محمد حسن الساعدي
بعد الاستقالة الجماعية التي قدمها نواب التيار الصدري من البرلمان على أثر الخلافات التي ضربت عملية تشكيل الحكومة،وعدم قدرة التيار الصدري بتحالفه الثلاثي من تشكيلها،سارع الصدر الى الانسحاب من البرلمان وتلاها مقاطعة أنتخابات مجالس المحافظات والتي اجريت 2024 واعلن عدم مشاركته فيها،وفي نفس الوقت عمل على تمتين نفسه داخلياً فسارع الى إعادة تنظيم الداخل الصدري وتغيير أسمه الى “التيار الوطني الشيعي” ما يعني أنها الخطوة الاولى نحو إنهاء المقاطعة السياسية وفي 11 شباط دعا الصدر اتباعه الى إجراء تقييم داخلي بشأن المشاركة في الانتخابات المقبلة أو مقاطعتها ما يعني أنها كانت الاضاءة الاولى لعودته الى المشاركة في الانتخابات والساحة السياسية بشكل عام.
غياب التيار الصدري ساهم كثيراً في توحيد القوى السياسية الشيعية وخلق بيئة أكثر ملائمة لتعزيز مكانتها السياسية، والسير بهدوء نحو تشكيل الحكومات المحلية وقبلها تشكيل الحكومة والتي تشكلّت بعد مخاض عسير، وبعد تشكيل حكومة السيد السوداني أستشعر الصدر خطورة الابتعاد عن المشهد السياسي والحكومي ما دعاه الى إعادة النظر في مقاطعته للعملية السياسية والانتخابات البرلمانية القادمة والتي من المزمع إجراءها يوم 11 نوفمبر من العام الجاري.
التيار الصدري وكما هو المتوقع سيبدأ نزوله الميداني من خلال دعمه للتظاهرات والاحتجاجات،خصوصاً التي ستنطلق قبيل إجراء الانتخابات بذريعة سوء الخدمات والكهرباء وعدم الرضا عن حكومة السوداني،أو ربما سيذهب الى منبر الجمعة لتعبئة جمهوره وتشجيعهم على المشاركة في الانتخابات،وهو امر سبقته اجتماعات مع قيادات صدرية من كتلة الاحرار وسائرون والتيار الصدري، والتي تمثل عودته الفعلية الى الحياة السياسية والمشاركة في الانتخابات القادمة، وبالرغم من ظهور بوادر عودته الى الساحة السياسية والبرلمانية، الا أن الصدر يصرح بأن المقاطعة ستستمر،وبقراءة تحليلية فان مثل هذه الحركة التي يقوم بها الصدر هي من أجل إعادة تنظيم جمهوره وتوجيههم نحو المشاركة السياسية والانتخابية، وضمن هذا السياق ستكون هناك آليات تحدد الآداء الانتخابي له والتي من بينها القانون الانتخابي الذي يحدد العلاقة بين الكيان السياسي والجمهور.
النظام السياسي السابق”سانت ليغو” تقلل من أحتمالية حصول الصدر على ما حصل عليه سابقاً”73″ مقعداً كما في انتخابات 2021 ،ووفقاً للصيغة المعدلة التي ستحل محل النظام القديم فان الصدر سيخسر مقاعد في محافظات عدة، ما يعني أن الصدر لن يحقق الرقم الذي وصل إليه في عام 2021، ومع أستبعاد إمكانية تغيير قانون الانتخابات فانه يجب على التيار الصدري أن يبني قراره بالعودة الى العمل السياسي على حسابات في داخل أطار النظام الانتخابي الجديد.
التيار الصدري سيراقب بدقة العوامل المتطورة قبل اتخاذ قراره النهائي بشأن المشاركة في الانتخابات،واذا ما قرر الصدر المشاركة في الانتخابات لعام 2025 فأنه سيمثل تطور هام في السياسة العراقية ويمكن ان يشير الى مرحلة جديدة في الانتخابات العراقية، كما سيكون لها تداعيات إقليمية ومحلية، كما ان انتخابات 2025 لن تكون مجرد سباق انتخابي بقدر ما ستشكل عتبة حاسمة للمستقبل السياسي للشيعة وشمولية النظام، وشرعية التمثيل السياسي الحالي.