الورش والدورات العملية.. ركيزة أساسية لتطوير صناعة السينما في العراق

مصطفى حسين الفيلي –مخرج سينمائي
دراسة السينما في الجامعات مثل جامعة بغداد تضع الأساس النظري المهم لأي طالب يسعى للدخول في عالم الفن السابع. لكن للأسف، القاعات الدراسية وحدها لا تكفي لتكوين سينمائي متمكن وناجح. السينما ليست مجرد نظريات ومعلومات، بل هي تجربة عملية حقيقية تتطلب احتكاكاً مباشراً بالكاميرا، الإضاءة، فريق العمل، وأدوات الإنتاج المختلفة. لذلك، لا بد أن يرافق الجانب النظري تدريبات وورش عمل عملية تمنح الطالب الخبرة اللازمة ليصبح مبدعاً وفاعلاً في هذا المجال.
للأسف، كثير من الطلاب يفتقدون إلى هذه الفرصة، ويجدون أنفسهم أمام تحدي كبير عندما يواجهون سوق العمل بسبب نقص الخبرة العملية. لذا من المهم جداً أن تتدخل الجهات المختصة مثل الجامعات، و الوزارات المعنية، والنقابات الفنية، لتوفير ورش ودورات تدريبية مستمرة بإشراف خبراء ومحترفين. هذه الورش ليست فقط لتنمية المهارات التقنية، بل لتمكين الطلاب من التعامل مع التحديات الواقعية التي تواجه صناعة السينما.
توجد جهات تقيم ورش سينمائية، مثل بعض سفارات الاتحاد الأوروبي في بغداد، على غرار السفارة الفرنسية والسفارة الألمانية، والتي تقدم ورش عمل مجانية تستهدف تطوير مهارات الشباب في مجال السينما. مؤخراً، قامت السفارة الألمانية بالتعاون مع المعهد الثقافي الفرنسي بإقامة دورة في صناعة السينما في معهد جوته الألماني، أدارها مخرج أفلام ألماني قدّم ورشة متخصصة لصناع السينما الشباب، مما أتاح لهم فرصة فريدة للتعلم من خبرات محترف دولي.
رغم هذه المبادرات الإيجابية، إلا أن هذه الفرص تبقى محدودة مقارنة بالحاجة المتزايدة، مما يحتم على الدولة توسيع جهودها لاستقدام صناع سينما من الخارج لتنظيم ورش ودورات تدريبية متخصصة. هذا التبادل الثقافي والفني سيمكن الطلاب من التعلم من تجارب متنوعة وتقنيات جديدة، ويعزز شبكة العلاقات بين السينمائيين العراقيين والعالميين، ويساعد في رفع مستوى السينما العراقية على الصعيد الدولي.
في النهاية، تطوير صناعة السينما في العراق يحتاج إلى دمج الجانب النظري بالجانب العملي بشكل متوازن، ودعم مستمر من الجهات المعنية لتوفير بيئة تعليمية تطبيقية تتيح للطلاب اكتساب الخبرة الحقيقية التي تؤهلهم لمواجهة تحديات المهنة بثقة وإبداع.
قد يعجبك ايضا