كتاب تأريخ الحزب الشيوعي في محافظة الديوانية

نبيـــــل الربيعي – زهير كاظم عبود

سيصدر خلال الأسبوع المقبل كتابنا الموسوم {تاريخ الحزب الشيوعي العراقي في محافظة الديوانية (1934-1994م)} عن دار الفرات للثقافة والإعلام في بابل، الكتاب يتضمن (560) صفحة من الحجم الوزيري مزود بالوثائق والصور. فضلاً عن المصادر التي تجاوزت (99) مصدر عربي ومترجم، إضافة إلى اعتمادنا على الصحف والمجلات المحلية واللقاءات مع الرفاق؛ والرسائل الألكترونية والاتصالات. وبجهود مضنية تمكنا من توثيق تاريخ الحزب الشيوعي في محافظة الديوانية منذ التأسيس ولغاية عام 1994م.

بدأنا البحث والتقصي ومتابعة مذكرات المناضلين ممن كتب مساهماته في تطوير التنظيم الشيوعي في المدينة، ومن خلال متابعتنا وإجراء لقاءات مع المناضلين ممن لم يكتبوا مذكراتهم سواءٌ كانوا داخل العراق أو خارجه، فبدأنا التدوين والطباعة والتنضيد على الحاسبة حتى خرج هذا السفر الذي لا نقول أننا تمكنا من توثيق جميع مفاصل تاريخ محلية الديوانية للحزب الشيوعي، ولكن بتواضع نقول هذا ما تمكنا من توثيقه.
في الأخير خرج هذا الكتاب إلى الحياة كمولودٍ جديد يحمل بين طياته أسماء مناضلين وشهداء ضحوا من أجل حياةٍ حرةٍ كريمة، ومن أجل وطن حرٌ وشعبٍ سعيد، تسابقوا إلى الشهادة غير وجلين ولا مرعوبين، يرددون أغاني الحزب واناشيده، عارفين انهم يعيشون لحظاتهم الأخيرة رافعي الرؤوس، كوكبة من الشهداء منذ العهد الملكي، وفترة الجمهورية الأولى، وفترة انقلاب شباط، ورفع السلاح من اجل اسقاط سلطة صدام.
حَزمَ الكتابُ في داخله بتسعة فصول وكل فصل يتضمن عدة بحوث، الفصل الأول تضمن تاريخ محلية الديوانية الأولى في عقد الثلاثينيات والأربعينيات، وتم تسليط الضوء من خلاله على تشكيل اللجنة المحلية للحزب الشيوعي العراقي في نهاية الثلاثينيات والأربعينيات، ومنظمات الحزب الشيوعي في الأقضية والنواحي، ودور محلية الديوانية في وثبة كانون الثاني 1948م.
أما الفصل الثاني فقد سَلطَ الضوء على تاريخ محلية الديوانية في عقد الخمسينيات، وتاريخ المنظمات المهنية في تلك الحقبة منها: حركة السلم والتضامن، إتحاد الطلبة العام، إتحاد الشبيبة الديمقراطي، رابطة المرأة العراقية، الجمعيات الفلاحية. فضلاً عن دور محلية الديوانية بانتفاضة تشرين الأول عام 1952م، وميثاق باسم وانشقاق راية الشغيلة، وتشكيلة لجنة الفرات الأوسط عام 1956م، ودور محلية الديوانية في تظاهرات عام 1956م ضد العدوان الثلاثي على مصر، ومنظمات الحزب في الأقضية والنواحي. وتسليط الضوء على جبهة الاتحاد الوطني عام 1957م، والانتفاضة الفلاحية في لجنة الفرات الأوسط عام 1957م.
أما الفصل الثالث فقد سَلطَ الضوء على تاريخ لجنة الفرات الأوسط للحزب للفترة 1955-1958م.
والفصل الرابع تضمن الاحداث التي واكبت محلية الديوانية للحزب أبان ثورة 14 تموز 1958. ومحلية الديوانية للحزب الشيوعي العراقي في العهد الجمهوري الأول والثاني، منذُ عام 1958م ولغاية عام 1968م، واللجان التي شُكلت في حقبة ثورة 14 تموز، ومنها: لجنة المقاومة الشعبية، ودور اتحاد الشبيبة الديمقراطي في دعم الجمهورية، فضلاً عن اتحاد الطلبة العام ورابطة المرأة العراقية وحركة السلم والتضامن، ودور وفاعلية النقابات المهنية ومهرجان أنصار السلام، وتنظيمات لجنة الفرات الأوسط عام 1960م، ودور الحزب في دعم قانون الاصلاح الزراعي وبيان رقم (3)، وانتخابات نقابة المعلمين قبل إنقلاب 8 شباط 1963م.

أما الفصل الخامس فتضمن تاريخ محلية الحزب مطلع عقد الستينات. وتوجيهات سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، ودور لجنة الفرات الأوسط عام 1960م، وانتخابات نقابة المعلمين عام 1962م.
أما الفصل السادس فسلطنا من خلاله الضوء على محلية الديوانية للحزب منتصف ستينيات القرن الماضي، وإنشقاق القيادة المركزية عام 1967م، ودور لجنة الفرات الأوسط عام 1967م.
أما الفصل السابع فسلطنا الضوء في هذا الفصل على واقع حال محلية الديوانية للحزب فترة السبعينات، ولجنة الفرات الأوسط عام 1970م، والمؤتمر الوطني الثاني للحزب 1970م، والجبهة الوطنية والقومية التقدمية تموز 1973، وتشكيل لجنة العمل الجبهوي في المحافظة، وتشكيل المكتب الصحفي، والمكتب المهني والعلاقات الوطنية، ومكتب التوجيه العمالي، ولجنة التوجيه الفلاحي للحزب الشيوعي في الديوانية، والمنظمات المهنية ومكتب العمل الايديولوجي، ومشاركة محلية الديوانية الاحتفال بالذكرى الأربعين لتأسيس الحزب عام 1974م، ومنظمات الحزب في الأقضية والنواحي، وانعقاد المؤتمر الوطني الثالث للحزب 4/6 آيار 1976م، والأسباب التي أدت لإنفراط التحالف الجبهوي مع البعث عام 1978م، وبعض الملاحظات التقييمية العامة حول التحالف الجبهوي.
والفصل الثامن تضمن ما يخص تنظيم محلية الديوانية للحزب وتجميد المنظمات المهنية، والجبهة الوطنية في المرحلة الصعبة 1979م، ولجنة الفرات الأوسط بعد انفراط التحالف الجبهوي.
أما الفصل التاسع تضمن دور لجنة الفرات الأوسط بعد انفراط التحالف، ودورها عام 1983م، وعملها بعد عام 1991م. وخلال هذه الفترات تمكنت الأجهزة الأمنية والحزبية الخاصة بسلطة البعث من استمالة عدد من كوادر الحزب وقواعده، والضغط عليهم لشراء ذممهم، مع استمرارهم بعملهم ضمن صفوف الحزب الشيوعي العراقي للأسف، وبقيت هذه الأسماء مقيدة بمواقفها المخزية ومتبرقعة بالعمل ضمن صفوف الحزب الشيوعي العراقي، وانزوى عدد منهم خائباً تحت وطأة تأنيب الضمير، وقد لاقى عدد منهم مصيره على يد الجماهير المنتفضة عام 1991م، وبقي عدد آخر منهم متلمساً احتقار الناس وعدم احترامهم لتاريخهم.
ولضرورة توثيق ما مرَ به الحزب الشيوعي في محافظة الديوانية خلال مسيرته النضالية، حتى تجاوزت صفحات الكتاب أكثر من (560) صفحة من الحجم الوزيري، مدعومة بالوثائق والصور، معتمدين في التوثيق على عشرات المصادر واللقاءات والاتصالات الشخصية، والمذكرات والمخطوطات والموسوعات والصحف اليومية والمجلات ورسائل بعض المناضلين. بدأ التوثيق من تاريخ أول خلية شيوعية في مدينة الديوانية، فضلاً عن المنظمات المهنية (إتحاد الطلبة العام، وإتحاد الشبيبة الديمقراطي، ورابطة المرأة، والتنظيمات الفلاحية والعمالية حتى تاريخ عام 1995م).
من خلال توثيق تاريخ المناضلين والشهداء نقول: لقد توزعت البطولة، فثمة مواقف شجاعة مبهرة، وسلوك نبيل ومخلص وقناعة تامة للحزب، وثمة انكسار للرجولة، وفشل في امتحانات مختلفة، جميعها ضمن ساحة الحزب الشيوعي بالديوانية، يذكرها التاريخ بإيجابيات مواقف ابطالها، وببؤس مواقف من تراجع خائباً حفاظاً على مكافأة مادية عابرة وموقف متردي بعيداً عن اعين الناس، وتلك أسفار يتضمنها تاريخ الحزب الشيوعي بالديوانية، وجزء من ذاكرة المدينة الطيبة والجميلة التي اشتهرت بمواقفها مع تيار الشيوعيين.
المئات من الذين استشهدوا بقوا في خفايا المجهول ولفهم النسيان من أبناء المدينة، أولئك الذين غاصوا دهوراً مقيدين في سجون الأنظمة تحت سلطة بطش قوى القتل والظلام، فسلامٌ لكم وسلامُ عليكم، وشموعاً مضيئة وقناديل تنير الظلام، وباقات من الوردٍ، وعبق من مسك عنبرٍ يعطر طيف ذكرهم المغيّب الحزين، فرفعوا أشرعتهم وغادروا كل فجٍ عميق، مسافرين بلا شكوى غير عابئين ما تتحمله ارواحهم من عذاب وحرمان، لم ترهبهم اعواد المشانق، ولا السجون التي امتلأت بهم، ولا مغادرتهم الحياة تحت سياط الجلاد واساليبه الخسيسة، حالمين بغدٍ عراقيٍ يحقق حلم الفقراء وينصف الشغيلة والكادحين وينتصر للحقوق.

نبيـــــل الربيعي – زهير كاظم عبود
الأول من مايس، أيار عام 2025

قد يعجبك ايضا