اواصر العلاقة مابين النظام الدولي و العربي

الاستاذ الدكتور : نزار الربيعي

يوجد مدارس متعددة تتناول العلاقة بين النظام الدولي والنظام العربي، أهمها “مدرسة التبعية” والتي يرى أنصارها العلاقة بين النظامين باعتبارها علاقة ذات اتجاه واحد بين مراكز القيادة في النظام الدولي والنظم الإقليمية. وبالتالي، يركز أنصار هذه المدرسة على علاقات الاعتماد المتبادل غير المتكافئة بين بلاد المركز الرأسمالي الصناعي وبلاد الهامش، وغياب التنمية المستقلة.
وهذا يتضح من مقولات مدرسة التبعية التي تفترض:
أن القوى الخارجية تحدد التغيرات الهامة في مجتمعات العالم الثالث، دون أن ينفـي ذلك الدور الذي تلعبه الأبنية والعمليات الداخلية في هذه المجتمعات.

لا يمكن دراسة المشاكل الحالية لتخلف التنمية في العالم الثالث بمعزل عن بيئتها التاريخية والعالمية، وبالتالي ترتبط هذه المشاكل وسبل مواجهتها بالنظام العالمي والتغير الذي يشهده.
أن التغير الاقتصادي جزء من عملية مجتمعية عامة تعكس الأدوار التي تقوم بها الجماعات المختلفة على المستويين المحلي والدولي، وبالتالي لا يعتبر التغير الاقتصادي عملية آلية.
وفي مقابل هذه المدرسة التي تذهب إلى القول بوجود علاقة ذات اتجاه واحد بين النظام الدولي السائد وبين النظم الإقليمية، تبلورت منذ أوائل السبعينيات مدرسة “النظم الإقليمية” التي يمكن القول إنّ إضافتها الرئيسية في هذا الصدد تمثلت في التأكيد على أن واقع العلاقة بين هذه النظم الإقليمية وبين النظام الدولي السائد أكثر تعقيداً من أن تكون علاقة ذات اتجاه واحد. فالنظم الإقليمية تملك تفاعلاتها الذاتية التي تتم وفقاً لاعتبارات خاصة بها بعيداً عن الدول الكبرى في النظام الدولي. ومن ثم فان التفاعلات الإقليمية ليست مجرد انعكاس أو رد فعل أو امتداد لإرادة النظام الدولي السائد.
وبالتالي تؤكد هذه المدرسة على وجود تفاعلات إقليمية لها منطقها الذاتي بعيداً عن إرادة النظام الدولي القائد.
والتساؤل الآن: إذا كان التحليل السابق ينطبق على النظم الإقليمية، فهل ينطبق على النظام الإقليمي العربي، ، لاشك أن هناك ما يدفع للافتراض، على الأقل، أنه يمكن الحديث عن خصوصية عربية ما، بالنظر إلى أن الوطن العربي يعتبر كياناً متميزاً داخل إطار الدول النامية، حيث يمتلك عدد من العناصر المشتركة التي تجمع بين الدول والتي تطغى على التباينات بين هذه الدول. وتؤثر هذه العناصر المشتركة بشكل أو بآخر على السياسات الخارجية التي تتبعها هذه الدول. وعلى الرغم من أنه ليس من المتوقع أن يكون هناك سياسة خارجية متطابقة للغالبية العظمى من الدول العربية، إلا أن هذه العناصر المشتركة تؤدى في بعض القضايا إلى التشابه في السياسة الخارجية لهذه الدول. ولعل من أهم العناصر المشتركة الاعتبارات التاريخية والسياسية والاقتصادية والثقافية.
على المستوى التاريخي ظهر في المنطقة العربية عدد من الحضارات القديمة التي أدت دورها الرائد في الحضارة الإنسانية، ثم كانت ذات المنطقة مهبطاً للديانات السماوية الثلاث. وأخيرا أدت الدولة العربية الإسلامية دوراً هاماً في النظام الدولي. وعلى المستوى السياسي لا يمكن بأي حال إنكار أن السكان الذين يعيشون على المنطقة المسماة بالوطن العربي يتوافر فيهم الحد الأدنى من مقومات الرابطة القومية وعلى رأسها اللغة الواحدة، حيث يتمتع العرب كجماعة بشرية بدرجة عالية من التجانس اللغوي والثقافي، فالشعب العربي كله يتحدث لغة واحدة ويعبر عن تقاليد ثقافية متقاربة. هذا فضلاً عن التاريخ المشترك، وكذلك الدين المشترك للأغلبية حيث يعد الدين الإسلامي هو دين غالبية سكان الدول العربية، وهو الذي يوحد مشاعرها إزاء الخارج في لحظات المواجهة المصيرية، حين تذوب الاختلافات الطائفية بين أبناء الدين الواحد. وأيضا المصالح الاقتصادية التي يفترض أنها مشتركة بمعنى أن خطوات التنسيق والتعاون والتكامل الاقتصادي بين أقطار الوطن العربي سوف تؤدى بالتأكيد
– إن تمت على نحو مستقر – إلى أثار إيجابية واضحة على مجمل الأوضاع الاقتصادية للوطن العربي.

قد يعجبك ايضا