محمد حسن الساعدي
المحادثات التي عقدت بين واشنطن وطهران في جولتها الخامسة في عمان وروما عكست الأجواء الإيجابية في هذه المحادثات، إذ تعول طهران كثيرا على هذه المباحثات وتعتبرها خطوة نحو استعادة حقوقها واموالها المجمدة ما يعطيها فسحة في تحقيق نمو اقتصادي على المدى المتوسط والبعيد،خصوصا وأنها اشترطت في مباحثاتها بان يكون للشركات الأمريكية المركز الأول في الاستثمارات القادمة في إيران والتي تقدر بي عشرات من الترليونات في مختلف القطاعات،اما واشنطن فكانت أكثر حماساً في إنجاح هذه الاجتماعات وتشير التقديرات الأولية بأن الجولات الثلاثة الأولى كانت تتقدم بشكل كبير وسريع وكان التخوف من اللجان الفنية التي لا تتحدث بلغة الدبلوماسية بل تركز على لغة الأرقام،ولكن بالرغم من ذلك إلا أن اللجان الفنية هي الأخرى كانت ناجحة بكل المقاييس بل إن الأخبار الواردة من بعض الجهات القريبة من المباحثات تشير بأن الفريق الأمريكي كان متحمسا أكثر ويرغب في إنهاءها بأسرع وقت ممكن.
نعم…ربما المباحثات صعبة وحساسة والاتفاق على آلية جديدة في التعامل مع الملف النووي الإيراني،ولكن الاتجاه العام في هذه الاجتماعات بين خبراء الطرفين يتجه إلى التفاصيل وفي نفس الوقت فإن ترامب يواجه العقبات الكبيرة والتي أهمها التعامل مع المتشددين في ادارته فمبعوث واشنطن إلى المباحثات (ويتكوف)أعطى رسائل إيجابية وحمل معه صلاحيات كبيرة وواسعة في المفاوضات إذا تشير التسريبات بأن واشنطن أبلغت إيران بموافقتها على تخصيب اليورانيوم بما نسبته 3.7ما يعني أن هناك تغييرا استراتيجيا في رؤيتة واشنطن نحو الشرق الأوسط وبالتحديد إيران التي ينظر لها على أنها التحدي الأكبر للكيان الاسرائيلي في المنطقة.
التصريحات الإيرانية تشير بصورة واضحة بأن إيقاف اليورانيوم على الدرجة صفر غير مطروح للنقاش،الأمر الذي يعكس الضغوط التي يتعرض لها الوفد الأمريكي المفاوض من قبل الصقور الأمريكان ما قد يؤثر على طبيعة وسرعة سير المفاوضات إذا ما علمنا إن هذه السرعة لا ترضي إسرائيل وتريد أن تعرقلها بأي طريقة كانت حتى إذا وصل الأمر إلى التهديد بضرب إيران والتأثير بصورة سلبية على أي مفاوضات تجري حاليا،والتحدي الثاني يأتي من إيران فهي تريد اتفاقا جديدا أكثر ديموة وأكثر أريحية من اتفاقي 2015 ويمتد إلى 10 سنوات ما يعني أنها تسعى للحصول على ضمانات من ترامب أو أي رئيس أمريكي يأتي في المستقبل لن يتخلى عنها مرة أخرى فالإيرانيون يريدون اتفاق مصادق عليه من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي ومع ذلك فإن هذا الأمر لا يعط ضماناً وفقاً للتجارب السابقة بين الطرفين.
طهران من جهتها تريد ضمانات اقتصادية أولها رفع العقوبات وتقديم العروض لها ومنحها المزيد من الامتيازات في تصدير االنفط،وفتح قدر كبير من الاستثمار الأجنبي المباشر وواحدة من هذه الوسائل هو الاستثمار الخليجي في إيران والذي يبدو أن دول الخليج مستعدة للاستثمار فيه فهي تتطلع إلى حل الأزمات بين واشنطن وطهران وتبقى المشكلة الأساس هي كيف سيتعامل ترامب مع نتنياهو،والذي لا يعترف بأي اتفاق بين واشنطن وطهران ويعتبر أن أي اتفاق تهديد مباشر للأمن القومي الإسرائيلي ولكن في نفس الوقت يبدو أن ترامب قادر على كبح جماح نتنياهو وترويضه بالقبول بأي اتفاق قادم مع طهران .
يبقى شيء مهم…
أن أي تقارب في وجهات النظر بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران معناه أن المنطقة ذاهبة نحو الاستقرار ما يعني أن إسرائيل سوف تعيش عزلتها السياسية في المنطقة وبالتالي فإنها مؤهلة أن تكون ذاهبة نحو تصعيد الموقف على الجبهات كافة خصوصا في الجبهة اللبنانية والتي بحسب الأخبار أنها مرشحة للتصعيد أكثر من التهدئة والجبهة الثانية ربما يستعد الكيان الإسرائيلي لإطلاق حملته نحو غزة وربما اجتياح توصله مع الضفة الغربية، وربما نجد أن هناك ضربات قوية على الجبهة اليمنية وما يعطينا رؤية كاملة بأن القادم ربما يذهب نحو التصعيد من قبل الكيان الإسرائيلي وسوف يعيش عزلته بالنسبة للمنطقة ما يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية ربما تكون قد تخلت عن الكيان الإسرائيلي أو في طريقها للتخلي وهذا ما بدأ من خلال تصريحات الرئيس الأمريكي التي بدأ فيها منزعج من نتنياهو وسياسته باتجاه المنطقة،وهذا ما ننتظره خلال الفترة القادمة والأيام حبلى بالأحداث.