من خطاب الحقوق إلى دبلوماسية التأثير…

مهند محمود شوقي

 

هكذا تقدمت كوردستان خطوة للأمام في عاصمة القرار العالمي

في مايو 2025، حمل رئيس حكومة إقليم كوردستان، مسرور بارزاني، تطلعات شعبه إلى واشنطن، ليس كطالب دعم أو مجرد ضيف، بل كصانع موقف يمتلك رؤية واضحة. هذه الزيارة لم تكن حدثًا عابرًا في خارطة السياسة الخارجية، بل لحظة فارقة في علاقة أربيل بالعالم، وفي مكانة الإقليم ضمن العراق الجديد.

حضور يعيد تعريف العلاقة

استُقبل بارزاني بحفاوة وتقدير من قبل كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، حيث التقى وزير الخارجية ماركو روبيو و وزير الدفاع بيت هيغسيث وعدد من اعضاء الكونغرس وكبار
رجال الاعمال واصحاب كبريات الشركات وبالاخص في مجال الطاقة.

وما ميز اللقاءات هو وضوح اللغة السياسية، إذ أكد على أهمية الشراكة مع كوردستان ضمن إطار العراق الموحد واحترام الدستور، وهو موقف كان من النادر سماعه بصراحة بهذا المستوى.

هذه التصريحات لم تترك مجالاً للشك بأن واشنطن ترى كوردستان كشريك فاعل في استقرار العراق، لا مجرد ملف ثانوي ضمن علاقتها ببغداد.

لماذا كانت الزيارة الأنجح؟
النجاح الحقيقي للزيارة جاء من كونها تخطت مرحلة طلب الدعم لتصبح خطوة استراتيجية لإعادة تموضع الإقليم على الخارطة الدولية. فقد أعلنت شركات أميركية كبيرة، مثل “شيفرون”، عزمها توسيع استثماراتها في قطاع الطاقة في كوردستان، وهو ما يعكس ثقة حقيقية في بيئة الأعمال هناك.
كما أن الدعم الأميركي الواضح للمكانة الدستورية للإقليم أرسى قاعدة جديدة للتعاون السياسي والأمني، حيث اعتبرت واشنطن كوردستان شريكًا في الأمن والاستقرار، لا عبئًا على الحكومة العراقية.

خمس سنوات من بناء الأسس
ما تحقق في واشنطن جاء نتيجة عمل مستمر منذ أن تولى بارزاني رئاسة حكومة الإقليم في 2019. خلال هذه السنوات، ركز على إصلاح المؤسسات ومحاربة الفساد، وفتح الاقتصاد أمام الاستثمارات الأجنبية، كما عمل على رقمنة الخدمات وتطوير البنية التحتية، مما ساهم في تحسين بيئة الأعمال وجذب المستثمرين.
ووفقًا لتقارير دولية، شهدت كوردستان تحسنًا ملحوظًا مقارنة بباقي مناطق العراق، وهو إنجاز يؤكد نجاح سياسات الإدارة الجديدة.
على الصعيد الأمني، أعاد بارزاني تنظيم قوات البيشمركة وطور آليات التنسيق مع بغداد، وهو ما وصفه قائد القيادة المركزية الأميركية بأنه تحول استراتيجي عزز الثقة بين أربيل وبغداد.

رسالة إلى الداخل والخارج
ورغم أن الزيارة كانت موجهة إلى الخارج، إلا أن صداها كان واضحًا في الداخل العراقي. فقد أوضح بارزاني أن كوردستان لا تطلب فضلاً، بل تطالب بالاحترام الكامل للدستور والشراكة الحقيقية. وأكد أن الإقليم يريد أن يكون جزءًا من عراق قوي، لا ضحية لصراعاته السياسية.
ما بعد الزيارة
وضعت زيارة بارزاني كوردستان في موقع جديد على الخريطة السياسية، كمشارك ناضج وفاعل. وأثبتت أن القيادة الهادئة، المبنية على رؤية واضحة، يمكن أن تُحدث فرقًا حقيقيًا في السياسة الإقليمية.
وبرأي محللين أميركيين، لم تعد كوردستان هامشًا في معادلة العراق، بل حجرًا أساسياً في ميزان استقراره.

قد يعجبك ايضا