من مسارات العلاقة بين الكورد و بغداد. ( تكملة الحديث) الاقليم و حقوقه و التزاماته

فاضل ميراني*

كان القسم الاول قد تم نشره بعدد يوم الاحد ال١١ من آيار الجاري بجريدة الزمان الغراء و بعدها مترجما للكوردية بعدد من صحافة الاقليم و المواقع الاليكترونية، ويتبعه هذا القسم.
اصبح اقليم كوردستان كيانا قانونيا قبل جمهورية ٢٠٠٣، و اصبح عنوان العراق القانوني في دستور العراق الذي تأخذ من السلطات شرعيتها جمهورية فيدرالية، و في اللغة و البحث العلمي فأن الزيادة في المبنى زيادة في المعنى، و العنوان يفهم من اختيار كلماته و بنائها، و اللغة القانونية لغة حاكمة لاسيما بصفتها التي تأخذ الجانب الرسمي، نعم ربما يتم التحايل على ثغرات بها ان وُجدت و قد يتم تجميدها او تحميلها معان ليس من نصها او روحها، لكن ذلك الخلل المفتعل يضر بأعمدة الدولة، ويمتد الضرر و ينمو و قد يصبح مثل ظاهرة تضخم الفائدة التي تفوق مقدار الديون.

هناك ايضا نظرية قانونية معمول بها في القانون الدولي وهي مسؤولية الدولة عن اعمال انظمتها، اي ان المسؤولية مترتبة على ذمة النظام البديل، وعليه فالفرق و الاثر و المطلوب عمله و كذلك الالتزامات واضحة و هي التي يجب ان تسري بخلاف الفارق الاخر الذي يحكي و يكتب و ينشر تبريرات لا يقيم لها القانون اعتبارا.

انا شخصيا و نحن في كوردستان نفهم معنى اختيار الفيدرالية و على المركز ان يظهر فهمه لعنوان رسمي لبلد يحكمه بموجب ان اغلب الصلاحيات تم نقلها لمنصب رئيس مجلس الوزراء، ومع هذه الصلاحيات فأن كوردستان اقليم قبل ٢٠٠٣ وله حقوق و عليه التزامات و مثلما للاخرين حججهم في التعويض عن التاريخ المزدحم بالظلم و الغبن، فلكوردستان حصة مضاعفة قياسا بالمساحة و عدد السكان و السبق و التواصل و التأصل في العمل المعارض المسهم بواقعية في خلق رأي داخلي و خارجي و اقليمي مؤثر في معادلة ادت الى ما كان عليه من عمليات عسكرية و غطاء سياسي ازاح النظام، مع الاشارة الى انه لولا القوة الخارجية لكان الوضع العراقي قد تأخر تبديله و تبدلت في ضوء ذلك صيغة الحكم و لحلت قوى اخرى و اسماء اخرى.

ليس سرا اننا اصلاء في العراق شركاء في مجتمع البلاد لكننا لسنا سوى مشاركين في اعمال الحكم و بنسب قليلة، و هنا ارد بقانونية و اخوية على القائلين ان علينا ان نكتفي بكوردستان، انذاك عليهم ان يستبدلوا صيغ الحكم الحالي، واول الاستبدال هو ازالة العرف التقاسمي للمناصب بحيث لا يتم احتكار المكان لمرشح تجمع حزبي او ائتلاف نيابي لمكون من مكونات العراق، لان ذلك العرف حرم الكوردي من مناصب مثلما حرم العربي السني و الشيعي من مواقع، مع التذكير بالوجود المسيحي المهم و التركماني و باقي مكونات العراقيين الذين دخلوا على الاقل ضمن التعداد السكاني الذين يتم الان التوجه لهم قبيل الانتخابات.

سأفرد فقرة مؤثرة تتعلق بمدى استيعاب قوى القرار المركزي و تأثيرها المضر بالهوية العراقية و المواطنة التي يفترض انها جديدة تقوم على ركام المواطنة المحطمة سابقا، اذ ان بكوردستان من الموظفين من هم اقدم تعيينا من النظام السياسي الجديد. ومن اسماء صارت بموجب هذا النظام متحكمة بموارد الدولة و مسار انفاقها و جدوى الانفاق التي تكون كثيرا من الاحيان جدوى بلا جدوى ناهيك عن التجروء على المال العام، وقبل ذلك ففي كوردستان الوف من ضحايا النظام بشرا و ارضا و مقدرات، ولا ربط لحقوقهم بخلافات بين المركز و الاقليم، مثلما لا ربط لحقوق موظف بخلاف بين وزير و موظف في البصرة او كربلاء.

هناك مسألتان ايضا، الاولى هي ان المناصب التنفيذية لا يصح لها ان تدير ظهرها لجمهور فتمنع حقه و تفتح اذرعها لجمهور يفيدها تعبويا، كما ان السلطات ان تقترب اكثر من شعب له عرقه و لغته و تفكيره و انتشاره، والا تتخذ من سنن المزالين من السلطة سنة متجددة بحجة سياسية.

لقد قلنا و كررنا و كتبنا و نكتب ان العمل قد تنتج عنها خلافات و ان مرجع الفصل هو القانون و القضاء و معلوم ان القضاء لابد ان يكون مترفعا عن كل رأي، فكلنا نعلم التنحي الوجوبي عن التداخل في قضايا يفهم من اوراقها ان تحتمل عدم الحياد.
ليس سرا ايضا وجود خلط كبير و تضارب يعكس ازدواجية بين النص الدستوري و الحكم القضائي و المنطوق القانوني من جهة و بين سيطرة على القرار جراء استخدام المناصب و الموارد لتقديم هويات ليست وطنية موحدة او واحدة.

ان تكرار تجميل ما هو ليس بجميل امر معيب و ان نفي المشكلة هو اخلال بالقسم و تدليس على الجمهور.
نريد ان نقدم للعراق فعلا افضل ما يمكن و على الاخرين ان يفصلوا بين منصبهم الذي يتقاضون عليه راتبهم الشهري و بين عقيدتهم التي لا يجب ان تتداخل مع الوظيفة.

*مسؤول الهيئة العاملة للمكتب
السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني

قد يعجبك ايضا