وكانت گوڵان ثورة الحسم
شيركو حبيب
يحسم التأريخ مفهوم ومعنى الثورة بأنها الحراك الذي ينتهي إلى أهداف واضحة ومطالب جماهيرية كبرى تحت زعامة قادرة، ومتى تحققت أهدافها وترجمت مبادئها على أرض الواقع استحقت هذا المسمى واتسمت به وسطرها التاريخ بأحرف من نور.
شهدت ثورة أيلول العظيمة التي اندلعت في ١١ سبتمبر / أيلول ١٩٦١ ضد الظلم و الدكتاتورية انتكاسة في عام ١٩٧٥، و رغم انطلاقة شرارتها من كوردستان، إلا أنها أصبحت ثورة عراقية، ما يميز ثورة أيلول أن قيادتها التحمت بالجماهير مباشرة فاتسع تأثيرها لتضم العرب وغيرهم إلى جانب الكورد، هذه الثورة الحقيقية كانت تعبر عن طموحات قاعدة جماهيرية عريضة، واستمرت في تطوير ذاتها وتجاوز إخفاقاتها، لتقدم ثمارها للأجيال اللاحقة بعد أن دفع رجالها الثمن، استمرّت حتى العام ١٩٧٥ عندما تنازل النظام العراقي آنذاك عن جزء من أراضي و مياه العراق إلى شاه إيران لايقاف دعمها عن الثورة.
في السادس من آذار مارس من العام نفسه توصل الجانبان إلى اتفاقية وأصيبت الثورة بإنتكاسة، وظن البعض حتى من داخل كوردستان بأنه تم القضاء نهائيا على الحركة التحررية الكوردية، خاصة أن عائلة البارزاني المناضلة لم تستطع مرة أخرى قيادة الحركة الكوردية، إلا أن القيادة البارزانية ومن معهم من الشعب الكوردي، فاجأوا الجميع، الأعداء و الأصدقاء، بإعلان ثورة گوڵان في ٢٦ من مايو عام ١٩٧٦ أي بعد أشهر قليلة من انتكاسة ثورة أيلول ، وسميت ب گوڵان لأنها اندلعت في هذا الشهر الذي يقابل شهر مايس مايو، كانت الثورة بقيادة الأب الروحي للشعب الكوردي ملا مصطفى بارزاني، وكانت ثورة أكثر صلابة و حماسة، ولكن لقى قائد الثورة ملا مصطفى بارزاني الخالد ربه، ورغم عدم وجوده بجسده معنا إلا أن روحه و نهجه معنا لنواصل المسيرة.
كانت الثورة بقيادة الزعيم مسعود بارزاني و شقيقه خالد الذكر إدريس البارزاني، وخلال هذه الفترة تحقق للثورة العديد من الانتصارات، و كانت قوات البيشمركة بقيادة الزعيم مسعود بارزاني في الخطوط الأمامية عندما انتقل إلى ربه القائد إدريس بارزاني، وكانت خسارة ليست للقضية الكوردية فحسب، بل للقضية العراقية برمتها، فوفاته كان بمثابة انتكاسة أخرى لحقت بالشعب الكوردي.
واليوم، الحمدلله نرى ما كان يتمناه ملا مصطفى بارزاني الخالد و نجله إدريس خالد الذكر و جميع شهداء الحركة التحررية الكوردية، لدينا برلمان وحكومة إقليم كوردستان و الأمان و الاستقرار نتيجة ثورة گوڵان والدماء الزكية للشهداء.