عباس عبد شاهين
في يوم سطر فيه التاريخ صفحة مضيئة ومؤثرة لمسيرة الكُرد الفيليين، أُعلن في ٦ أيار ٢٠٢٥ عن تسمية أحد أهم شوارع العاصمة بغداد باسم “شارع شهداء الكُرد الفيليين” تكريماً لضحايا التهجير القسري والإبادة الجماعية التي تعرض لها أبناء الكُرد الفيليين الاصلاء في مراحل مظلمة من تاريخ العراق الحديث، والذي يمتد من منطقة النهضة مروراً بساحة بيروت وصولاً إلى أطراف مدينة الصدر ليحمل اسماً طال انتظاره على مدى عقود، ليكون الشارع الأول في بغداد الذي يحمل هوية الكُرد الفيليين بشكل رسمي.
في الحقيقة الشارع ليس مجرد اسم بل خطوة وطنية جريئة واعتراف رسمي وقيمة رمزية تُعيد الإعتبار لشهداء حاول النظام البعثي المجرم طمس ذكراهم ومحو وجودهم من الذاكرة العراقية، ورغم الإجراءات الإدارية والبيروقراطية الطويلة التي رافقت المشروع منذ اكثر من ثمانية سنوات إلا أن الجهود الحثيثة والمستمرة للسيد (فؤاد علي أكبر الفيلي) عضو مجلس محافظة بغداد السابق والمستشار الحالي في مجلس النواب، كانت حجر الأساس في تحقيق هذا الإنجاز الكبير، فقد تبنى الملف منذ بداياته وتابع جميع تفاصيله بإصرار شديد و واجه العقبات التي اعترضت طريقه، وسعى بلا كلل للحصول على الموافقات الرسمية من الجهات المعنية وعلى رأسها أمانة بغداد الجهة المسؤولة عن تنفيذ القرار، وهنا أيضاً أذكر دور المهندسة (نجوى الفيلي) الموظفة في الأمانة مشكورة على ما قدمته من مشاركة ضمن نطاق عملها وموقعها الوظيفي مما ساهم في إنجاح هذا العمل.
ان هذا الإنجاز لم يكن انتصاراً إدارياً فحسب بل أدخل البهجة والسرور في قلوب عوائل الشهداء وذويهم، باعتباره خطوة معنوية جديرة بالتقدير، تعكس الاعتراف الرسمي بالمظلومية التي لحقت بهم، وتؤكد أن الشرفاء والأصلاء الكُرد الفيليين لم ولن ينسوا أبناءهم الشهداء، إنها رسالة واضحة بأن ذاكرة الضحايا ستظل حاضرة في وجدانهم وأن الحقوق مهما طال أمدها ستعود وتُكتب بشرف وتقدير، كما ان هذا القرار يحمل دلالات عميقة تتجاوز حدود التسمية الظاهرية، ليكون بمثابة نقطة تحول في مسار الاعتراف بالمظلومية التاريخية التي عانى منها الكُرد الفيليّون لعقود طويلة، والتي شملت الإقصاء السياسي والتهجير القسري والسجن والقتل وسلب الهوية والممتلكات وتغييب أكثر من 20 ألف شاب خلال سنوات الجمر التي ارتكبها النظام الدكتاتوري البائد في الثمانينيات من القرن الماضي.
كل الشكر والعرفان لجميع المخلصين الذين وقفوا خلف هذا المشروع الوطني المهم ولكل من أسهم في تحقيقه بعد سنوات من بذل الجهود والمثابرة، إن هذا الإنجاز سيظل علامة مضيئة في سجل الكُرد الفيليين ودليلاً حياً على أن صوت المظلومية مهما حاول الطغاة إسكاته سيمضي لايجاد طريقه إلى الحياة والاعتراف والإنصاف.
” الحق كالنهار لا بد أن يأتي ” .. مثل يوناني