الأستاذ الدكتور نزار الربيعي
ظهرت الطريقة الكسنزانية في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي في كردستان العراق بعدّها احدى الطرائق الصوفية المتفرعة عن الطريقة القادرية، ويرجع اسم الكسنزانية الى الشيخ عبد الكريم حسين الشاه الكسنزاني الحسيني، وفي الاصطلاح الكسنزان نقول: شاه الكسنزان هو لقب عرف به السيد الفوث عبد الكريم الاول، وهذا اللقب يعني (سلطان الغيب) وقد اقترن اسم الطريقة العلية القادرية به فسميت من زمانه الى يومنا هذا بـ (الطريقة العلية القادرية الكسنزانية) وأود ان اذكر ان الطريقة القادرية الكسنزانية هي الامتداد الحي والطبيعي للطريقة القادرية لذلك سميت الطريقة الكسنزانية.
فتسميتها بالعلية نسبةً الى الامام علي (عليه السلام) قال عليه الصلاة والسلام (انا مدينة العلم وعلي بابها) ففي زمن العباسيين إذ شاع فكر التصوف في بغداد وتكاثرت التكايا وهي اماكن تمارس فيها طقوس الصوفية وأوسعها الطريقة القادرية نسبةً للامام عبد القادر الكيلاني (1077- 1166) هو المؤسس الأول للطريقة القادرية، واسعة الانتشار في العالم إذ انبثقت منها الملايين من الاتباع وساهمت بنشر الدين الاسلامي في الهند وشرق آسيا، وهذا يؤكده الشيخ نهرو عبد الكريم الكسنزاني ان الطريقة انتقلت من التقليد الى التجديد ومن المحلية الى العالمية، وفي التراث الى المعاصرة إذ اصبحت مقصد اجيال شابة وكل فئات المجتمع بمختلف مراتبها، فهي تعني عالم الاسرار او السر الخفي وهذا ظاهر المعن واما الغوص في الدلالات الروحية فالكسنزان تعني حركة الروح تساميا نحو مرافئ الانوار المحمدية ونحو تجلي الروح وقربها من مصدر الفيوضات الربانية.
ويؤكد الشيخ نهرو الكسنزاني ان لاسم الطريقة الكسنزانية تحولت من بعده الى مشيخة الشيخ عبد القادر الكسنزان الملقب بالمهاجر، وكانت ولادته 1867 في قرية كربجنة وكان مثواه الاخير عام 1921 ولقب بالمهاجر لانه قضى حياته مهاجرا في سبيل الله، وهو الشيخ الثالث للطريقة واشتهر بالزهد وكثرة التعبد.
ويؤكد الشيخ نهرو ان (الطريقة ليست حقاً خاصاً ولا مجموعة طقوس بل هي منهج في الحياة قوامه النصح والارشاد وحث الناس على التحلي بالاخلاق الحقيقية للاسلام والتحلي بالاخلاق المحمدية التي تدعو الى المحبة والسلام والتعايش مع الاخرين).
أما الفروقات بينها وبين الطريقة الصوفية الاخرى يؤكد الشيخ نهرو (كل الطرق الصوفية تنبع من مشكاة واحدة وتنهل من الانوار المحمدية نفسها منهجا كلها الاوراد والاذكار والرياضيات الروحية ، لكنها تتفاوت في اسلوب تطبيق هذا المنهج وفي نشاط اتباعها وفي قوة شيمها الروحية وهمته في نشر الطريقة فلا تضع الطريق ومرديها شروطا كي يقبل في صفوفها الاتباع والمريدين، ووضع في صلب أولوياته ازالة الفوارق بين بني البشر.