د. يوسف السلوم
في عصرنا الحاضر عصر الإعلام الرقمي، لم تعد الأخبار تصنعها المؤسسات الصحفية الكبرى فقط، بل أصبح الفرد البسيط بكاميرة هاتفهُ قادرًا على إشعال موجة رأي عام واسعة تُعرف بـ”الترند”، هذا المصطلح الذي تسلل إلى يومياتنا الرقمية، بات أكثر من مجرد منشور يتصدر المنصات الرقمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بل تحوّل إلى ظاهرة اجتماعية وثقافية تؤثر على سلوك الأفراد في المجتمع.
فما هو الترند؟ هو موضوع يحظى باهتمام واسع على وسائل التواصل الاجتماعي في وقتٍ محدد، سواء كان خبرًا، أو فيديو، أو موقفًا، أو حتى مزحة عابرة، وتختلف أسباب انتشاره بين ما هو عفوي يعكس مشاعر الناس، وما هو مُدبّر تقف خلفه جهات تسعى للتأثير في الرأي العام والاخلال بالنظام العام من خلال الاساءة الى الآداب والاخلاق العامة، و حيث أن الشباب هم وقود الترندات، وصناع محتواها الأساسيون فهم من له الدور الكبير في أنتشار ظاهرة الترندات ، غير أن الاندفاع وراء “الترند” أصبح في بعض الأحيان سببًا في تغييب الوعي لدى البعض، حيث يسعى البعض لجذب الانتباه بأي وسيلة كانت، ولو كانت على حساب القيم المجتمعية والآداب والاخلاق العامة أو حتى على حساب السلم المجتمعي.
و في مواجهة هذه الظاهرة، يقف المجتمع والدولة على حداً سواء أمام خيار صعب هو حماية حرية التعبير التي كفلها الدستور من جهة، وضبط الانفلات الرقمي الذي قد يتسبب في انهيار القيم المجتمعية من جهة أخرى، و المطلوب هنا ليس قمع ظاهرة الترندات، بل تعزيز الوعي الرقمي لدى المجتمع، وتطوير القوانين التي تنظم استخدام المنصات الاجتماعية دون المساس بالحقوق الأساسية.
خلاصة القول أن ظاهرة الترندات لم تعد شأناً افتراضيًا فقط، بل صارت ظاهرة اجتماعية حقيقية، تكشف توجهات المجتمع، وتُظهر أولوياته، لكنها تحتاج إلى وعي جماعي يُميز ما بين الترند العابر والحدث المهم، وبين التعبير المشروع والفوضى الرقمية.