البارزاني المرجع والملجأ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

سعد الهموندي

 

البارزاني المرجع والملجأ هو عنوان كتاب بقلم الدكتور سعد الهموندي مستشار الرئيس مسعود بارزاني و رئيس مؤسسة رؤى للتوثيق والدراسات الأستراتيجية والمستقبلية، الذي يتضمن محطات مهمة من شخصية الرئيس مسعود بارزاني ومواقفه وبعض الأحداث، التي جعلت منه مرجعًا سياسيًا يستشار ويأخذ بتوجيهاته ونصائحه عند حدوث الأزمات والأنسدادات السياسية ، وملجأ لجميع العراقيين اثناء المحن والظروف الصعبة، لذلك نسعى من خلال نشر اجزاء الكتاب ان نلقي الضوء على خصوصياته الأخلاقية ومواقفه ازاء خصومه و صبره وحنكته وذكائه في التعامل مع المواقف الصعبة التي واجهته سواء اثناء ايام الكفاح المسلح او عند النزول من الجبل لينشأ اقليمًا عامرًا زاهرًا ليصبح رقمًا صعبًا في المعادلات السياسية والتوازنات في العراق والمنطقة.

 

الحلقة الواحد والعشرون

 

التعددية في إنسانية مسعود البارزاني:

من الطبيعي القول، إن الشدة والغلظة لا تفضيان إلى  وحدة وطنية حقيقية، لأنهما يعملان على إلغاء كل الخصوصيات التي تساهم في إثراء مفهوم الوحدة.

كما أن الإنحباس الضيق والقشري في الخصوصيات السوسيولوجية، يؤدي إلى التحاجز، ويمنع حالات العيش الواحد.

والثقافة لا تنمو وتتطور إلا في إطار احترام كل الخصوصيات والتنوعات، هذا الاحترام المستند إلى إطار قانوني وإنساني، يقوي من خيار الوحدة على قاعدة التنوع.

فالخصوصيات تتحرك في فضاء الوحدة، كما أن الوحدة لا معنى لها على الصعيد الإنساني والواقعي إلا بفسح المجال لكل الخصوصيات، لكي تعبر عن ذاتها اجتماعيًا وثقافيًا وسياسيًا.

فلكي تزدهر ثقافة شعب ما بحسب الرأي  والسياسة التي أرساها البارزاني، ينبغي ألا يكون شديد الاتحاد ولا شديد الانقسام، ففرط الوحدة قد يكون ناشئًا عن التحلل وقد يؤدي إلى الاستبداد أيضًا، وكلا الطرفين يعوق إطراد النمو في الثقافة.

فالثقافة الوطنية ليست إنتاج خصوصية دون أخرى، وإنما هي نتاج الحراك والتفاعل بين الخصوصيات المتوفرة في الفضاء الوطني كله.

فمن خلال تنمية التعددية الثقافية وخاصة في بلد كالعراق وتفاعل الخصوصيات مع بعضها، نحصل جميعًا على التآلف والتواصل بين مختلف الفعاليات الثقافية والأدبية والإبداعية التي تخلق تطورًا حضاريًا مميزًا،  وهذا هو الشيئ الذي سعى إليه البارزاني في سياسته المتفتحة، فالهدف الذي سعى إليه البارزاني في مبدأ التعددية الثقافية هو أن يصل إلى صياغة إظهار الثقافة الوطنية الكُردية بالصورة الحقيقية أمام باقي المجتمعات، فثقافته التي أراد إيصالها إلى باقي الشعوب هي نتاج المجتمع الثقافي الحقيقي الذي نشأ فيه بكل خصوصياته،  وتنوعاته المعرفية والتاريخية.

فتغييب الخصوصيات لا يثري الثقافة، بل يحد بها، ويخرجها من دائرة الفعل التاريخي في الواقع المجتمعي، وإمعان السياسي في إبراز خصوصية واحدة، أو العمل على تذويب وصهر الخصوصيات الصغرى في خصوصية كبرى بوسائل قسرية، لا يؤدي إلا إلى المزيد من التشظي الاجتماعي والثقافي.

فالإفراط في عزل الثقافة عن معناها الخلاق، وبالتالي عن كيفيتها في إنتاج المجتمع الذي نعيش فيه، إنما يؤدي إلى خلق ثقافة مركزية منغلقة تتصور الوجود الاجتماعي من خلال تصورها، وتوجه الخطاب الثقافي من خلال ما تنتجه النخبة المركزية من أفكار تتصل بكيفية إنتاجها للمجتمع، ومن هنا نرى أن أربيل وصلت في حال السياسة البارزانية أن أصبحت مدينة ثقافية تجمع المثقفين من جنسيات وقوميات مختلفة، بل ورٌشحت هذه المدينة لتتصدر قائمة عواصم السلام في العالم.

ويورث هذا السياق السوسيولوجي للثقافة المركزية الكُردية سلسلة طويلة من الإشكاليات يوازي حجمها حجم التنوع في المجتمع ديمغرافيًا وثقافيًا، وتكون عادة انعكاسًا لمجتمع تسوده علاقات متنوعة ومتغيرة مع الثقافة المركزية، لكن بشرط الابتعاد عن التطرف والانقسام والاختلاف والتمرد والعزلة، إلى آخر هذه السلسلة الطويلة من المواقف التي تنتج ثقافات موازية ومتصارعة وضعت بغداد في عزلة مجتمعية بعيدة عن الاندماج ضمن حضارات العالم المتقدم.

ولعلنا نلاحظ الآن أن حجم الثقافات في دول الخليج يتفاوت فيها بمقدار ما ترثه وتقدمه السياسة من تنوع ثقافي.

فالهوية الثقافية للمجتمع والوطن الذي أراد مسعود البارزاني إرساءه، يتشكل من مجموع التشكيلات الاجتماعية المتعددة في منابتها وميراثها القومي والديني وتحولاتها الثقافية، وأي تنكر لواحد من هذه المصادر، يقضي إلى انقسامات مجتمعية عميقة.

واستخدام القوة والغلبة والقسر في عملية التنكر والتغيب، لا تزيد الأمور إلا تفتتًا وانقسامًا وتشظيًا.

كما أن البارزاني عرف أن التعصب الأعمى لبعض الخصوصيات والعمل على إلغاء وقهر الخصوصيات والتنوعات الاجتماعية الأخرى، يؤسس لمشروع حروب اجتماعية مفتوحة، تهدد بمتوالاتها النفسية والعملية أسس الاستقرار وعوامل الوحدة في الإطار الوطني والاجتماعي.

 

التجانس الثقافي في الإطار الوطني، لا يأتي بالقسر وقانون الغلبة والتغييب، وإنما هو وليد حياة ثقافية واجتماعية مفتوحة على كل الاجتماعات والقراءات والآراء، وتدخل عبر أطر ومنابر وطنية في عملية حوار وجدل ثقافي لتنمية الجوامع وضبط الاختلافات والتمايزات وصياغة مشروع ثقافي وطني على قاعدة التنوع في إطار الوحدة

 

 

وذلك لأن عقلية التعصب والإلغاء، تمنع من تبلور خيار الشراكة والمشاركة لكل التنوعات في بناء الوطن وتطوير المجتمع على مختلف المستويات.

من هنا نجد أن مختلف الصيغ والطروحات التي تتداول في ساحة التعددية الكُردية، تعمل على إنجاز الاستقرار وحماية الوحدة الوطنية، وتُبعد المجتمع عن التكلس والخمول أو أن لا يرتقي إلى ممارسة الدور الحقيقي في الإطار المرسوم له.

فالتجانس الثقافي في الإطار الوطني، لا يأتي بالقسر وقانون الغلبة والتغييب، وإنما هو وليد حياة ثقافية واجتماعية مفتوحة على كل الاجتماعات والقراءات والآراء، وتدخل عبر أطر ومنابر وطنية في عملية حوار وجدل ثقافي لتنمية الجوامع وضبط الاختلافات والتمايزات وصياغة مشروع ثقافي وطني على قاعدة التنوع في إطار الوحدة.

 

البارزاني الداعم للتعددية الثقافية:

التعدد الثقافي بحاجة إلى نمط من الإدارة ينطوي على قيم الحوار والاحترام والتسامح، حتى يتسنى له المساهمة الجادة في إثراء مفهوم الثقافة الوطنية.

فالثقافات الهامشية لا تموت حينما يستخدم تجاهها القسر والقهر والإلغاء، وإنما تتمرس وتتمكن من استيعاب كل مفاعيل الإلغاء والقهر.

بينما إعطاؤها الحرية والسماح القانوني والإعلامي للتعبير عن ذاتها، يساهم في امتصاص العناصر الإيجابية  ويحول دون تأثير الواقع المجتمعي بعناصره السلبية.

فمبدأ المشاركة في بناء وتسيير هذا البلد، هو القادر على اجتراح وقائع وحقائق تزيد من فرض الاستقرار السياسي والاجتماعي، ويحمي الوحدة الوطنية من كل المخاطر والتحديات.

ولا شك أن (هناك منفعة، مصلحة يقتنصها الجميع في سياق النظر إلى الثقافة الكُردية اليوم بوصفها شراكة في الإنتاج العالمي للشعوب المسالمة، واعترافًا عقلانيًا شاملًا بالتنوع.

سنجدها تتجسد بصورة أساسية في توفر إمكانيات أوسع وأعمق في الاستثمار الثقافي، فسباقًا حقيقيًا نحو الموضوعية يتحقق من جراء استثمار التنوع، بل إن النزوع الذاتي حينئذ يتمثل بوصفه تروعًا إلى الموضوعية، ومن شأن ذلك أن يعيد ترتيب الأشياء والأولويات في ضوء استراتيجية الفعل لا رد الفعل، وفوق أرضية مهيأة لامتلاك أدوات المعرفة وإنتاجها أيضًا.

وهنا نرى متطلبات مسعود البارزاني التي قدمها لجميع حلفائه من أجل الانفتاح الحقيقي على قوى المجتمع ومكوناته المتعددة، وهذا لا يبدأ من الاقتصاد أو التعليم أو غيرها، وإنما من الثقافة المجتمعية حصرًا، وذلك لما تشكله هذه المقولة من تعبير عميق عن مكنونات الإنسان ونسيجه الاجتماعي وعلائقه  الإنسانية.

فالانفتاح الاقتصادي ليس بديلًا عن الانفتاح الثقافي، ونستطيع القول في هذا الإطار:

إن أفق الإنفتاح الحقيقي يتشكل ويتبلور من الثقافة وأنظمتها الاجتماعية.

لذلك فإن الانفتاح الثقافي الحقيقي، هو بوابة الانفتاح في مختلف المجالات والمستويات، وإذا كانت الرقابة معرقلة لحركة الاقتصاد والتجارة، فإن الرقابة في الحقل الثقافي مميتة للثقافة، ومعيقة للإبداع، وكابحة للتطور والتقدم.

فكما أن التشريع الديمقراطي للحركة الاقتصادية يزيد من فرص الاستثمارات والإنتاج، كذلك فإن إرساء دعائم قانون وطني يعطي الحرية للمثقف وأطره القائمة والمرتقبة، سيساهم في تطوير الحركة الثقافية، وسيدخلها في مرحلة جديدة من العطاء والابداع المتميز في كل الحقول.

 

 

جميع الأفعال التي أرادها البارزاني في سياسته هو تأكيده على أننا بحاجة إلى رؤية سياسية واجتماعية جديدة في التعامل مع التنوعات والتعدديات (التقليدية والحديثة) المتوفرة في مجتمعنا ووطننا، وهذه الرؤية قوامها أن هذه الحقائق لا يمكن نفيها وإقصاؤها من الواقع المجتمعي، وإنما نحن بحاجة إلى التعامل معها على قاعدة الاحترام وفسح المجال القانوني لها للتعبير عن ذاتها، وذلك لإثراء مفهوم الوحدة الوطنية

 

ولعلنا لسنا بحاجة إلى إثبات، أن فسح المجال للثقافة والمثقفين من القيام بدورهم ووظائفهم العامة، لا يضر بمفهوم الأمن الوطني، بل هو رافد من روافد تعميق خيار الأمن والاستقرار في الوطن والمجتمع.

والحوار الثقافي والتواصل الفكري بين مختلف المكونات والتعبيرات، لا يهدد الاستقرار الاجتماعي، وإنما يثريه ويزيده صلابه وتماسكًا.

كما أن الاشتغال الثقافي والسياسي على إلغاء التنوعات الاجتماعية ومنعها من التعبير عن ذاتها ثقافيًا وإعلاميًا وسياسيًا، لا يصنع نسيجًا اجتماعيًا متماسكًا، وإنما هذا الاشتغال يزيد من تسمك هذه التنوعات بخصوصياتها،  وتبحث عن سبل أخرى للتعبير عن ذاتها ثقافيًا وسياسيًا.

وجميع الأفعال التي أرادها البارزاني في سياسته هذه هو تأكيده على أننا بحاجة إلى رؤية سياسية واجتماعية جديدة في التعامل مع التنوعات والتعدديات (التقليدية والحديثة) المتوفرة في مجتمعنا ووطننا، وهذه الرؤية قوامها أن هذه الحقائق لا يمكن نفيها وإقصاؤها من الواقع المجتمعي، وإنما نحن بحاجة إلى التعامل معها على قاعدة الاحترام وفسح المجال القانوني لها للتعبير عن ذاتها، وذلك لإثراء مفهوم الوحدة الوطنية، وتمتين جبهتنا الداخلية في وقت نحن أحوج ما تكون إلى التراص والائتلاف وتجاوز التغيرات الداخلية للبناء الوطني.

لكن الأمر الأكبر الذي عمل عليه مسعود البارزاني فيما يخص التعددية الثقافية، هو ربطها بالبناء القانوني السليم، وسيادة القانون، وتوسيع حق المشاركة في الشؤون العامة كلها، وذلك من أجل إظهار عوامل إيجابية تساهم في توطيد أسباب الوحدة الكُردية، وتعمق من خيار البناء والعمران.

فلا يمكن الحصول على الاستقرار والتقدم الثقافي والاجتماعي من خارج حركة المجتمع بخصوصياته وتنوعاته.

لذلك فإن الإنصات إلى حقيقة التنوع والتعدد في المجتمع، هو البداية الحقيقية والخطوة الأولى في مشروع الاستقرار وبناء الوحدة الوطنية على قاعدة صلبة وذات عمق تاريخي، فالتنوع والتعدد في المجتمع ليس انقسامًا وتشرذمًا، وإنما هو حقيقة تاريخية ومجتمعية أن تنطلق منها في عملية التوحيد والائتلاف، وتشريع قوانين وطنية جريئة، تحمي التعدد، وتتعامل معه باعتباره جزء من قوة الوطن ومنعته.

فالوحدة الوطنية هي محصلة كل الجهود والمبادرات التي تطلقها جميع التنوعات والتعدديات التي قدمها مسعود البارزاني في إطار ترسيخ خيار العيش المشترك (الواحد) والوحدة الداخلية للمجتمع، فالوحدة الحقيقية ليست ضد حق الاختلاف واحترام المغايرة، كما أن حق الاختلاف لا يعني التشريع للفوضى والانقسام والتشرذم.

فالتنوع المحاط بالحرية والتسامح، هو الذي يصنع الوحدة، وهو الذي يضبط الاختلاف لكي لا يتحول إلى تفتت وتشظي، وهو الذي يجعل احترام المُغايرين وسيلة الاستيعاب والتفاعل.

 

وفي هذا الصدد يقول البارزاني:

(لقد مضت أزمنة التوحيد القسري وإلغاء الآخرين، وذلك لأن هذه التجارب البشرية لم تزد الواقع الإنساني إلا تشتتًا وانقسامًا وحروبًا.

فأي فئة أو مجموعة بشرية تتطلع إلى السيادة والغلبة على قاعدة نفي التنوعات ومحاربة مظاهر التسامح والاختلاف فإن مآلها السقوط والفشل، وذلك لأن جميع القوى الإنسانية أدركت أن القهر لا يلغي حقها في التعبير عن ذاتها، وأن الاستبداد ليس سبيلًا إلى التمكن والاستقرار، بل على العكس من ذلك حيث أنه هو الذي يساهم بمتواليات الاجتماعية في تكثيف لحظات الإحساس والشعور بالذات وخصوصياتها المتعددة.

فنحن مع احترام الاختلاف بوصفه سبيلًا للاتفاق، والاعتراف بالتباين بوصفه دليلًا على العافية، وتأكيد أنه ما من أمل في سلام البشرية ما ظلت حضارة من الحضارات أو ثقافة من الثقافات أو أمة من الأمم تمارس قهرًا سياسيًا أو فكريًا أو أخلاقيًا على غيرها من الحضارات أو الثقافات أو الأمم بدعوى أن الطبيعة والتاريخ ميزها على غيرها بما لا يمتلكه سواها، فمستقبل البشرية مرهون بالاحترام المتبادل، والتخلي عن رواسب التمييز العرقي أو التعصب المذهبي، والتسليم الذي لا رجعة فيه بأن إنكار الخصائص الثقافية أو الحضارية لشعب من الشعوب، إنما هو نفي لكرامة هذا الشعب وكرامة الإنسانية جمعاء.

ولكن السؤال هو: كيف تتيح لحالة التنوع أن تقودنا إلى التعايش والوحدة وليس إلى الانقسام  والحروب؟

لا ريب أن الإجابة على هذا السؤال المركزي، يعد من القضايا الأساسية التي تساهم في خلق رؤية جديدة لواقع التعدد والتنوع في واقعنا ومجتمعنا، وأن صون الحقوق الثقافية والسياسية للتنوعات هو السبيل الذي يوصلنا إلى أن تكون حالة التنوع طريقًا للتعايش والوحدة بدل أن تكون سببًا للانقسام والحروب.

وما نود أن نبلوره في هذه الدراسة، هو الحقوق الثقافية للتنوعات والتعدديات المتوفرة في فضائنا الاجتماعي، ضمن حقوق التنوع الثقافية.

فحقوق التنوع الثقافية لا تتم إلا عبر السماح لكل التنوعات الاجتماعية من توفير مصادرها الدينية والفكرية والقومية، حتى يتسنى لكل الأجيال من التواصل المباشر والحر مع هذه المصادر، وهذا من الحقوق الثقافية الاصلية والرئيسة لكل التنوعات الاجتماعية، بصرف النظر عن أحكام القيمة تجاه هذه المصادر.

وكل أشكال محاربة وإقصاء هذا الحق الطبيعي، يعد وفق المقاييس الإنسانية والحضارية، تجاوزًا نوعيًا وخطيرًا على قيم التعددية والتسامح وحرية العقيدة والرأي والتعبير.

لهذا فإننا نرى أن التنوعات الاجتماعية، بحاجة إلى إطار قانوني في إطار وحدة الوطن والمجتمع، حتى يتسنى لها من خلال هذا الإطار ممارسة شعائرها والتعبير عن ذاتها الثقافية، وتتواصل بحرية مع مصادر وأمهات كتبها الدينية والتاريخية والوطنية والقومية.

فمنع هذه التنوعات من التواصل الحر مع مصادرها الثقافية، تحت دعاوى الحفاظ على الوحدة والوئام الاجتماعي، لا يؤدي إلى إرساء دعائم الاستقرار الثقافي والاجتماعي، بل العكس من ذلك تمامًا،إذ أن هذا المنع، يزيد من الاحتقانات، ويوفر فرصًا عديدة لتجاوز القانون والدخول في مواجهات تهدد حالة الاستقرار والوحدة الوطنية.

فالحرية الثقافية بكل مفرداتها وآفاقها، حق طبيعي لكل التنوعات، فاليوم أربيل حققت هذه الحرية لنجد فيها الكُردي والعربي والتركماني والشبكي والمسيحي واليزيدي والصابئي، يعيشون معًا ضمن تناغم ثقافي يزيد من حرية التعبير في هذا البلد، وكأننا في صدد تطبيق ما كان قد قاله

 

الملا مصطفى البارزاني:

(أنا طوال حياتي وحتى الآن، ومن خلال معايشتي لأصدقائي ورفاقي، وخلال اضطلاعي بمسؤلياتي السياسية والعسكرية  لم أخن قط أحدهم ولم أكن طامعًا في شيئ، ولم أظهر حبي لذاتي لأحد منهم، كنت أعطيهم ما أحمله من الخبز وأبقى أتحمل الجوع، أعطيهم ملابسي وأبقى أصارع البرد القارس، كنت أرافقهم في جبهات القتال كلما كان ذلك بمقدوري، كنت أولهم دائمًا.

 

 

قد يعجبك ايضا