المفاوضة والتحرير والتوقيع في المعاهدة الدولية

الاستاذ الدكتور : نزار الربيعي
 
المفاوضة
وهي وسيلة لتبادل وجهات النظر بين ممثلي دولتين أو أكثر بقصد توحيد آرائهما محاولة الوصول إلى حل أو تنظيم لمسألة أو موضوع معين، ووضع الحلول أو التنظيم الذي يتفقون عليه في صورة مواد، تكون مشروع الاتفاق المزمع إبرامه()، وقد تجري المفاوضات في مقابلات شخصية أو في اجتماعات رسمية بيم ممثلي الدولتين أو الدول المتفاوضة، وقد يقوم بإجراء المفاوضات رؤساء الدول ومن أمثلة ذلك، ميثاق الأطلنطي المعقود  في 14 آب 1941 إذ كان من الموقعين عليه روزفلت رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. وكذلك معاهدة التعاون بين ألمانيا وفرنسا المعقود في 22 كانون الثاني سنة 1963 وكان احد المتفاوضين في العقد والتوقيع عليه الجنرال ديغول رئيس الجمهورية الفرنسية، ولكن في الغالب يقوم بالتفاوض وزراء خارجية الدول أنفسهم وقد يقوم به ممثلو الدول المتفاوضة.

يجب أن يزود من يعهد إليه بمهمة إجراء المفاوضات بوثائق تفويض إلا أذا كان رئيسا لدولة، أو رئيسا للحكومة أو وزير للخارجية أو رئيسا للبعثة الدبلوماسية 
المعتمدة لدى الدول التي يتم التفاوض مع ممثليها، أو رئيس البعثة الدائمة لدى إحدى المنظمات الدولية بالنسبة للتفاوض مع المنضمة ذاتها، ففي هذه الحالات لا يحتاج الأمر لوثائق تفويض أما غير هؤلاء فيجب أن يكونوا مزودين بالتفويض وقد عرفت المادة الثانية فقرة (ج) من اتفاقية فينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 التفويض بأنه يعني (الوثيقة الصادرة أو إضفاء الصيغة الرسمية عليه، أو في التعبير عن ارتضائها بمعاهدة، أو في القيام بأي عمل آخر يتعلق بمعاهدة() وفي العراق يعفى من وثائق التفويض رئيس الجمهورية ونائب رئيس مجلس قيادة الثورة للقيام بجميع الأعمال المتعلقة بعقد المعاهدة، ووزير الخارجية لغرض التفاوض في شان معاهدة، وله صلاحية تعيين ممثلي الجمهورية العراقية لنفس الغرض، أما غير هؤلاء فيجب أن يكون مزودين بوثائق تفويض.

تحرير المعاهدات
إذا أدت المفاوضة إلى اتفاق وجهات النظر، تبدأ مرحلة تسجيل ما اتفق عليه في مستند مكتوب، وذلك بعد أن يتم الاتفاق على تحديد اللغة الواجب استعمالها في تحرير المعاهدة، فإذا كانت الدول المتفاوضة تتكلم لغة واحدة ففي هذه الحالة لا تبرز أية صعوبة إذ تستعمل هذه اللغة المشتركة في تحرير المعاهدة (كما هو الحال بالنسبة للمعاهدات التي تعقد بين الدول العربي). أما أذا كانت الدول المتفاوضة تتكلم لغات مختلفة فيتبع حينئذ احد الأساليب التالية:

تحرير المعاهدة بلغة واحدة تختارها الدول المتفاوضة وقديما كانت اللغة أللاتينية هي اللغة الدبلوماسية ولغة الاتفاقات الدولية أيضا، ثم حلت محلها اللغة الفرنسية وبعد الحرب العالمية الأولى أخذت الانكليزية تنافس الفرنسية. ويؤدي عمليا إلى مشاكل كثيرة في تفسير المعاهدة فمن الصعب في كثير من الأحيان التعبير عن نفس المعنى أو بالنسبة للغات الأخرى.

تحرير المعاهدة بلغتين أو أكثر، على أن تأخذ الأفضلية لإحداهما بحيث تعتبر المرجع الأول الذي يعول علية عند الاختلاف().
تحرير المعاهدات بلغات جميع الدول المشتركة فيها، وتتمتع جميعها بالقوة نفسها() وهذا الأسلوب قد يؤدي عملياً الى مشاكل كثيرة في تفسير المعاهدة فمن الصعب في كثير من الأحيان التعبير عن نفس المعنى أو بالنسبة للغات الأخرى.

تحرير المعاهدة بلغات جميع الدول المشتركة فيها,و تتمتع جميعها بالقوة نفسها ()و هذا الأسلوب قد يؤدي عملية الى مشكل في تفسير المعاهدة فمن الصعب في كثير من الأحيان التعبير عن نفس المعنى أو بالنسبة للغات الأخرى.

وقد تتألف المعاهد عادة من ثلاثة أقسام :الديباجة ،و المتن و الخاتمة .و قد تلحق بها في بعض الأحيان ملاحق :

 -الديباجة : هي مقدمة المعاهدة و تتضمن عادة بيانا :
 – بأسماء الدول المتعاقدة من ذلك اتفاقية جنيف للبحار لعام   1958 و اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1963.
 – بأسماء رؤسائها من ذلك اتفاقية لاهاي لعامي 1899 _ 1907 ، و ميثاق بريان كيلوك لسنة 1928 ،و ميثاق جامعة الدول العربية.
 – بأسماء حكومتها من ذلك اتفاقية موسكو للتجارب النووية لعام 1963 .
-وقد تعقد المعاهدات في حالات نادرة باسم الشعوب () كما في ميثاق الأمم المتحدة ،الدول الأمريكية الموقع في بوغاتا عام 1948.وإضافة لذلك تتضمن الديباجة بيانا بأسماء المندوبين المفوضين . و تشمل الديباج أيضا بياناً بالأسباب الموجبة لعقد المعاهدة وتعتبر الديباجة في الرأي الراجح. قسما من أقسام المعاهدة تتمتع بوصف الإلزام شانه في ذلك شان المتن والملاحق.

ب-المتن: يشمل المتن على الأحكام التي تم الاتفاق عليها بين الأطراف المتعاقدة ، فتصاغ هذه الأحكام على شكل مواد متسلسلة وتقسم المادة الواحدة الى فقرات
متعددة إذ اقتضى ذلك التعبير الدقيق على مضمون حكم المادة.

وكثيرا ما تقسم هذه المواد إلى فصول أو أبواب إذا ما كان عددها كبير. فميثاق الأمم المتحدة يتكون من (111) مادة قسمت إلى تسعة عشر فصلا، واتفاقية فينا لقانون المعاهدات تتكون من 85 مادة قسمت على ثمانية أبواب.

الخاتمة: وتتضمن عدة أمور شكلية على جانب من الأهمية وهي:-
الإجراءات التي تدخل بمقتضاها المعاهدة حيز التنفيذ.

تاريخ دخول المعاهدة حيز التنفيذ.

مدة نفاذ المعاهدة وطريقة تمديدها.

طريقة تعديل المعاهدة أو إعادة النظر فيها.

طريقة إنهاء المعاهدة.

طريقة تسوية المعاهدات التي تنشأ على تطبيق المعاهدة أو تفسيرها.

اللغة المعتمدة.
تاريخ ومكان تبادل وثائق إبرامها.
المكان الذي تودع فيه المعاهدة الأصلية إذا كانت جماعية.
 – الملاحق: وقد تضاف الى المعاهدة ملاحق، تتضمن بعض الأحكام التفصيلية أو تنظيم بعض المسائل ولهذه الملاحق القوة الملزمة التي يتمتع بها متن المعاهدة نفسه.

التوقيع
بعد الانتهاء من تحرير المعاهدة يوقع عليها ممثلو الدول المتفاوضة لكي يسجلوا ما تم عليه فيما بينهم ويثبتوه، وقد يتم بأسماء المفاوضون إلى التوقيع بالأحرف الأولى في حالة ما إذا كانوا غير مزودين بالتفويض اللازم للتوقيع أو في حالة ترددهم في الموافقة نهائيا على المعاهدة ورغبتهم في الرجوع الى حكومات دولهم للتشاور معها قبل التوقيع النهائي. ويلاحظ ان التوقيع بالأحرف الأولى لا يعد ملزما للدول بالتوقيع النهائي على مشروع غير ذلك. ولقد قننت اتفاقية فينا هذا الأسلوب في التوقيع وما قد ينجم عنه من آثار، فقررت الثانية في المادة الثانية عشرة أنه:
يعتبر التوقيع بالأحرف الأولى على نص معاهدة من قبيل التوقيع على المعاهدة، إذا ثبت أن الدول المتفاوضة قد اتفقت على ذلك.
يعتبر التوقيع بشرط الرجوع إلى الدولة على معاهدة من جانب ممثل للدولة من قبيل التوقيع الكامل عليها إذا أجازت الدول بعد ذلك.

وبعد إتمام التوقيع تصبح المعاهدة معده للتصديق، وعلى الدول الأطراف الالتزام بعدم مخالفة ما سبق الاتفاق عليه وبضرورة إتمام إجراءات التصديق. غير أن ذلك لا يعني أن الدول ملتزمة قانونا بالمعاهدة فهذا لا يتحقق إلا بالتصديق. ومع هذا فان اتفاقية فينا قد خلعت على التوقيع آثار قانونية ملزمة لأطراف المعاهدة في أحوال ثلاث:

إذا نصت المعاهدة على أن يكون للتوقيع هذا الأثر.

إذا ثبت بطريقة أخرى إن الدول المتفاوضة كانت اتفقت على أن يكون للتوقيع هذا الأثر.

إذا بدت نية الدول في إعطاء التوقيع هذا الأثر في وثيقة تفويض ممثلها أو عبرت عن ذلك أثناء المفاوضات.

وهذا ينطبق على الاتفاقات ذات الشكل المبسط الذي تلتزم بها الدول بمجرد التوقيع عليها. ويمكن أن نشير في هذا البحث لكل من المفاوضة والتحرير والتوقيع انه عمل مترابط لا يمكن فصل الواحد عن الآخر لأن كل واحد منهم مكمل الواحد للآخر وذلك لإضفاء الجدية على المعاهدات وإعطائها أكثر مصداقية.

قد يعجبك ايضا