د. محمد طه الهدلوش
تعرف القواعد المادية او قواعد قانون التجارة الدولية العرفي بشكل عام على أنها(ذلك القانون الذي يضع مباشرة تنظيماً خاصاً ومستقلاً عن كل قانون داخلي , لبعض العلاقات القانونية بالنظر الى صفتها الدولية), وكذلك تعرف(بانها مجموعة المبادئ والنظم والقواعد المستمدة من كل المصادر التي تغذي باستمرار وتواصل تغذية البناء القانوني وسير جماعة العاملين في التجارة الدولية) ويظهر من هذا التعريف ، انه يؤكد على القواعد المادية على اعتبارها القواعد المكونة للقانون التجاري الدولي ، ولهذا فهي تشمل ، كما يقول الاستاذ (كولد شتاين) المبادئ العامة للقانون والنظم العابرة للدول وغيرهما، كذلك يقول (كولدانك) ان العلاقات الاقتصادية الدولية من الممكن ان تكون محكومة تماما بمجموعة من القواعد المحددة بما فيها الاعراف العابرة للدول والمبادئ العامة للقانون او قانون الدعوى التحكيمي (Arbitral case law) وهذه المبادئ العامة للقانون لا تقتصر على ما اشارت اليه المادة 38 (ج) من النظام الاساسي لمحكمة العدل الدولية ، وانما تشمل ايضا المبادئ التي تنشأ بصورة متزايدة من خلال العادات العامة والثابتة في التجارة الدولية , في حين يعرف الدكتور (احمد عبد الكريم سلامة) القواعد المادية بانها (مجموعة القواعد التي تضع مباشرة حلولا موضوعية لمشاكل العقود الدولية للتجارة) ، والتي تفترق بذلك عن قواعد الاسناد التي تحتويها النظم الوطنية في القانون الدولي الخاص, كذلك تعددت تعريفات القواعد المادية للتجارة الإلكترونية , فذهب البعض، الى أنها (مجموعة القواعد التي تضع مباشرة تنظيماً موضوعياً خاصاً للمعاملات التجارية التي تبرم عبر الشبكات الالكترونية ) , وتتكون هذه القواعد من مجموعة العادات والاعراف والممارسات المقبولة والمستقرة في المجتمع الافتراضي التي طورها القضاء ومستخدمو الشبكة العالمية وحكومات الدول والهيئات الحكومية والغير حكومية , في مجال تقنية الاتصال والمعلومات , ويفضل الدكتور (صالح المنزلاوي) إطلاق اصطلاح القواعد المادية للتجارة الإلكترونية(Les matérielles du commerce électronique) على مجموعة القواعد التي تضع تنظيما مباشرا وخاصةً للروابط القانونية التي تتم بالوسائل الإلكترونية تمييزا لها عن القواعد المادية للتجارة الدولية ، وعن تلك القواعد المادية التي يضعها المشرع الوطني لتحكم روابط القانون الدولي الخاص بشكل مباشر، وايضاً لاختلافها عن قواعد الإسناد التي تتضمنها النظم القانونية الوطنية، فهي قواعد تستجيب في مضمونها و أهدافها للمعاملات الإلكترونية على نحو أفضل.
وقد عرفها البعض الآخر بأنها( مجموعة القواعد القانونية غير الرسمية المطبقة في نطاق التجارة الالكترونية) ، وكذلك على انها (مجموعة قواعد تلقائية ذات طبيعة موضوعية خاصة بالروابط القانونية التي تتم عبر الشبكات الإلكترونية).
بناءً على ما ورد اعلاه فقد تعددت ايضاً تسميات الفقه للقواعد المادية الخاصة بعقود التجارة الإلكترونية ، فمنهم من اطلق عليها اصطلاح القانون الإلكتروني (lex electronica) أو قانون الاتصالات lex numérica أو القانون الافتراضي (lex virtual) أو القانون الرقمي (lex (numerica أو قانون التجار الجديد lex corporative وكذلك من اطلق عليها مصطلح القانون الطائفي وآخرون اطلقوا عليها قانون الفضاء الافتراضي المشترك(cybrspace common law) او قانون عبر الدول( droit transnational), إلا ان اتجاه آخر يميل إلى تسميتها على غرار القواعد المادية للتجارة الدولية.
ومن خلال التعاريف اعلاه ان القواعد المادية للتجارة الالكترونية قد تكونت مما درج عليه العمل في المجتمع الإلكتروني من قبل الحكومات والهيئات ذات العلاقة والمستخدمون -من عادات و ممارسات- بحيث عملت على تطويرها المنظمات ذات الطابع الدولي , الحكومية وغير الحكومية ، مثل لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي و غرفة التجارة الدولية و منظمة التعاون و التنمية الاقتصادية وغيرها, من خلال ايجاد افكار جديدة تسعى من خلالها إلى التعامل الموضوعي مع عقود التجارة الإلكترونية بما يتيح الثقة لكافة الأطراف في حال ظهور قواعد موحدة دولية خاصة تطبق مباشرة على عقود التجارة الإلكترونية , لتميزها عن القوانين الوطنية و قواعد القانون الدولي الخاص التي تنظم تنازع القوانين.