جريمة هروب السجين من السجن

المحامي حمزه رشيد الصيداوي

تُعدّ جريمة الهروب من السجن من الجرائم الماسة بالسلطة العامة، ويُقصد بها: خروج الشخص المحبوس احتياطياً أو الموقوف أو المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية من مكان احتجازه القانوني، بغير وجه حق، وبإرادة حرة، مع علمه بعدم مشروعية خروجه .

توصيف الجريمة/
•الهروب من السجن يُعد جناية في معظم الحالات، خاصة إذا اقترن بالعنف أو التحطيم أو التآمر.
•وإذا نتج عنه اعتداء على الأشخاص أو مقاومة للقوة العامة، فإن العقوبة قد تتصاعد.

•القانون العراقي يشدد على حماية هيبة السلطة العامة والنظام القضائي، ولهذا يعاقب الهارب والمساعد على الهرب بشدة.

وقد عالج قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 جريمة الهروب من السجن في الفصل الخاص بجرائم الاعتداء على السلطة العامة، وخاصة في المواد 268 إلى 271.
*معالجة القانون لهذه الجريمة:

أولاً: هروب المحبوس أو الموقوف أو المحكوم عليه – المادة 268

تنص المادة 268 على:

“يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات كل من كان محبوساً أو موقوفاً أو محكوماً عليه بعقوبة سالبة للحرية وهرب من الحبس أو التوقيف.”

•وتشدد العقوبة إذا اقترنت الجريمة باستخدام العنف أو تحطيم أبواب أو أقفال أو الاعتداء على حراس.
•وتضاف العقوبة إلى العقوبة الأصلية للمحكوم عليه.

ثانياً: من يساعد في الهروب – المادة 269

“يعاقب بالسجن كل من سهل أو ساعد على هروب شخص محبوس أو موقوف أو محكوم عليه…”

•إذا كان الهروب لشخص محكوم بالإعدام أو السجن المؤبد، تكون العقوبة أشد.
•تشمل هذه المادة أيضًا الموظفين المكلفين بحراسة السجناء، إذا ساعدوا في الهروب أو تساهلوا عمداً.

ثالثاً: إهمال الموظف المسؤول عن الحراسة – المادة 270

تعاقب هذه المادة الموظف أو المكلف بالحراسة إذا تسبب بإهماله أو تقصيره في هروب السجين.

•العقوبة تكون الحبس أو الغرامة بحسب خطورة الإهمال.

رابعاً: إعادة القبض على الهارب – المادة 271
تنص هذه المادة على أنه إذا تم القبض على الهارب طوعاً أو قبل ارتكابه جريمة جديدة، فقد يُؤخذ ذلك بعين الاعتبار لتخفيف العقوبة.

الهدف من هذه الأحكام:
•حماية النظام العام وهيبة السلطة القضائية والتنفيذية.
•ضمان تنفيذ الأحكام القضائية بدون تعطيل.
•الردع العام والخاص لمرتكبي هذه الجريمة والمساعدين فيها.

بعض الدول تتبنى في قوانينها مبدأ أن الهروب من السجن “غريزة طبيعية” للبشر، وبالتالي لا تجرّم فعل الهروب بحد ذاته، بل تكتفي بمعاقبة الأفعال المصاحبة له، مثل كسر الأبواب أو الاعتداء على الحراس أو استخدام العنف.

أبرز هذه الدول:

1. ألمانيا
•لا يُعاقب السجين على مجرد الهروب من السجن (وفق المادة 120 من قانون العقوبات الألماني).
•الفكرة: الرغبة في الحرية غريزة طبيعية، ما دام السجين لم يستخدم العنف أو يتسبب بأضرار.
•لكن: يُعاقب إذا ارتكب أفعالاً جرمية أثناء الهروب (مثل التعدي أو التخريب أو التهديد).

2. النمسا
•تعتمد نفس المبدأ الألماني تقريبًا: الهروب نفسه ليس جريمة، بل يُعاقب فقط على الأضرار المترتبة عليه.

3. سويسرا
•القانون لا يعاقب على فعل الهروب نفسه، لكنه يعاقب على ما يصاحب الهروب من جرائم.

4. المكسيك (في بعض الولايات)
•يعتبر الهروب من السجن غير معاقب عليه بذاته، بل يُعاقب فقط إذا تم بوسائل غير قانونية أو ترافق مع جرائم.

•هذه السياسة لا تعني أن الهارب يبقى حرًا، بل يتم القبض عليه وإرجاعه للسجن، وتُستأنف العقوبة الأصلية.
•في الدول الأخرى (كالعراق، مصر، السعودية، الولايات المتحدة…)، الهروب من السجن يعتبر جريمة مستقلة يعاقب عليها بعقوبة إضافية.
هذا النوع من التباين يعكس فلسفات قانونية مختلفة:
•بعض الدول ترى أن السجين لا يفقد إنسانيته ورغبته في الحرية.
•بينما دول أخرى تعزز هيبة السلطة والنظام العام بالعقوبات المشددة.

قد يعجبك ايضا