اعداد: عدنان رحمن
في مجلة شمس كوردستان التي كانت تصدر ببغداد قبل عام 2003 نُشر للمرحوم حسين فيض الله الجاف ترجمة لبحث باللغة الانكليزية لوليم ايغلتون الذي كان بعنوان ( جمهورية كوردستان 1946)، ( ) ومن ثم اصبحت بعنوان ( صفحات من نضال الامة الكوردية) بعد ان ترجمها الى اللغة العربية في المجلة المذكورة اعلاه. نورد جزءاً منها:
– ” التأسيس: في اليوم الخامس والعشرين من شهر شهريور سنة ۱۳۲۱، حسب التقويم الإيراني- المترجم، أو اليوم السادس عشر من شهر أيلول سنة ١٩٤٢ حسب التقويم الغربي خرجت من مدينة مهاباد جماعة صغيرة من مواطنى الطبقة المتوسطة عن طريق رضائية الترابي ليجتمعوا تحت أشجار حديقة حاجي داود قرب، ( چه مي سابلاخ)، وأصغرهم يبلغ من العُمر حوالى التاسعة عشرة، كان رحمن حلاوي من متخرجي مدرسة رضائية النظامية، وأكبرهم سِنّا حوالي الخمسين من العُمر، كان ملا عبد الله داوودي أحد وكلاء التبوغ. في المجموع توحد معاً حوالي خمسة عشر شخصاً في ذلك اليوم ليتناقشوا في امور الامّة الكوردية ولينظموا حزبا سياسيا كورديا، ولم يكن عرضهم ليحتاج الى ايحاء خارجي نظرا لانهم لسنين طويلة وبأساليبهم الشخصية والمتميزة قد فكروا بتشكيل ادارة لتعزيز القضية القومية. وبالرغم من ذلك فانهم اتجهوا الى كورد العراق الاكثر نضجا سياسيا من أجل النصائح، هؤلاء الكورد الذين كان حامل رسالتهم في تلك الظهيرة رائدا ( كابتن) في الجيش العراقي الذي كان كورديا أيضا، واسمه مير حاج. في ذلك الوقت مثل مير حاج جمعية كوردية كانت قد تأسست في شمال العراق خلال الانتداب وسمت نفسها ( هيوا)، وهي الكلمة الكوردية التي تقابل كلمة الامل. وكانت عضويتها مقتصرة على عناصر المدينة المثقفة، ويشرف عليها مثقفون أيضا، وكان منهاجها كورديا وقوميا صرفا. ورغما عن الاضطرابات العشائرية المستمرة غالبا التي اكتنفت کوردستان العراق خلال الانتداب في سنة ۱۹۲۰ والتاريخ اللاحق للاستقلال فلم يكن هناك حزب كوردي واحد أو تحالف عشائري قد وجه بصورة فعالة تيارات الآمال الكوردية المختلفة نحو هدف مشترك واحد، ووجدت هناك خلال هذه الفترة جمعية كوردية تدعى خويبون، التي حاولت من مراكز القيادة الرئيسة في بيروت ودمشق أو باريس، حيثما كانت تسكن عائة جلادت او کامران بدرخان، ان تجلب المطامح الكوردية لانتباه القوى الاجنبية والمنابر العالمية، ولو أنه من الجائز أن تكون خويبون قد ادعت بحق أن رسالتها مثلت كل انحاء كردستان، فالواقع ان هذه الجماعة الصغيرة من المنفيين لم تكن لها قواعد واسعة في کوردستان حيث كانت مهمتها معروفة على نطاق غامض. ففي تركيا كانت الجماعات الكوردية التي على اتصال مع خويبون من خلال سوريا نشطة حتى العشرينيات وأوائل الثلاثينيات- من القرن العشرين- الا أنها خسرت تأثيرها عندما حطمت الثورات الكوردية بقوة خلال الفترة الأخيرة من قبل الجيش التركي جلب ميرحاج معه إلى حديقة حاجي داود تحيات حزب هيوا وأكثر اهمية من ذلك بعض النصائح العملية فيما يخص تشكيل منظمة سرية، قرر هؤلاء الذين اجتمعوا في الحديقة ان يؤلفوا من انفسهم لجنة حيث تقابلها الكلمة الكوردية ( كومه له). وكان الاسم الكامل ( کومه له ي ژیاني کوردستان) او لجنة حياة كوردستان .وخلال 6 اشهر وسعت عضويتها لحوالي مئة من مواطني مدينة مهاباد، وبالرغم من أن قائمة مركزية كانت موجودة فإن العضو العادي كان فقط مطلعا على هوية خمسة أو ستة أعضاء من خليته هو، وهكذا فالقوة المتنامية للكومه له كانت معروفة لبضعة اشخاص فقط. كانت العضوية مفتوحة لاي كوردي ولهذا الغرض تم قبول الكورد الشيعة والآثوريون المسيحيون حيث اعتبروا كوردا من ناحية الجنس. وكانت عملية الانتساب تتم بأن يُقسِمْ العضو يمينا على القرآن امام ثلاثة أعضاء. وكان على المرشح للعضوية الاكثر جدارة ان ينظف نفسه في الحمام ومن ثم يُقسم في اجتماع سري على ما يلي: 1 – أن لا يخون الامّة الكوردية. ٢ – أن يعمل من أجل الحكم الذاتي لكوردستان. ٣ – ان لا يفشي آية اسرار شفهية كانت أم مكتوبة. 4- ان يبقى عضوا مدى الحياة. ه – أن يعتبر الكورد جميعا رجالا ونساء اخوة لـه واخوات. 6- ان لا يلتحق بحزب أو جماعة اخرى دون استحصال موافقة الكومه له. وكان هذا القسم قد انشىء من قبل الاعضاء المؤسسين بالتعاون مع الكابتن مير حاج.
التوسع: ومع سنة ١٩٤٤ امتدت نشاطات الكومه له العقيدية إلى جميع أنحاء كوردستان الشمالية في كلتا المنطقتين المحايدة قرب مهاباد والسوفيتية شمال میاندواب حتى حدود الاتحاد السوفيتي، وفي جنوب ( سه قز) كانت الحركة مقيدة بسبب وجود وحدات الجيش الايراني، ولكون سنندج لم تذکر کرماشان، لانها كانت خارج نطاق تأثير مهاباد الاجتماعي والسياسي، فعدد من عوائل سنندج الرئيسة كانت في الواقع قد خدمت لاجيال عديدة وباخلاص السلالة الفارسية الحاكمة. وعلى أية حال كان اتساع الحزب في شمال سقز نحو المنطقة العشائرية سريعا ويكاد يكون تاما ففي بوکان كان بعض أغوات الايلخاني زاده نشطين للقضية وفي نغده كان حاجي قادر حريري مسؤولا عن تجنيد الاعضاء الجدد، وفي شنو كان موسى خان من عشيرة الزرزا عضوا نشيطا. وفي الشمال أبعد من ذلك كان الرؤوساء الهركيون قد التحقوا بالحزب. وكان يعتقد أن الشيخ عبد الله افندي بعيد عن السياسة الحزبية الا أنه اعتبر عضوا روحيا نظرا لاستشهاد والده فى تركيا من أجل القضية القومية الكوردية. ومن بين الاعضاء الأكثر نشاطا كان عبد الله قادري مامه ش، وشمالا في منطقة عشائر الشكاك أصبح عمر خان شريفي الكبير عضوا، حتى عام ١٩٤٥ يكاد يكون جميع رؤساء العشائر الكوردية والعدد الكبير من بين الناس العاديين قد انضموا للحزب لهذا السبب أو ذاك. وبالرغم من أن عددا ضئيلا دون شك، قد فعلوا ذلك انطلاقا من أسباب نفعية، فالاغلبية كانت تعمل باخلاص حقيقي وعلى أية حال قال رؤوساء العشائر كانوا من بين أكثر الناس انتظاما في دفع اشتراكاتهم.
كوردستان الكبرى: في شهر اذار من عام ١٩٤٤ أرسل الكومه له محمد أمين شه رفي الى كركوك فى العراق ليناقش امور المساعدة المتبادلة وخطط المستقبل مع ممثل حزب هيوا الذي ضم الراوندوزي وعزت عبد العزيز، ومصطفی خوشناو وشيخ قادر من السليمانية، سيد عبد العزيز خيلاني ورفيق. وبعد بضعة أشهر أي في أوائل صيف ١٩٤٤ أرسل فرع الحزب في السليمانية اسماعيل حقي شاويس وعثمان الى مهاباد ليردوا الزيارة وليعيدوا اقرار الميثاق. وفي خلال السنة والنصف التالية زار مهاباد حمزة عبد الله ووردي من العراق، قدري بک من سوريا وهو حفيد جميل باشا من ديار بكر- آمد، وقاضي ملا وهاب من تركيا ليلتقوا مع القادة الاتراك هناك وليروا بأنفسهم لاي حد عمّ الحكم الذاتي في جزء واحد من کوردستان. في شهر آب من عام ١٩٤٤ حدث توكيد رمزى للوحدة الكوردية الكبيرة في ده لانبار حيث تتداخل حدود العراق وایران و تركيا، فالمندوبون الكورد من الاقطار الثلاثة اجتمعوا هناك ليوقعوا ميثاقا ( په یماني سي سنوور) او ( ميثاق الحدود الثلاثة) الذي نهض بأعباء التأييد المتبادل والمساهمة في الموارد المادية والبشرية من اجل مصالح كوردستان. كان الكورد الايرانيون ممثلين بقاسم قادري من الكو مه له من مهاباد، ومن العراق جاء شيخ عبيد الله من قرية زینو قرب الحدود حيث طريق السيارات الرئيس لراوندوز يعبر ایران قبل خانه، وتركيا كانت ممثلة بقاضي ملا وهاب. وفي هذا الوقت فان تحديدا قوميا رسميا لكوردستان الجغرافية كان متاحا برغم أنه غير نهائي، وكانت الخارطة قد هيئت في بيروت من قبل الجمعية الكوردية حيث كانت عائلة بدرخان نشطة. وقد راجع واضعوها عددا من المصادر ليخرجوا كوردستان قدر الامكان وبصورة أكثر عقلانية ودقة. وقد ارفقت هذه الخارطة بمذكرة الى الامم المتحدة وظهرت في أمكنة اخرى من المنشورات الكوردية. وبينت الخريطة كوردستان باعتبارها المنطقة التي يسود فيها الكورد بوضوح التي يقطنون فيها الآن حسب التقديرات التقريبية حوالي ستة ملايين كوردي. وكرمز لهذه الامّة فان الكومه له في أيار من عام ١٩٤٤ وضعت مع حلفائها العراقيين تصميما لعلم مثلث الالوان متوج باللون الاحمر مع الابيض في الوسط والاخضر في الاسفل. وكشعار للامّة الكوردية فقد اختيرت شمس تحيطها من الجانبين سنابل القمح وفي الخلفية جبل وقلم”.