المحامي حمزه رشيد الصيداوي
إصلاح السجون لم يعد خيارًا بل ضرورة تفرضها مقتضيات العدالة، وحقوق الإنسان، واستقرار المجتمع. فالسجون، كما هو معلوم، ليست مجرد أماكن للعقاب، وإنما مؤسسات يفترض أن تقوم بإعادة تأهيل السجناء وتهيئتهم للاندماج من جديد في المجتمع.
ومن أبرز أسباب ضرورة الإصلاح:
1- الحد من الاكتظاظ: كثير من السجون تعاني من كثافة عددية تؤدي إلى تردي الأوضاع الصحية والإنسانية، وتخلق بيئة خصبة للجريمة داخل السجن بدلًا من تقويم السجناء.
2- تحقيق العدالة الإصلاحية: السجن لا يجب أن يكون فقط وسيلة للردع، بل أيضًا وسيلة لإعادة التأهيل، حتى لا يعود السجين إلى الإجرام عند خروجه، بل يصبح عضوًا منتجًا في المجتمع.
3- حماية حقوق الإنسان: يجب أن يتمتع السجين بحد أدنى من الكرامة والحقوق، بما في ذلك الرعاية الصحية والنفسية، والتعليم، والاتصال بالعالم الخارجي. 4-منع التطرف والجريمة المنظمة: كثير من الدراسات تشير إلى أن السجون المهملة تتحول إلى بيئة خصبة لتجنيد الأفراد في جماعات متطرفة أو تنظيمات إجرامية.
4-منع التطرف والجريمة المنظمة: كثير من الدراسات تشير إلى أن السجون المهملة تتحول إلى بيئة خصبة لتجنيد الأفراد في جماعات متطرفة أو تنظيمات إجرامية.
5- العدالة الاجتماعية: في بعض الأنظمة العقابية، تكون السجون أكثر قسوة على الفقراء والمهمشين، مما يُعمّق من الفجوة الاجتماعية.
6- تقليل التكلفة على الدولة: الاستثمار في التأهيل والتعليم داخل السجون يقلل من نسبة العودة إلى الإجرام، ويخفف العبء المالي الناتج عن إعادة محاكمة وسجن نفس الأشخاص.
أبرز جوانب الإصلاح المطلوبة:
• تحسين البنية التحتية.
• تطوير برامج التعليم والتدريب المهني.
• تعزيز الإشراف القضائي والرقابة على السجون.
• دعم برامج الرعاية النفسية والاجتماعية.
• مراجعة قوانين العقوبات بما يتيح بدائل للسجن في الجرائم البسيطة.
إطار القانوني للسجن
تنص المواثيق الدولية مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وقواعد نيلسون مانديلا النموذجية لمعاملة السجناء، على أن السجون يجب أن تضمن احترام كرامة المحكوم عليهم، وتوفير بيئة تتيح إعادة تأهيلهم. كما تُوجب دساتير وتشريعات العديد من الدول على أن يكون تنفيذ العقوبات السالبة للحرية في ظروف إنسانية، تحفظ الكرامة وتكفل الحقوق الأساسية للسجين.
الإشكاليات القانونية والواقعية داخل السجون
• اكتظاظ السجون بما يفوق طاقتها الاستيعابية، مما يترتب عليه انتهاك واضح لحقوق السجناء.
• ضعف الرقابة القضائية والإدارية على المؤسسات السجنية، وغياب آليات فعالة للتظلم.
• تردي أوضاع الرعاية الصحية داخل السجون، في مخالفة لمبادئ المعاملة الإنسانية.
• غياب البرامج التأهيلية والتعليمية، مما يُجهض الهدف الإصلاحي للعقوبة.
• عدم تفعيل بدائل العقوبات السالبة للحرية، رغم النص عليها في بعض التشريعات.
مقترحات إصلاحية من منظور قانوني
• تعديل القوانين العقابية لتوسيع تطبيق العقوبات البديلة في الجرائم غير الخطيرة.
• فرض رقابة قضائية دورية على أوضاع السجون، وضمان حق السجين في التظلم أمام القضاء.
• تحسين البنية التحتية والخدمات الصحية، وفقًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
• وضع برامج تأهيلية وتعليمية تحت إشراف قانوني، تتيح إعادة إدماج السجين في المجتمع.
• إشراك منظمات المجتمع المدني في مراقبة وتنفيذ البرامج الإصلاحية داخل السجون.
إن إصلاح السجون ليس فقط مطلبًا حقوقيًا وإنسانيًا، بل هو واجب قانوني تفرضه مبادئ العدالة والمواثيق الدولية، وشرط أساسي لتحقيق الأمن المجتمعي المستدام. فالسجون التي لا تُصلح، تتحول إلى مفرخ للجريمة، لا أداة لمكافحتها، ومن هنا تبرز الحاجة الماسة لإصلاح شامل يُراعي كرامة الإنسان وروح القانون.