ماجد زيدان
أصبحت شركة “ساوث ويسترن ريلوي” البريطانية للسكك الحديد أول شركة خاصة تعود إلى الملكية العامة، وذلك بموجب خطة حكومة حزب العمال لإعادة تأميم قطاع السكك الحديد المتردي في خلال عامين , ويعاني ركاب القطارات في بريطانيا من إلغاءات متكررة للرحلات وارتفاع أسعار التذاكر وإرباك دائم بشأن الخدمات التي يمكنهم الاستفادة منها , وبالمناسبة القطاع العام في كثير من البلدان الرأسمالية الكبيرة يشكل نسبة لا يستهان بها من اقتصاداتها , ولا يمكن الاستغناء عنه ويؤدي دوره الاقتصادي والاجتماعي بنجاح , وليس في الافق تفكيكه او بيعه ..
على خلاف ذلك , ومن دون دراسة جدية ومعللة علميا , يجري التضيق على القطاع العام في العراق بذريعة الاستثمار , بهدف افراغه من قواه ودوره في مسعى محموم لإلغائه وانهاكه تمهيدا لتفكيكه وبيعه من خلال اهماله ورفض اصلاحه وتحديثه بشتى الوسائل العلنية والمخفية , ومن بينها حرمانه من الكفاءات والطاقات الكفؤة لأدارته وتولية مسؤولين غير مؤمنين بإمكاناته على النمو والتطور ورفض حمايته من المنافسة غير العادلة وفتح البلاد للاستيراد العشوائي والتجارة الضارة ومنع بناء قاعدة وطنية للاقتصاد الوطني في مختلف القطاعات لتحقيق اعلى نسبة من الاكتفاء الذاتي على الصعد المحلية والمساهمة في تكوين الناتج المحلي والتوازن مع القطاع النفطي الذي تعتمد عليه البلاد والذي يشكل اختلالا واضحا ولا يشكل هذا الارتباط غير السليم امانا مجتمعيا.
البلد منذ التغيير في عام 2003 .اي قبل 22 عاما, وهو جرب سياسات اقتصادية لم تثبت نجاعتها وصحتها في الحياة , وبقي الحال على اسوئه رغم تعيير الظروف وانفتاح ’فاق رحبة للنمو والتطوير والنهوض بالبلد , انها فترة كافية لتغيير النهج المتبع والسير على نحو جديد , فاهي بريطانيا قلعة الرأسمالية عندما لمست ان سياساتها الاقتصادية وصلت الى طريق مسدود وفشلت تراجعت عنها وعادت الى ما كانت عليه لأنها الافضل والاجدى للخلاص من التردي الذي هي فيه , التجربة خير مقياس ومعيار على النجاح والفشل , ولكن للأسف الحال عندنا غير ذلك, وما نزال نصر على الخطأ , ونرى ما يحدث في العالم من تجارب ونستفيد منها على الصعد كافة ..
خلال السنوات الماضية , بلدان الجوار سبقتنا وقطعت مسافة كبيرة , واصبحنا سوق لها تتسع باستمرار ,على الرغم من توفر مقومات النهضة ولدينا ما يشكل القاعدة للانطلاق باقتصادنا الوطني غير النفطي , ولكن تعوزنا الارادة السياسة والادارة الكفؤة والرغبة في الاعتماد على الذات ونبذ المحاصصة والفساد ,وملاحقة الذين يعرقلون نهوض مؤسسات البلد الاقتصادية لمنافع شخصية وقصر نظر في جميع مناحي الحياة.
مرة اخرى نقول لنستفيد ونتعظ من الدول الاخرى ولا نفرط بثرواتنا التي ينهبها الحيتان السمان برخص التراب وتكبيل الوطن, وساعتها لا يمكن استردادها او انها تكلفنا الكثير , لسنا ضد القطاع الخاص ومساهمته , بل لا بد من دعمه ولكن ينبغي ان تكون السياسة جادة ومنتجة وتشكل اضافة للاقتصاد الوطني وليس غنيمة او نهيبة في وضح النهار .