ماهين شيخاني
عندما سقط النظام العراقي عام 2003، قال الرئيس مسعود بارزاني أمام القيادات السياسية العراقية في أربيل مقولة أصبحت رمزًا لمرحلة جديدة:
“الآن، أحسّ بعراقيتي.”
لم يكن هذا التصريح مجرد عبارة إنشائية، بل تعبيراً صادقًا عن تحوّل سياسي ودستوري عميق، جعل من الكورد شركاء حقيقيين في عراقٍ جديد، من خلال اعتراف رسمي بفيدرالية إقليم كوردستان، واحترام لهوية الكورد القومية، ولغتهم، وموقعهم الجغرافي كمكون أصيل من مكونات البلاد.
لكن، نحن الكورد في سوريا، وبعد أكثر من عقد على اندلاع الثورة السورية، وبعد كل ما قدمناه من تضحيات في وجه الاستبداد، لم نسمع حتى اليوم عبارة واحدة من سياسي سوري يقول فيها:
“الآن نحسّ أن الكورد جزء من سوريا.”
بل على العكس، كل المؤشرات تؤكد أن الذهنية الإقصائية ما زالت حاكمة في مؤسسات النظام والمعارضة على حد سواء، وأن الحقوق القومية للكورد لا تزال تُعامل كملف مؤجل، أو “مشكلة” قابلة للطمس أو المراوغة، لا كجزء من الحل السوري.
الحلم السوري المكسور في قامشلو
في المؤتمرات التي عقدتها أطراف المعارضة في قامشلو مؤخراً، تَكرّر نفس السيناريو: خطاب عام عن “الوطنية”، و”الوحدة”، دون أي التزام عملي أو سياسي تجاه الكورد، لا كمكوّن قومي، ولا كواقع جغرافي يملك مشروعه الخاص في الإدارة والحماية والتعليم.
لم يطرح الطرف الآخر أي خطوة نحو اتفاق جدي أو رؤية جامعة تحترم خصوصية كوردستان سوريا، لا دستوريًا ولا سياسيًا. بل ظلّ يراوح في نفس منطقة النفي والتشكيك، ويصرّ على فرض “سوريتهم” الأحادية، التي لا تعترف بالآخر إلا كمجرد تابع أو ضيف طارئ.
من الوطن إلى الهوية الناقصة
نحن لا نطلب امتيازات، بل نطالب فقط بما يطالب به غيرنا من الشعوب في بلدانهم:
اعتراف دستوري بهويتنا القومية.
إدارة ذاتية ديمقراطية على أرضنا التاريخية (كوردستان سوريا).
تمثيل عادل في مؤسسات الدولة.
احترام لغتنا وثقافتنا وحقنا في تقرير مصيرنا ضمن وحدة سوريا.
إن ما يقدمه الكورد اليوم في سوريا من نماذج ديمقراطية، وإدارة محلية، ودفاع مشروع، هو مساهمة في بناء سوريا تعددية، لا تهديد لها.