الحنين الى الماضى

شيركو حبيب

وأنا أتصفح كعادتي صحيفة الأهرام الغراء ليوم الجمعة أول أيام عيد الأضحى المبارك، جلب انتباهي مقال للكاتب الصحفي الصديق العزيز الأستاذ علاء ثابت، والذي كتبه تحت عنوان “صلةً الأرحام و رسالة حنين”.
الأستاذ الفاضل بمقاله الرائع أرجعنا إلى الماضي البعيد والعصر الذهبي للعلاقات الاجتماعية و الحنين، فمن منا لا يحن إلى تلك الحقبة من الزمن التي كانت فيها العلاقات العائلية المتينة سمة من سمات الحياة، فذكر الكاتب عند دخوله الجامعة أنه كان يحن لبلدته واتصاله بأهله عن طريق السنترال، و الشوق إلى العيد كى يذهب إلى أهله و يجتمع معهم.
مررنا جميعا بهذه التجربة، فرغم بعد المسافة عن الأهل، إلا أن القلوب كانت قريبة، كنا نفكر في الإجازات لزيارة الأحبة وقضاء أوقات ممتعة في السهر و السمر نتبادل ألاحاديث و الطرائف.

يا صديقي العزيز؛ رغم محاسن التكنولوجيا والتقدم العلمي والمعلوماتي، إلا أننا حرمنا من الحنان و العواطف و التقارب، أصبح الهاتف بين أيادينا أداة للتنافر وسببا للتباعد لا للم الشمل، ويقال العيد لمة لكن بفضل هذه الأجهزة أصبح العيد مجلس صمت وفرقة، حتى في الأحزان و الأفراح قليلا ما نشارك فقط برسالة كتابية أو صوتية، فنقول “نشارككم الأحزان” أو “ألف مبروك” ، هكذا حال الدنيا اليوم.

صدقني يا أستاذ علاء، كنا نعرف من يسكن في المنطقة لسابع جار كنا نشارك الجميع في السراء و الضراء، كانت مصيبة أحدهم مصيبتنا جميعا، و أفراحهم أفراحنا، كنا نساعد بعضنا البعض دون مقابل، والآن يا صديقي أصبحت اللقاءات بين الإخوة والأقرباء “رنة موبايل”.
رغم بساطة الحياة آنذاك لكن القلوب كانت صافية، والعلاقات حميمية دون مصالح، كنا نعيش ببساطة دون تعقيدات الحياة التي نواجهها اليوم، الناس بسطاء و الحياة هادئة هنية، لا نعرف الحقد و الكراهية و لا نركض وراء المال و المصالح الشخصية، لم يكن لدى الناس كراهية و تجاه بعضهم أو فضول يدفعه الحسد تجاه غني أو مستور أو مشهور، كان الحب مجانيا وطوعيا، والأخلاق تسمو وحدها بمكانة الفرد بين أبناء مجتمعه، فياليت الحياة تعود بنا عقودا نستعيد فيها الود والطمأنينة والسكينة والرضا، ونسعد بأعيادنا الخالية الآن من بهجة حقيقية.

قد يعجبك ايضا