” من صناديق الاقتراع إلى مراجعة المواقف ” قراءة في انتخابات واستفتاء كوردستان 2017 في ظل التحولات الإقليمية والدولية

ماهين شيخاني.

شهد إقليم كوردستان العراق في عام 2017 لحظة فارقة في تاريخه السياسي، حين أُجري استفتاء الاستقلال في 25 أيلول/سبتمبر، حيث صوّت نحو 93% من المشاركين لصالح الانفصال عن العراق. جاء هذا الاستفتاء بعد سنوات من الخلافات العميقة بين هولير وبغداد بشأن الموازنة، والبيشمركة، والمناطق المتنازع عليها، وقُبيل انتخابات محلية مؤجلة كانت تعاني من انسداد سياسي داخلي.

لكن الرد لم يكن ديمقراطيًا، بل جاء قاسيًا: ضغط إقليمي شرس من تركيا وإيران، ورفض دولي واسع، لا سيما من الولايات المتحدة التي كانت حليفة للكورد في الحرب ضد داعش. وبدلًا من دعم التطلعات الكوردية، دعمت واشنطن إعادة سيطرة بغداد على كركوك والمناطق المتنازع عليها، في ما اعتبره كثيرون طعنة في الظهر.

اليوم، وبعد سنوات من الاضطراب في العراق، وتراجع نفوذ طهران، وبروز دور الكورد مجددًا كعنصر استقرار في المنطقة، تعود أصوات أميركية لمراجعة موقفها من الاستفتاء. بعض الساسة والمراكز البحثية في واشنطن باتوا يُقرّون بأن معارضة استقلال كوردستان كانت خطأً استراتيجيًا، وأضرّت بالثقة مع حليف موثوق.

فماذا يعني هذا التحوّل؟

أولًا، اعتراف دولي متأخر بشرعية التطلعات الكوردية، ولو من باب المصلحة، بعد أن أثبت الكورد أنهم قوة عقلانية واستقرار في منطقة مضطربة.

ثانيًا، فرصة جديدة للكورد لإعادة طرح قضيتهم على الساحة الدولية، ليس بالضرورة عبر الاستفتاء ذاته، بل عبر أدوات السياسة والتحالفات، في وقت تتغير فيه خرائط النفوذ بالمنطقة.

وأخيرًا، يُظهر هذا التحول أن صوت الشعوب لا يُمكن كتمه إلى الأبد، وأن أخطاء الماضي، ولو استغرق تصحيحها وقتًا، يمكن أن تصبح بوابة لإعادة تعريف العلاقات بين هولير والعالم.

إن الكورد، بما يمتلكونه من تجربة سياسية، ودور فعّال في محاربة الإرهاب، ووعي متزايد داخل المجتمع، يقفون اليوم عند مفترق جديد: بين استثمار التحولات الدولية لصالح قضيتهم، أو التراجع تحت وطأة الانقسامات الداخلية. والكرة في ملعبهم.

قد يعجبك ايضا