في ذكرى شاعرين مقاومين: روبير ديسنوس وفرهاد عجمو ، أخوّة في النور والكلمة

آناهيتا حمو. باريس
الثامن من حزيران ، ذكرى رحيله الثامن ،ليس يوماً عادياً. إنه تاريخ يجمع بين رحيل شاعرين عظيمين، يفصل بينهما ثمانون عاماً على رحيل الشاعروالفنان الفرنسي ديسنوس، ولكن توحّدهما الرسالة الإنسانية للريشة نفسها على إختلاف الأمكنة ،أوروبية، أوشرق اوسطية كُردية : روبير ديسنوس، الشاعر الفرنسي السريالي والمناضل في صفوف المقاومة، الذي قضى في معسكر تيريزين النازي عام 1945، وفرهاد عجمو ، الشاعر الكردي سليل المجد وثورة الملا مصطفى البارزاني الخالد الذكر، والبارز، الذي رحل في مثل هذا اليوم من عام 2017، تاركاً وراءه أكثر من ستين ديواناً شعرياً، وموقفاً نادراً في الدفاع عن هوية شعبه بلغته الأم الكُردية العريقة وصان حقوق أطفال الكُرد.

ديسنوس، الذي قاوم الاحتلال النازي بالكلمة والسرّ، كتب الشعر كمن يخبئ الضوء في جيب معتم. لم يتخلّ عن إنسانيته في وجه البشاعة، وكان الحلم عنده سلاحاً من نوع خاص. قال عنه جان فيرات في أغنيته: “أفكر فيك، ديسنوس”، وكأن الشاعر لا يُغادر، بل يتحول إلى نَفَس في القصائد.

أما الفنان والشاعر الذي أحيا وخلد اللغة الأم العريقة الكُردية، فرهاد عجمو، ابن مدينة قامشلو الكُردية، فقد كتب بالكردية رغم المنع، وواجه المحو باللغة والحب والقيم النبيلة والحنين. دافع عن اللغة التي حاولت السلطات محوها، وأحب شعبه بكل ما في القلب من شعر. كتابه “لاندِك” هو علامة فارقة في الشعر الكردي الحديث، فيه يتجلّى الحس المقاوم، العاشق، والمتجذّر في الأرض.

شاعران، لغتان، زمنان ، لكنهما حملا الهّم نفسه: أن تقول “نحن هنا” حين يُراد لك أن تختفي. في وجه الإحتلال أو القمع الثقافي، كان الشعر عندهما فعل بقاء، وفعل مواجهة.

روبير كتب مدينته باريسه، وفرهاد غنّى قامشلو مدينته حبه الأوحد، وكلاهما طوّع الحروف ليصنع منها وطناً لمن لا وطن لهم. من خلالهما، نفهم أن الشعر ليس ترفاً فحسب أوفناً بل إلتزام وإنتزاع حقوق الإنسان الكُردي وحريته المشروعة وإستقلاله المشروعة، بل مقاومة مستمرة، وذاكرة حية، وعناد في وجه النسيان.
اليوم، لا نرثيهم، بل نستدعيهم. نقرأ قصائدهم، نعلمها لأطفالنا، نرددها في الأزقة، وفي المدارس، وفي الساحات، لأن الشعر لا يموت حين يُقال بصدق. لأن الحق في الحلم لا يُقتل.
ففي أحد أعماله بعنوان ” حبك “،” Evîna Te » حيث خلّد الحب والصروح الحضارية وسخرها كقيمة ثقافية كُردية وفنية كقيمة عليا ولا ينفصل الحب حسب قصائده عن تاريخ الوطن العظيم كُردستان ومآسيه، “،كهف شانيدره “، “ممو زين ”
في ديوانه خصصها للطفولة الكُردية، يحمل قضية شعبه”الارجوحة”، وبالتحديد في قصيدة “جوكو”، ”
وإذا ما حلّ الربيع إخرج من المخبأ
عدّ إلى عشك أيها العصفور ولا تأبه بالصّعاب ”
في قصيدته ” Çûko يخاطب ويدعوه ،
الإنسان الكُردي المهاجر يتمنى ويرجو عودة الأصدقاء والاحبة لطالما كان يقدّس الصداقة، موطنه كُردستان حبه الأوحد لم يغادرها إلى أن وافته المنّية وصعدت روحه إلى جوار ربه ،في روجافا كوردستان في مقبرة الهلالية بناءاً على وصيته وذلك من خلال لقاء أجرته قناة روداو قبل رحيله والتي تبّث من إقليم ” كُردستان.”
Herêma Kurdistana Azad

قد يعجبك ايضا