بغداد – التآخي
كشفت حادثة الاعتداء على تلميذ عمره 11 سنة في مدينة الرصيفة شمال شرق العاصمة الأردنية عمّان، في 3 آذار الماضي، وتعرضه لحروق خطيرة نتيجة قيام زميلين له بإشعال النار فيه داخل المدرسة، عن مستوى جديد من العنف المدرسي، ونبهت المجتمع والجهات المعنية إلى تصاعد ظاهرة العنف داخل المدارس.
وقبل هذه الحادثة بأقل من أسبوعين، تعرّض طفل آخر لضرب مبرح من قبل مجموعة من التلاميذ داخل الغرفة الصفية بمدرسة في مدينة الشرق بمحافظة الزرقاء، ما أسفر عن إصابته بنزيف داخلي، وجددت حادثة الحرق الحديث عن حادثة الضرب قبل أن يطويها الإهمال.
يقول الخبير التربوي ذوقان عبيدات لـ “العربي الجديد”: “بات العنف منتشراً في المجتمع الأردني، وهو في الغالب نتيجة ثقافة التنافس، أو امتلاك البعض قوة فائضة على حساب فئات أخرى ضعيفة، والمفروض ألا تكون هذه الأوضاع قائمة في المجتمع المدرسي، وفي حال وجودها يجب أن تكون بالحد الأدنى، وأن تكون طرق الوقاية منها فاعلة، لكن هذا غير قائم في مدارسنا”.
يضيف: “عوامل العنف في المدرسة عديدة، وأهمها غياب الوقاية التي يفترض أن تكون فاعلة، إضافة الى غياب برامج التوعية، وكذا غياب الرقابة. من العوامل التي تشجع العنف ثقافة المدرسة التنافسية، سواء بالمراكز أو النتائج والعلامات، ما يفتح المجال لسخرية بعض التلاميذ من زملائهم، وهذا لا يجوز، ويجب التعامل مع الأطفال بعدالة ونزاهة واحترام. في كثير من الأحيان يتعرض الطلبة لضغوط من إدارة المدرسة عبر القوانين والأنظمة، مثل الطلب من التلاميذ عدم الحركة أو عدم الحديث، ونتيجة هذه الضغوط يصبح لدى بعض التلاميذ إحباط يتحول بعد ذلك إلى عنف”.
مكافحة العنف المدرسي
ويرى عبيدات أن “المناهج المدرسية التي تفرض على التلاميذ مواضيع لا علاقة لها بحياتهم تشعرهم بالامتعاض، لتكون لديهم مواقف ضد المناهج، وبالتالي يقاومون فرضها عليهم بأشكال مختلفة، من بينها ممارسة العنف على الزملاء، أو الشغب في الفصول الدراسية، وأحياناً تمزيق الكتب، أو التسرب من المدارس.
الحياة المدرسية لدينا ليست ممتعة، فهي من امتحان إلى آخر، وكثرة الواجبات والامتحانات تجعل الطلبة غير سعداء، والمدارس الخالية من العنف هي المدارس السعيدة، والمدرسة السعيدة هي التي تحترم الطلبة، وتوفر لهم أوقاتاً ممتعة، وتملأ وقتهم بالنشاطات الإيجابية والمبهجة”.
ويوضح: “لا توفر وزارات التربية البيئة التعليمية المناسبة، ولا المناهج المناسبة، ولا تهتم بوقائع العنف إلا حين وقوعها، وحين تصبح قضايا رأي عام يتداولها الإعلام. في قضية الرصيفة، جرى تحويل مدير المدرسة وأحد المعلمين إلى المحكمة، وهذا لا يحل المشكلة، فالقضية ليست قانونية فقط، وفي الحقيقة، التلميذ المحترق والتلاميذ الذين قاموا بهذا الفعل والمدير والمعلم هم ضحايا للنظام التعليمي، وعلينا التفكير في حلول تربوية. مجلس التربية لم يعقد أي جلسة لمناقشة الموضوع، ولم نسمع عن اتخاذ إجراءات كتشكيل لجنة للبحث بقضايا العنف، أو مؤتمر وطني لتطوير النظام التعليمي