آراس عبدالكريم درويش صالح
تعرف الصحة النفسية بأنها قدرة الفرد على التوافق مع نفسه ومع المجتمع الذي يعيش فيه، وهذا يؤدي إلى التمتع بحياة خالية من التأزم والاضطراب ، أما تعريف الصحة النفسية حسب منظمة الصحة العالمية(WHO) فإنه يرى بأن ” الصحة لا تعني غياب المرض لكي تعني الدرجة القصوى من الصحة الجسمية والعقلية والاجتماعية للكائن البشري.
تعد الصحة من المكونات المهمة للشعور بالهناء ، وهي بحق أحد عناصره الموضوعية ، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالسعادة، ويشيع النظر إليها على أنها واحد من أسبابها الرئيسية. وقد تناولت بحوث كثيرة العلاقة بين الصحة والسعادة ، وبين تحليل كمي لنتائج هذه الدراسات أشارت إلى وجود معامل ارتباط متوسطه بين الإثنين ، هذا الارتباط كان أقوى لدى النساء وذلك عند استخدام مقاييس الشعور الذاتي بالصحة ، وتكشف رابطة وثيقة بين المشاعر السلبية ومشاعر العناء وكمية القلق وبين سوء الصحة ، فالصحة النفسية ترتبط بالسعادة والطمأنينة سواء لدى الفرد بمفرده أو في علاقته بأقرانه أو علاقته بأفراد مجتمعه وهو الحال نفسه في ما يتعلق بالمرأة . وإذا أردنا أن نستعرض لبعض مفاهيم الصحة النفسية لوجدنا أنها حالة من الأحوال النفسية فالصحة النفسية شأنها شأن الصحة الجسمية يجب النظر إليها على أنها منتهى ما يسعى إليه الفرد من خلال سلوكه وتفاعله مع الحياة من حوله، وعلى هذا فهي منتهى طريق طرفه الآخر هو المرض النفسي ، وان الصحة الجسمية لا تقرر إلا بالأداء الإيجابي للجسم وأعضائه وبالقدرة على توظيف هذا الجسم لخدمة الفرد وتحقيق أهدافه مع الإحساس بالمتعة من جراء السيطرة على مقدرات هذا الجسم والاستخدام الإيجابي لها في الحياة اليومية.
ترى وجهات النظر النفسية المتعددة أن للصحة النفسية معان ومفاهيم وهناك تعريفات متعددة ومتفاوتة وفي هذا الصدد من خلال معرفة العلاقة بين تداعيات العنف وإرهاصاته المتنوعة بالصحة النفسية لا سيما أن الصحة النفسية هي حالة من أحوال النفس والجسد .
وتعرف الصحة النفسية بأنها “التوافق التام بين الوظائف النفسية المختلفة مع القدرة على مواجهة الأزمات النفسية العادية التي تطرأ عادة على الإنسان مع الإحساس الإيجابي بالسعادة والكفاية” ، وأن وظيفة الحياة النفسية بمختلف عناصرها هي تكيف المرء لظروف بيئته الاجتماعية والمادية وغايتها تحقيق حاجات الفرد، وهي تتحقق عادة بالتعامل مع البيئة ، وهذه البيئة متغيرة وهذا التغيير يثير مشكلات يقابلها الإنسان بحالات من التفكير والانفعال ومختلف أنواع السلوك ، ولكن التغييرات التي تحدث ربما تكون شديدة لدرجة خارجة عن الحد الذي يقوى عقل الفرد في مقابلته والتكيف له. وتعرض بعض النظريات وجهات نظر متعددة عن الصحة النفسية ومنها : نظرية أريكسونErikson تستمد أصولها من نظرية التحليل النفسي وتتميز عنها بإضافات جديدة ، ترى هذه النظرية التي وضعت ثمانية مراحل لحياة الفرد وتنطلق فكرة مؤسسها اريكسون أن الإنسان في كل مرحلة من مراحل نموه يواجه مشكلة أو مشكلات أساسية يجب أن يتم مواجهتها وحلها بنجاح حتى يتيسر له مواجهة وحل مشكلات المراحل التالية بعدها
تعد الصحة النفسية دائماً وعبر كل المراحل الحياتية في حياة الإنسان من الطفولة إلى المراهقة إلى البلوغ ثم الشيخوخة متغيرا مؤثرا ومتأثرا ، وبلغة منهج البحث العلمي مستقلا مرة وتابعا مرة أخرى ولكنه لا ينفصل إطلاقا من قوة تأثيره على الفرد حتى وإن تغيرت الظروف أو تنوعت ، فهو يرتبط بالمرض النفسي حين تتدهور أحوال النفس ويرتبط بالتوافق السوي حين تتحسن ظروف الفرد ويتواءم مع بيئته .
وبينت الأبحاث الإكلينيكية بأن ما يمتلكه الفرد من استعداد نفسي مسبق للعدوان هو الأساس لسلوكه العنيف ضد الآخرين ، وهذا الشخص لديه خبرات مؤلمة سابقة في العدوان الموجه نحوه ، وهو عادة واع أو مدرك لما مر به من خبرات مؤلمة سابقة ولكنه غير مدرك ما أحدثته عليه من آثار لكنه مدرك فقط بأن ما حدث في الماضي معه أو له.