أربيل – التآخي
تعقد إيران والولايات المتحدة امس الأحد في مسقط، جولة رابعة من المباحثات بشأن برنامج طهران النووي، وسط تصاعد مواقف المسؤولين الأميركيين الرافضة لاحتفاظ الجمهورية الإسلامية بقدراتها في مجال تخصيب اليورانيوم.
وبدأ الطرفان مباحثات في 12 نيسان/أبريل بوساطة من عمان التي كانت أدت دور الوسيط أيضا في مفاوضات سابقة أثمرت في العام 2015، التوصل إلى اتفاق دولي بين طهران والقوى الكبرى بشأن الملف النووي.
وعقد الجانبان إلى الآن ثلاث جولات من المحادثات، استضافت مسقط اثنتين منها، وأقيمت واحدة في مقر للبعثة الدبلوماسية العمانية في روما. وكان مقررا إجراء جولة رابعة في الثالث من أيار/مايو في العاصمة الإيطالية، لكنها أرجئت “لأسباب لوجستية”.
وكما سابقاتها، يتوقع أن تكون الجولة الرابعة بقيادة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف.
وبدأت المباحثات بعدما بعث الرئيس الأميركي دونالد ترامب برسالة إلى القيادة الإيرانية يحثّها فيها على التفاوض، ملوّحا باحتمال اللجوء إلى الخيار العسكري ضدها في حال فشل ذلك.
وتأتي الجولة الرابعة قبل يومين من بدء ترامب زيارة للمنطقة تشمل السعودية وقطر والإمارات. من جانبه، زار عراقجي قطر والسعودية قبل التوجه إلى مسقط.
وبينما أكدت إيران والولايات المتحدة تحقيق تقدم في المباحثات، تعكس مواقفهما تباينا بشأن تخصيب اليورانيوم، إذ اعتبرت إيران ذلك “حقا” لها، بينما شدد ويتكوف على وجوب “تفكيك” المنشآت المخصصة لهذا الغرض.
وبعدما كان المبعوث الأميركي ألمح إلى مرونة محتملة بشأن مواصلة إيران تخصيب اليورانيوم عند مستويات تكفي حصرا للاستخدام المدني السلمي، اعتمد هذا الأسبوع نبرة أكثر حزما، بتأكيده أن التخصيب “خط أحمر” لواشنطن.
وقال في مقابلة مع موقع إخباري أميركي الجمعة إن “برنامجا للتخصيب لا يمكن أن يكون قائما في دولة إيران مجددا”.
وتابع “هذا هو خطنا الأحمر. لا تخصيب”، موضحا “هذا يعني التفكيك، يعني عدم التسليح، ويعني أن نطنز وفوردو وأصفهان، وهي منشآت التخصيب الثلاث (في إيران)، يجب أن يتم تفكيكها”.
في المقابل، دافع عراقجي هذا الشهر عن “حق” بلاده في تخصيب اليورانيوم.
وكتب على منصة إكس مطلع أيار/مايو “إيران لديها كل الحق في امتلاك دورة الوقود النووي الكاملة”، مضيفا “هناك العديد من الدول الأعضاء في معاهدة حظر الانتشار النووي (وإيران منها)، التي تقوم بتخصيب اليورانيوم بينما ترفض الأسلحة النووية بشكل كامل”.
ولطالما اتهمت دول غربية، بما فيها الولايات المتحدة، إيران بالسعي إلى تطوير أسلحة نووية، وهو ادعاء تنفيه طهران التي تؤكد حقها في التكنولوجيا النووية وأن برنامجها سلمي حصرا.
– “خبراء” في مسقط –
وتهدف المحادثات الأميركية الإيرانية إلى إبرام اتفاق جديد يحول دون تمكين إيران من تطوير أسلحة نووية مقابل رفع العقوبات التي تشل اقتصادها.
وتصاعد التوتر بشأن البرنامج النووي الإيراني منذ أن سحب ترامب في 2018 الولايات المتحدة من الاتفاق الذي أبرمته طهران مع القوى الكبرى عام 2015، وأعاد فرض عقوبات على الجمهورية الإسلامية.
ونصّ الاتفاق على تقييد أنشطة طهران النووية مقابل رفع العقوبات عنها. وبقيت الجمهورية الإسلامية ملتزمة الاتفاق لعام بعد الانسحاب الأميركي، قبل أن تبدأ بالتراجع عنه تدريجا.
وحدّد الاتفاق سقف تخصيب اليورانيوم عند 3,67 في المئة. إلا أن الجمهورية الإسلامية تقوم حاليا بتخصيب على مستوى 60 في المئة، غير البعيد عن نسبة 90% المطلوبة للاستخدام العسكري.
وأفاد تقرير للنشر للوكالة الدولية للطاقة الذرية اطلعت عليه فرانس برس أواخر شباط/فبراير، أنّ إيران زادت بطريقة “مقلقة للغاية” مخزوناتها من اليورانيوم المخصّب بنسبة 60%.
منذ عودته إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير، أعاد ترامب فرض سياسة “الضغوط القصوى” التي اعتمدها خلال ولايته الأولى والقاضية بفرض عقوبات على إيران. ولوّح بقصف إيران في حال عدم التوصل الى اتفاق معها.
وإضافة إلى دورها بين واشنطن وطهران، قادت سلطنة عمان أخيرا وساطة بين الولايات المتحدة والمتمردين الحوثيين المدعومين من طهران. وتوصل الطرفان إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، أعلن بموجبه ترامب وقف الضربات الأميركية على اليمن.
وتأتي المباحثات الأميركية الإيرانية في فترة من التغيرات في الشرق الأوسط، حيث تكبد حلفاء لطهران، خصوصا حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني، خسائر فادحة جراء الحربين مع إسرائيل في غزة ولبنان. وصعّدت الدولة العبرية في الآونة الأخيرة من تهديداتها لإيران، بينما شدد رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو المعارض للمباحثات بين حليفته واشنطن وطهران، على وجوب عدم السماح للجمهورية الإسلامية بتطوير سلاح ذري، وأيضا تفكيك برنامجها الصاروخي.
وتؤكد إيران من جهتها أن المباحثات الراهنة تقتصر على الملف النووي.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية اسماعيل بقائي أن الوفد المشارك في الجولة الرابعة “يضم خبراء ومتخصصين تحتاجهم هذه المرحلة من المباحثات، يعملون في سبيل المصالح العليا لبلادنا”.