ارهاصات بيئية الماء المالح همّ البصريين الدائم

 

صادق الازرقي

يظهر ان مشكلة الملوحة وعدم توفر الماء الصالح للشرب وحتى للغسل، اصبحت مقترنة بحياة البصريين، في ظل تقاعس وعجز الحكومات المتعاقبة عن معالجة الموضوع برغم اقرارها بزيادة معدلات الملوحة وتأثير ذلك على حياة السكان.

يحدث ذلك برغم توافر الأموال المطلوبة للتحرك في هذا المضمار لتوفير الماء الصالح للشرب لسكان تلك المحافظة المنكوبة؛ وأيضا يحدث ذلك برغم ان دولا مجاورة لا تملك انهارا مثل دول الخليج العربية، ولكنها نجحت في استغلال الاساليب العلمية الحديثة لتنقية ماء البحر وتوفيره للناس.

لقد لفت مرصد “العراق الاخضر” في تقرير جديد، الى ارتفاع معدلات الملوحة في شط العرب، وحذر من مخاطر “التسمم”.

وقال المرصد نقلا عن خبراء في هذا المجال إن “معدل الاملاح في شط العرب شهد ارتفاعاً غير مسبوق حيث سجلت المعدلات في قضاء ابي الخصيب بشكل عام ومنطقة سيحان بشكل خاص 14 الف TDS، مما يعني ان هذا الصيف سيشهد ارتفاع نسب التلوث فيه، وتوقعات بوصول نسبة الاملاح في شط العرب ومركز مدينة البصرة بالتحديد الى 30 ألف TDS وهي نصف ملوحة مياه البحر”.

وتابع، أن “هذا الامر يحتم على العراق ضرورة الاتجاه الى مفاوضات جادة وحاسمة مع دول الجوار، وتنفيذ الوعود الحكومية في بناء سد ومحطات تحلية التي تنصلت عنها فيما بعد، وضبط التجاوزات على مصبات الانهار وبخاصة ما تقوم به شركات التراخيص لحقن الآبار، واستحواذ ذوي النفوذ على كميات كبيرة من المياه، وضبط الاطلاقات المائية”.

وحذر من “عودة التسمم الى تلك المياه بسبب الملوثات الصلبة خلال الصيف الحالي الذي سيكون قاس جداً على اهالي البصرة في حال عدم اتخاذ اي اجراء ازاء ذلك”.

و تعاني محافظة البصرة وعدد من مناطق جنوبي العراق من أزمة مزمنة في المياه الصالحة للشرب، حيث يعتمد السكان على مياه شديدة الملوحة بسبب التداخلات بين مياه البحر ومياه الأنهار، فضلا عن ضعف البنى التحتية للمياه العذبة.

ان من أبرز المخاطر الصحية لاستهلاك المياه المالحة، على الإنسان، تتضمن تزايد امراض الكلى، وارتفاع ضغط الدم، وتزايد خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية، وكذلك المشكلات في الجهاز الهضمي، اذ ان المياه المالحة قد تسبب الإسهال، الغثيان، وآلام المعدة، بخاصة لدى الأطفال وكبار السن.

وتؤدي المستويات العالية من الصوديوم إلى زيادة خطر تسمم الحوامل ومضاعفات صحية للأم والجنين، ونقص في المعادن الضرورية، اذ ان الملوحة تؤثر على امتصاص بعض العناصر الغذائية الأساسية مثل الكالسيوم والمغنيسيوم، مما يؤدي إلى مشكلات في العظام والأسنان.

اما المخاطر البيئية فان ري الأراضي الزراعية بمياه مالحة يؤدي إلى تراكم الأملاح في التربة (الصبخة)، ما يقلل من خصوبتها ويؤثر سلباً على إنتاجية المحاصيل.

كما ان النباتات والحيوانات التي لا تتحمل الملوحة العالية تموت أو تهاجر، ما يؤدي إلى خلل في التوازن البيئي. وان تسرب المياه المالحة إلى الآبار يؤدي إلى تلوث المخزون الجوفي، ما يجعل معالجته أكثر صعوبة وكلفة.

ان معالجة مشكلة الملوحة تستدعي الحلول المستدامة ومنها تحلية المياه، وتحسين شبكات توزيع المياه العذبة، وادارة المصادر المائية بفعالية، وغيرها من الخطوات.

 

قد يعجبك ايضا