امرأةُ البحر… حينَ يبكي الأفق

ماهين شيخاني

مقدمة
في لحظات التأمل على ضفّة الحياة، حين تتشابك الأزمنة وتتماهى العتمة مع الضوء، تستيقظ فينا الحكاياتُ القديمة وتستدعي أرواح الأمكنة…
هذه القصيدة كُتبتُها وأنا مسكونٌ بصورةٍ بقيت عالقةً في الوجدان…
امرأةٌ تمشي على ضفة البحر، حافيةً، حالمةً، تحملُ في عينيها تعبَ العصور وشغفَ البدايات…
لقد استلهمتُ هذه الصور من الأغنية الرائعة «على صدر البحر» للفنان الكبير محمود عزيز، تلك الأغنية التي كلما رآني الفنان الكبير في الحفلات اهداها لي , الكلمات التي همستْ لي بين النوتات والأمواج، ومنحتني هذا البوحَ الشعري…
لكلّ من مشى ذات مساءٍ على ضفةٍ ما…
لكلّ من حملَ حنينه بين الموج والريح…
أهدي هذه القصيدة…

على ضفّةِ البحرِ
تمشي… حافيةَ الخطواتِ
عاريةَ القلبِ
والدنيا… تدخلُ عالَمَ السوادِ

كأنّ الليلَ ابتلعَ النهارَ
واحتسى بريقَ الأمل…

البحرُ والسماءُ…
يتعانقانِ بشغفِ عاشقَينِ
ثملينِ بالعشقِ
يُقبّلانِ بعضَهما…
والأفقُ يذوبُ بينَ شفاهِهما…

أصبحتِ الدنيا
كلُّ مكانٍ فيها… سوادٌ…
والظلامُ…
سماؤهُ كنجومٍ ناريّةٍ
تُطلقُ تنهّداتِها في الريح…

الأشجارُ…
منحنيةُ الظهرِ
مُثقلةُ الجراحِ
بقيتْ… مجروحةَ القلب…
تنتحبُ على أوراقِها
بينَ شدوِ الكروانِ
وأنينِ البلابل…

في كفِّها
قُبلةٌ من رملِ الشاطئِ
ورجفةُ موجةٍ…
تُحاولُ أن تعودَ أدراجَها

وفي عينيها
عاصفةُ وجْدٍ
تُراوغُ دمعةً…
تَرفضُ السقوطَ…

تمدُّ يديها إلى المدى
تسألُ الليلَ:
أما مِن فجْرٍ… يعيدُنا إلى ضوءِ الحكايات؟
أما مِن بحرٍ
يُعانقُ الخُطى الضائعةَ؟
أما من سماءٍ
تُهدهدُ حزنَ الأشجار؟

وتمضي…
تخطُّ قصيدةَ الصمتِ
على جسدِ الرمالِ
وترسمُ وجهَ الفقدِ
في زَبَدِ البحرِ…

يا امرأةَ البحرِ…
يا طيفَ الأفقِ الباكي…
كأنكِ آخرُ ما تبقّى من الحلمِ
وأوّلُ ما يذوبُ في الزمانِ…

فامضي…
وامنحي للبحرِ سرَّكِ
ولتُعانقكِ غيمةٌ
تحملُ أمانيكِ إلى أبعدِ مدى…

قد يعجبك ايضا