سردار علي سنجاري
في اي عمل قيادي او مؤسساتي عندما يتدخل الطموح الشخصي مع القرارات الاستراتيجية وبالتحديد عندما يكون المركز القيادي يمس مصالح المواطنين بشكل مباشر فإنه يؤدي إلى تداخل غير صحي بين الرؤية الفردية ومصالح المؤسسة. وعندما نتابع اداء المسؤولين في المجتمعات الشرقية الحديثة العهد بالمفاهيم المؤسساتية فإننا نلاحظ بان غالبية المسؤولين يسعون إلى تحقيق الأهداف الشخصية على حساب المجتمع والمؤسسة التي يترأسونها. لذا من الأهمية ان تقوم الدولة بالبحث عن الحلول التي تساعد في تحقيق مفهوم الفصل بين الذات والاستراتيجيات وطرق تحقيق التوازن بين الطموحات الشخصية والمتطلبات المؤسسية.
ان مفهوم الذات في القيادة قد تتعلق بالطموحات الشخصية والقيم والمبادئ الذاتية ورغبة المسؤول في التأثير والتقدم والتميز وهذه بالطبع جوانب طبيعية ومشروعة ولكن عندما تصبح محركا اساسيًا للقرارات قد تهدد حيادية القرارات الاستراتيجية .
الاستراتيجية هي خطة منظمة تهدف لتحقيق اهداف المؤسسة طويلة الأمد ويجب ان تتسم بالواقعية والتحليل الصحيح. ويجب ان تكون ارتباطها بالمصلحة العامة وليس الفردية واعتمادها على البيانات لا العواطف.
وعندما لا يتم الفصل بين الذات والاستراتيجية عندها نواجه مخاطر كثيرة مثل تحيز القرار حيث يتخذ المسؤول قرارات تخدم مستقبله الشخصي لا مستقبل المؤسسة وهنا تتضارب المصالح وتدخل الطموحات الذاتية في توجيه الموارد .
الكثيرون من الاشخاص يعتقدون بانهم يتمتعون بمزايا قيادية تؤهلهم الى تحقيق طموحاتهم المستقبلية بالطريقة التي تناسب حياتهم . ولكن في الحقيقة أننا نعيش في عالم يعج بالأفراد الطامحين إلى احتلال مراكز قيادية . فالرغبة الجامحة في القيادة وتولي المناصب لا تعني أن المرء يمتلك من قوة الشخصية والمهارات والشجاعة ما يؤهله كي يكون قائداً.غالباً ما نتساءل عن الخطوات الضرورية التي يجب علينا اتباعها للوصول إلى القمة في حياتنا المهنية وكأننا نعتقد أن هناك وصفة سحرية نطبقها فتجعلنا نحقق مرادنا. في حين أن الطرق المؤدية إلى القيادة عديدة فهي ليست جميعها متساوية في درجة السهولة أو الصعوبة.فالكثيرون ممن يرغبون في إحراز تقدم ملموس في مسيرتهم المهنية لا يكترثون بمساعدة الآخرين في تحقيق الشيء ذاته فالمسؤول البراشوت لا يهتم بتطور مؤسسته وإنما يهمه نفسه ومصلحته الشخصية ولا يرى غيرها وأما الموظفون فإنه يستخدمهم للصعود على سلم ترقيته ووصوله إلى الأعلى.ولطالما أصابتني الدهشة من كثرة الأشخاص الذين يحتلون مراكز قيادية من دون أن يكونوا أهلاً لها!تحديداً في المؤسسات الحزبية التي يكون فيها الحزب الحاكم هو الحزب الذي يدير موسسات الدولة فإن تولي المناصب القيادية أصبح يعتمد على الواسطة عبر براشوتات بعض المتنفذين على المناصب العليا دونما اعتبار لمكانه العديد من الكوادر المتخصصة والمثقفة الذين اجتهدوا وصبروا وانتظروا فرص الارتقاء إلى تلك المراكز التي يتم اختطافها لدواع عدة وبحسب أهواء بعض المسؤولين إرضاء لكسب الولاءات وعملاً بمبدأ الترضيات أمام مرأى ومسمع الرأي العام. ولكي ندرك الأسباب التي تقف وراء عجز الإنسان عن أن يصبح قائدا ان تغلب المصلحة الذاتية على مصلحة العمل فهذا يعني ان مفهوم القيادة معدوم عند ذلك المسؤول . وعندما يتمّ اساءت استعمال السلطة وعدم الاكتراث إلى مطالب الموظفين او محاولة التلاعب بالآخرين من خلال الوعود الغير صحيحة عندها نكون امام قيادة فاشلة لاتدرك المعنى الحقيقي في تعزيز قدرات المؤسسة . وهناك بالتأكيد الكثير من الأمور الأخرى التي تجعل القيادة فاشلة في التعامل مع المواقف الصعبة التي تواجهها المؤسسة مثل تجاهل القدرات والكفاءات التي يمكن ان تكون لها انعكاسات إيجابية في مستقبل العمل وتعزيز دور الموسسة .
لا يولد الإنسان وبه صفة القيادة ولكن تأتي هذه الصفة بتعلم المهارات والتقنيات التي تؤهله لكي يكون قائداً ناجحاً ومن خلال تجربته الشخصية كقائد فإذا كنت تريد التدرج في المناصب لتصل إلى القمة وتحصل على وظيفة إدارية عليا فعليك الموازنة بين العمل وحياتك الشخصية والتحلي بسلوكيات وأخلاقيات القائد الناجح.