التآخي : وكالات
بينما السياسيون مازالوا منشغلين بنتائج مؤتمر القمة العربية الـ 34 في بغداد وما تمخض عنه من بيانات، تنشغل العاصمة العراقية بعدد كبير من النشاطات والفعاليات الثقافية.
ففي العراق حيوات (جمع حياة) عديدة، الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، وهذه قد تتشابك مع بعضها، او تتقاطع، خاصة الثقافية التي تنشط بمعزل عن السياسة عن طريق اقامة انشطتها، وبالتحديد المعارض التشكيلية والندوات الثقافية وبعض العروض السينمائية وحفلات توقيع الكتب والمنتديات التتي تقام في بعض البيوتات او المكتبات.
غالبية هذه الفعاليات يقيمها القطاع العام. صالات عرض تشكيلي خاصة والجمعيات الفنية والثقافية مثل جمعية الفنانين التشكيليين او نقابة الفنانين او نقابة الصحفيين او اتحاد الادباء والكتاب العراقيين ومكتبات ومنديات في بيوتات مثقفين دون اي دعم من الحكومة.
كان آخر معرض تشكيلي كبير حمل عنوان “غير قابل للكسر”، أقيم أمس الاثنين في صالة “ذي كاليري” وهو احد اهم الصالات التي انجزتها رابطة المصارف الاهلية برئاسة رجل الاعمال وديع الحنظل في منطقة العرصات الراقية بجانب الرصافة.
عشرة رسامين عراقيين من العرب والكورد، بعضهم حضر من خارج العراق، شاركوا بهذا المعرض الذي يجسد الانجاز الابداعي للحركة التشكيلية العراقية، وهي الاهم عربيا، وهم: فاخر محمد، محمد قريش، شيمن اسماعيل، دارا رسول، صالح النجار، كريم سعدون، مكي عمران، محمد الكناني، سلام عمر وعثمان أحمد.
معرض “ضد الكسر” في بغداد
ميس الكيار مدير القاعة، افادت في كلمتها الافتتتاحية: “هذا المعرض يسلط الضوء على الهوية العراقية الموحدة ويعيد ربط الاواصر الثقافية بين الفنانين الكورد والعرب واهمية حضور الفن والفنان الكوردي في بغداد”. ذلك ان المنجز الفني والفنان الكوردي كان سابقاً دائم الحضور في المعارض التشكيلية في بغداد وفي مقدمتهم الفنانين الراحلين اسماعيل خياط ومحمد عارف، والفنان المعاصر محمد فتاح الذي ساهم ويساهم في معارض تشكيلية عديدة مع اقرانه التشكيليين العراقيين العرب.
تكمن اهمية المعرض التشكيلي “ضد الكسر” بتنوع اساليب الاعمال المعروضة، وهذا امر طبيعي ومهم للغاية، تعدد الاساليب، التجريدية والتعبيرية والواقعية الجديدة والحداثوية وغيرها، يتيح للمتلقي التعرف على ابداعات الفنانين العراقيين المشاركين ويمنحه غنى جوهري ولوني.
لوحات الفنانة التشكيلية الكوردية شيمن اسماعيل التي عبرت عن نفسها من خلال اللون والموضوع، فطبيعة اقليم كوردستان، ومدينة السليمانية التي تنحدر وتعيش فيها شيمن منحتها تميزاً من بين اعمال المعرض، حتى ان المتلقي يدرك منذ اول مشاهدة لاعمالها بانها من انجاز فنانة كوردية.
شيمن اسماعيل قالت لشبكة رووداو الاعلامية: “هذه هي المرة الاولى التي اشارك فيها بمعرض تشكيلي كبير ومهم ببغداد ومع تشكيليين عراقيين عرب حيث تعرفت على تجاربهم وعليهم بصورة مباشرة”، واصفة تلك التجربة بالـ “مهمة جداً، فانا عرضت اعمالي خارج العراق واعرف تجارب واساليب تشكيليين من غير العراقيين وكان لابد من ان اكون حاضرة بمنجزي التشكيلي في بغداد كما في السليمانية واربيل، ذلك ان التشكيليين العراقيين كانوا قد شاركوا في اكبر معرض خلال مهرجان كلاويش الثقافي بالسليمانية قبل عامين”.
الكاتبة منى سعيد، وصفت لشبكة رووداو الاعلامية تجربة معرض “ضد الكسر” بالـ”مهمة للغاية، حيث يلتقي الفنانون العراقيون، الكورد والعرب، تحت سقف صالة واحدة، وهي من اهم صالات العرض التشكيلي ببغداد خاصة والعراق عامة، (ذي كاليري)، ولوحاتهم هي التي تتحاور فيما بينها ومع المتلقين الذين حضروا للتعرف على منجزات عشرة فنانين مهمين”.
تضيف منى سعيد أن “بغداد مزدحمة بالنشاطات الثقافية ما بين معارض تشكيلية وعروض سينمائية وتواقيع كتب ومحاضرات ثقافية ومنتديات في البيوتات العريقة مثل منتدى بيت الشعر باف، وفي الاسبوع الماضي كان هناك حفل توقيع روايتي (كدمات اليمام) وعرض الفيلم الوثائقي (سمفونية البرونز) للمخرجة المبدعة ايمان خضير في مكتبة اطراس”. ونبهت الى ان “هذه الفعاليات تحتاج الى دعم الحكومة حتى تتطور وتستمر تماماً مثلما يتم دعم المسرح والسينما والدراما التلفزيونية بمليارات الدنانير”.
الفنان التشكيلي مؤيد محسن، المرشح لرئاسة نقابة الفنانين التشكيليين العراقيين، ضم صوته الى ما دعت اليه الكاتبة منى سعيد وتحدث عن “ضرورة ان تخصص الحكومة ميزانية لدعم الفن التشكيلي عن طريق قيام الوزارات والمؤسسات الحكومية باقتناء اعمال الفنانين العراقيين، الشباب خاصة، لتشجيعهم من جهة وكي يستمروا بتقديم منجزات ابداعية متميزة”.
وأضاف: “كانت الوزارات ومؤسساتها في داخل العراق والسفارات العراقية في الخارج تزدحم بالاعمال التشكيلية العراقية وكذلك الفنادق الراقية، ليتعرف العالم على التطور الحضاري للفنان التشكيلي العراقي، لكننا نتفاجأ بأن بعض الفنادق الراقية في بغداد تعلق على جدرانها نسخاً مطبوعة ورخيصة من الاعمال العالمية، والاكثر من هذا ان بعض المسؤولين الحكوميين يطلبون منا تقديم بعض الاعمال هدية مجانية لهم عندما يحضرون معارضنا الشخصية او الجماعية، وهذا يسيء لنا ولهم”.