيب . شعر المخلصون من ابناء الشعب العراقي بكافة المكونات انها زيارة تأريخية و ربما تضع الكثير من النقاط على الحروف وتجنب العراق العديد من الأزمات . وبالمقابل ربما يمتعض البعض من تلك الزيارة لان مصالحم الشخصية باتت في خطر لطالما وضع العراق الحالي هو الأنسب لاستمراريتهم وبقائهم على عرش المال العراقي .. الرئيس البيشمركة مسعود بارزاني بين راغب في زيارته وهم الأغلبية التي ترغب بجدية في إنقاذ العراق من الآلام التي إصابته من جراء النزاعات الطائفية والإثنية والسياسية والاختلافات بين المكونات الاجتماعية التي حتى الامس القريب كانت تعيش تحت سقف الانسانية والوطنية لا تفرقها الاسماء الطائفية او القومية او العرقية.
وبين رافض للزيارة وهم القلة المستفيدة من الخلافات والذين مارسوا الفكر الطائفي المقيت منذ سقوط الديكتاتورية في سنة ٢٠٠٣، هولاء الذين فقدوا الكرامة الوطنية و تلطخت اياديهم بدماء الأبرياء من الشعب العراقي . ان الذين يعارضون اي تقارب وطني يقود إلى حلحلة الأزمات وعودة العراق إلى الصف الحضاري والإنساني هم تلك الفئة التي ابتعدت عن القيم الوطنية و اصبحوا تجار الدم والسياسة على حساب الفقراء والمساكين وجنوا المليارات من الدولارات بطرق غير شرعية بينما غالبية الشعب العراقي مازال يعيش تحت خط الفقر .. هؤلاء بالتأكيد لايرغبون في رؤية شخصية عراقية كبيرة ووطنية لها تأريخ كبير ومشرف في النضال ولها مكانة محلية واقليمية ودولية وتعتبر من الشخصيات المؤثرة على القرار السياسي العراقي كشخصية الرئيس مسعود البارزاني .
لذا سوف يحاولون جاهدين ان يضعوا العراقيل امام اَي تحرك فيه خير للعراق و للعراقيين كشعب واحد متعدد القوميات والطوائف . وسوف يسعون الى اللجوء الى ضعفاء النفوس من الكورد ليكونو لهم بوقاً للمساس بالمبادرة التأريخية والوطنية التي تبناها الزعيم الكوردي البارزاني في بناء عراق ديموقراطي فيدرالي . ولكن بالمقابل هناك الملايين من ابناء الشعب العربي العراقي وبالأخص هؤلاء الذين اضطرتهم الظروف الى ترك ديارهم والنزوح الى مناطق الإقليم والذين لمسوا خلال السنوات الماضية ، ماهية الأخلاق الكوردية من كرم وحسن استقبال وتقبل الآخر واحترام فكره ودينه وطائفته .وهولاء يتذكرون جيدا عندما زارهم الرئيس مسعود البارزاني في مخيماتهم وتحدث معهم وقال انهم ضيوف كرماء عليه . هؤلاء اليوم هم الصوت الحقيقي للرد على تلك الأبواق والفقاعات السامة.
ان العلاقات الكوردية العربية وبالأخص بين كورد العراق وعربه قد تكون مرت في فترات سلبية وذلك لسوء ادارة الدولة العراقية المتعاقبة للقضية الكوردية وعدم تقبل الشعب الكوردي كشعب له خصوصيته التاريخية والثقافية واللغوية ومن حقه ان يمارس حياته ضمن تلك الخصوصية المشروعة دينا و خلقا ودستورا. ولكن في مجمل التأريخ الذي ربط الكورد بالشعب العربي كانت علاقات إيجابية وتلاحم حقيقي ونضال ضد المحتلين منذ الحروب الصليبية التي كانت الدولة الأيوبية بقيادة كوردية والتي وقفت بوجه اكثر من ٣٠ دولة أوروبية آنذاك وانتصرت وحققت للإسلام والعرب انتصارا مازالت الأجيال تردده الى يومنا هذا . وفي العصر الحديث وقف الكورد والعرب في خندق واحد ضد الاحتلال الإنكليزي وقاوموا الاحتلال الذي جاء بسياسة فرق تسد ونجح الى حد ما في تعزيز سياسته ضمن هذا المفهوم.
واليوم وفي العديد من الأحداث التحمت الدماء الكوردية و العربية في مقاتلة داعش الإرهابي الذي حاول ان يجد لنفسه مبررات في محاربة الكورد وحاول تعميق الخلافات بين الشعبين الكوردي والعربي.
ان الزيارة التأريخية لجناب السيد الرئيس مسعود البارزاني لبغداد وهذا الأستقبال و الحفاوة الكبيرة من قبل كافة الشخصيات السياسية العراقية والاجتماعية والاقتصادية والتي كان للكثير منهم موقف سلبي من الاستفتاء الذي صوت عليه الشعب الكوردي بنعم من اجل حق تقرير المصير.
ولكن تبين للجميع ان لا حل سياسي في العراق دون اربيل ودون شخص السيد مسعود البارزاني الذي كان دوما صمام الأمان في العراق لتأريخه ونضاله وإخلاصه وإيمانه بالسلام والتآخي بين الشعبين الكوردي والعربي.
اننا ككورد اليوم بحاجة الى تعزيز العلاقات مع بغداد بما يخدم الشعبين والطرفين وكافة المكونات والأقليات وبالمقابل على بغداد إثبات حسن النوايا باتجاه الكورد والأقليات الدينية وتحقيق طموحاتهم الانسانية العادلة . وان نبدأ معا يدا واحدة لبناء وطن يحترم فيه الجميع تحت سقف الدستور والشرعية وان لا يتم التعامل على الأسس الاثنية او القومية او الطائفية، بل تكون المواطنة هي المعيار الاول في التعامل مع الجميع.
كلنا أمل بما يقوم به السيد رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني من خطوات إيجابية لعودة العراق إلى ماضيه الحضاري والإقليمي والدولي والتقارب بين الشعبين الكوردي والعربي . آن الأوان ان يتنفس الشعب العراقي الصعداء ويعيش بكرامة ويشعر بالأمان والاستقرار في وطن مزقته الحروب الطائشة والفكر الطائفي .