ازمة رواتب اقليم كوردستان بين الحقوق والمسؤوليات

ازاد حميد شفي*

واجه الكورد وعبر التاريخ تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية جسيمة من قبل الانظمة السياسية الحاكمة التي ارادت النيل من ارادة هذا الشعب المناضل، وتعرض الى ابشع صور المآسي من ابادة وتهجير وتسفير والانفال واستخدام الاسلحة الكيميائية المحرمة دولية، وغيرها من الممارسات البعيدة كل البعد عن القيم الانسانية وحقوق الانسان.

واستبشر الكورد خيراً بعد تغيير النظام السياسي في العراق بعد ٢٠٠٣ والذي كان لهم دور كبير في بناء العملية الديمقراطية، ان العقلية الحاكمة في السابق ما تزال موجودة في الحكومات الحالية ومحاربة اقليم كوردستان بين فترة واخرى وبحجج واساليب مختلفة، واخرها قطع رواتب موظفي اقليم كوردستان.

وهذا الموقف يذكرنا بكتابات عالم الاجتماع العراقي “علي الوردي” حين تناول ازدواجية الفرد العراقي في سياق التحليل الاجتماعي والثقافي، والتضارب بين القيم التقليدية والحداثة، وبين الهوية الثقافية العراقية والتأثيرات الخارجية، وما نشاهده اليوم من الازدواجية وصلت الى قمة الهرم في السياسة العراقية، حيث نلاحظ ازدواجية في المواقف والتصريحات السياسية، خاصة عند التعامل مع القضايا الحساسة أو المثيرة للجدل، وخير دليل على ذلك تصريح سابق لرئيس مجلس الوزراء العراقي “محمد شياع السوداني”، حيث اكد بان موضوع رواتب اقليم كوردستان من صلاحيات الاقليم وتكون ضمن حصتهم المقررة ١٢.٦٧٪؜، واليوم يتحدث بكلام اخر، تتناقض عن تصريحاته السابقة.

إن الإجراءات التي تتخذها الحكومة الاتحادية تُعد استهدافًا سياسيًا مباشرًا لإقليم كوردستان ومواطنيه، وتجاهلًا صريحًا لقرارات المحكمة الاتحادية والاتفاقيات المالية المبرمة بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية. هذا القرار يُشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية، فضلاً عن كونه مخالفًا للدستور العراقي الذي يؤكد على المساواة أمام القانون دون تمييز، لذا قرار قطع الرواتب عن مواطني الإقليم يتنافى مع المبادئ الدستورية ويُعد انتهاكًا جسيمًا لأبسط مبادئ حقوق الإنسان.

ان سياسية التجويع التي تمارسها بغداذ ضد اقليم كوردستان لن ينال من ارادتهم الصلبة، وكما قال الرئيس مسعود بارزاني عندما وضع النقاط على الحروف، في احدى تصريحاته بان الشعب الكوردستاني لم يبدأ نضاله أو ثورته من أجل الرواتب أو المعونات المالية، بل كان الدافع الأساسي للنضال الكوردي هو الكرامة، والحرية، وبناء عراق ديمقراطي، تعددي، وفيدرالي، يضمن حقوق جميع مكوناته، أما اليوم، فإننا نواجه تعقيدات ومماطلات أصبحت تمس جوهر شراكتنا في العراق.

نعم، يمكن القول إن الكثير من الصراعات الحديثة تتخذ أشكالًا اقتصادية، حيث يتم استخدام العقوبات الاقتصادية، وقطع الموارد، والتلاعب بالأسواق كأدوات للضغط أو تحقيق أهداف سياسية. في سياق إقليم كوردستان، يمكن أن تكون الحرب الاقتصادية تظهر من خلال قطع الرواتب والتحكم في الموارد المالية، مما يؤثر على استقرار المنطقة ورفاهية شعبها.

ويأتي اليوم عيد الاضحي المبارك بظروف خاصة على الشعب الكوردستاني في ظل أزمة حادة، حيث تُقطع رواتبهم ومستحقاتهم بقرارات غير عادلة من الحكومة الاتحادية. هذه السياسة تُعتبر شكلاً من أشكال التجويع الجماعي، وهي لا تقل خطورة عن الانتهاكات السابقة التي تعرض لها الشعب الكوردي، مثل حملات الأنفال والقصف الكيميائي والإبادة الجماعية، والتهجير والتسفير ومصادرة الممتلكات. إن هذا الوضع يُعبر عن استمرار المعاناة والظلم الذي يتعرض له الشعب الكوردستاني.”

وختاما نؤكد على تصريح الرئيس مسعود البارزاني “بان استقرار العراق مرهون بالالتزام بمبادئ الشراكة والتوازن والتوافق” وتطبيق الدستور الذي يجب أن يكون داعماً وبمثابة القبس لهذا الطريق، حيث يمنح الالتزام بالدستور العديد من المكتسبات للشعب، لذا على جميع الجهات السياسية العراقية دعم هذا الاتجاه واحقاق حقوق مواطني اقليم كوردستان والعمل معاً من اجل عراق ديمقراطي فدرالي ينعم فيه الجميع بالامن والاستقرار والمساواة والعدالة الاجتماعية..

*مسؤول الفرع الخامس PDK

قد يعجبك ايضا