زهير كاظم عبود
بعد انتهاء حرب الخليج صدر قرار من مجلس الامن الدولي برقم ٨٣٣ يقضي بترسيم الحدود بين العراق وايران ٬ وكان العراق قبل هذا وامتثالا لقرارات الأمم المتحدة اصدر قرار برقم ٥٥ في كانون الثاني من العام ١٩٩٤يقضي باعتراف العراق بسيادة دولة الكويت ٬ واعتراف العراق بالحدود الدولية بين العراق والكويت وفقا لما رسمته اللجنة الخاصة التي اعتمدتها الأمم المتحدة في هذا الجانب ٬ ويحترم العراق الحدود الدولية المذكورة ٬ والتزم الجاران بالترسيم الذي رسمته اللجان المختصة على الجزء البري من الحدود بالإضافة الى خور عبدالله والقطاع البحري من الحدود ٬ وان القرارات المتخذة بشأن ذلك من القرارات النهائية التي تحترم الحق في المرور الملاحي للطرفين ٬ وكانت الأمم المتحدة أصدرت قرارات عديدة من بينها القرار ٦٨٧لعام١٩٩١ والقرار ٨٣٣ لعام ١٩٩٣.
و (خور عبدالله ) هو خور يقع في شمال الخليج العربي ما بين جزيرتي بوبيان ووربة الكويتيتين وشبه جزيرة الفاو العراقية ويمتد خور عبد الله إلى داخل الأراضي العراقية مشكلاً خور الزبير الذي يقع به ميناء أم قصر العراقي، قامت الحكومة العراقية سنة 2010 بوضع حجر الأساس لبناء ميناء الفاو الكبير على الجانب العراقي.
وفقاً لقرار مجلس الامن الدولي المرقم ٨٣٣ لعام ١٩٩٣ فإن خور عبد الله مقسوم بين جمهورية العراق ودولة الكويت وحدود الخور بينهما هي خط الوسط ويكون الخور منفذاً بحرياً ممكناً للدولتين إلى مختلف أنحاء إقليم كل منهما، والملاحة البحرية متاحة لهم ٬ وبغية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله من خلال تشكيل لجنة مشتركة تعمل على تفعيل بنود هذه الاتفاقية ووضع الخطط المشتركة للسلامة البحرية في خور عبد الله وغيرها من القضايا الملاحية والبيئية ولغرض تعزيز العلاقة الثنائية بين البلدين واحتراما لحق المرور الملاحي المنصوص عليها في المواثيق والاتفاقيات الدولية، لغرض التعاون في تنظيم الملاحة البحرية والمحافظة على البيئة البحرية في الممر الملاحي في خور عبدالله بما يحقق مصلحة كلا الطرفين .
اتفاقية خور عبد الله اتفاقية ثنائية تهدف الى تنظيم الملاحة البحرية بين الطرفين ٬ وبما يحقق مصالح الطرفين الملاحية والاقتصادية ٬ وهذه الاتفاقية عرضت على مجلس النواب العراقي الذي صادق عليها بتاريخ ٢٥تشرين الثاني ٢٠١٣ ٬ وان هذه الاتفاقية لا تؤثر بأي شكل من الاشكال على الحدود الدولية المرسومة بين العراق والكويت.
ولما كانت الفقرة رابعا من المادة (٦١) من الدستور العراقي تنص على تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية بقانون ٬ واشترطت ان يسن هذا القانون بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب ٬ وتم تقديم طعن امام المحكمة الاتحادية العراقية العليا يذكر فيه مخالفة هذه الاتفاقية لموافقة ثلثي أعضاء المجلس ٬ وعلى ضوء هذا الطعن دققت المحكمة ذلك وأصدرت بتاريخ ٤أيلول ٢٠٢٣يقضي بأبطال الاتفاقية لعدم انسجامها مع النص الدستوري ٬ بمعنى ان المحكمة دققت الجانب الشكلي في صدور قرار مجلس النواب بهذه الاتفاقية ووجدت انه مخالف للدستور ٬ فقررت ابطاله ٬ وقرار المحكمة وفقا لنص المادة (٩٤) من الدستور يكون باتا وملزما لكافة السلطات ٬ وعوضا عن معالجة القضية وفق السياقات الدستورية والقانونية لجأ فخامة رئيس الجمهورية والسيد رئيس الوزراء طلبا للمحكمة المذكورة يطلبان فيه منها العدول عن قرارها بأبطال قانون اتفاقية خورعبدالله ٬ وذكرا في طلبهما مراعاة العراق لمبدأ حسن الجوار والالتزام بعدم التدخل في الشأن الداخلي للدول والالتزام بالقرارات الدولية ٬ غير ان المحكمة اجلت النظر في صدور قرار بصدد الطلب الذي سيتم رفضه لان قرارات المحكمة باتة وقطعية لا يجوز الطعن بها وتوجب الالتزام والعمل بها .
وحيث ان اتفاقية خور عبدالله لا تمس السيادة العراقية ٬ وهي اتفاقية تضمن المصالح المشتركة بين الطرفين ٬ وان التصعيد الإعلامي يشوش ليس فقط الحقائق الراهنة التي يتم اعتمادها بل يضعف حتى إمكانية إيجاد حلول مشتركة ومنسجمة مع القانون والدستور ٬ وبما يضمن استمرار علاقة حسن الجوار والتفاهم المشترك بين العراق والكويت ٬ وتغليب الموقف الوطني على الموقف السلبي والتصعيد في الاتهامات واستغلال المشاعر الوطنية ٬ والخلاصة ان المسار الدستوري والقانوني في قضية (خور عبدالله ) ينبغي ان تكون الاتفاقية منسجمة معهما حتى تصبح نافذة ٬ وتحقق مصالح البلدين الجارين .