محمد سليم المزوري
يعرف الحكم بأنه (اعلان القاضي عن ارادة القانون ان تتحقق في واقعة معينة ,نتيجة قانونية يلتزم بها اطراف الدعوى),ويقصد بالقوة التنفيذية للحكم هو الالتزام بتنفيذ ما يقضي به الحكم من عقوبات وتدابير احترازية وما يتفرع عن ذلك من اثار سابقة فــــــــــــي العود او التكرار وللحكم الجنائي حجية من جانبين:
الاول: الجانب الايجابي ويتمثل في القوة التنفيذية التي يتمتع بها الحكم وتمثل القوة التنفيذية للحكم ما يمكن ان يتضمنه من عقوبات اصلية كالأشغال الشاقة او السجن او التدابير الاحترازية وكذلك ما قضى به الحكم من عقوبات تبعية او تكميلية كالمصادرة او العزل من الوظيفة وغيرها.
الثاني :الجانب السلبي ويقصد به اكتساب الحكم الجنائي بما يسمى بقوة الشئ المقضي فيه أي ان يصبح الحكم عنوانا” للحقيقة فتنقضي الدعوى العمومية وتمتنع وبالتالي اعادة محاكمة نفس الشخص عن ذات الفعل مرة اخرى . والقاعدة العامة ان كل دولة لا تعترف الا بأحكام قانونها الجنائي الوطني ولأتعتد الاحكام الصادرة عن محاكمها الوطنية استنادا” الى مبدأ السيادة القضائية لكل دولة ونظرا” لاستفحال ظاهرة الاجرام عبر الحدود وضرورة تعاون الدول فيما بينها لمـــكافحة هذا النوع مــــن الجرائم التي ينتقل فيها الجناة عبر الحدود لأكثر من دولة بغية عدم خضوعهم للقانون الجنائي الذي يعاقب على هذه الجرائم ، وحتى لا يفلتوا من العقاب وذلك لانتقالهم الى غير دولة التي اصدرت الحكم ضدهم بالإدانة، وبناء على هذا ’فأنه صار ممكنا” الاعتراف بمثل هذه الحجية المتمثلة بضرورة معاقبة المجرمين المرتكبين للجرائم في أي مكان كانوا استنادا” الى معاهدة دولية تعقد بين الدول .وتناولت اتفاقية فينا 1988 في المادة الرابعة منها موضوع الاختصاص القضائي للجرائم موضوع الاتفاقية ، واعطت الدول الحرية في تقرير اختصاصها القضائي بخصوص الجرائم التي تقع على اقليمها او على متن السفن او الطائرات التي ترفع علمها.(1)وتناولت المادة (5\3) حث الدول الاطراف على ان تمكن محاكمها وسلطاتها المختصة الاخرى مراعاة الظروف الواقعية التي تجعل الجرائم المنصوص عليها في الاتفاقيات بالغة الخطورة ,ونلاحظ ان تنفيذ الاحكام الاجنبية لم يعد قاصرا” على تنفيذ العقوبات الاصلية التي تقضي بها الاحكام الاجنبية بل امتد ليشمل العقوبات التبعية والتكـــــميلية كالتدابير الاحترازية ومنها عقوبة المصادرة ،وتكون المصادرة في جريمة غسل الاموال على العائدات المتحصلة من الانشطة غير المشروعة التي وقع عليها او كان من المفترض ان يقع عليها فعل من افعال غسل الاموال كالتحويل او النقل او الاخفاء او التمويه او الحيازة او الاستخدام من قبل غاسلي الاموال وشركائهم الأصلين والتبعيين . فالمصادرة تقع على العائدات الاجرامية في أي صورة اومرحلة من غسل الاموال. ويمكن القول بأن عقوبة المصادرة هي القاسم المشترك بين تشريعات غسل الاموال في معظم الدول حيث انها اخذت طابع دولي . ونظرا” لاختلاف التشريعات الوطنية بشكل عام حول آلية المصادرة فأن التعاون الدولي يمكن ان يأخذ في التطبيق احدى الوسيلتين او كلتيهما كما يأتي
الوسيلة الاولى :- ان تقوم الدول المطلوبة منها المعاونة بالاجراءات القضائية حسب قوانينها الخاصة بمصادرة الممتلكات موضوع المصادرة اعتمادا” على الوثائق المقدمة لها.
الوسيلة الثانية :- ان يتم الزام الدول بتنفيذ الحكم او الامر الصادر بالمصادرة من السلطات المختصة في الدولة الطالبة.ان اتفاقية فينا قد طالبت الدول الاطراف بأن تحدد ا و تتحقق او تحجز او تجمد او تصادر الممتلكات او العائدات الموجودة في دولة اخرى والتي يكون مصدرها الاتجار غير المشروع بالمخدرات او غسل اموال المخدرات خلافا” لاحكام قوانين الدولة الطالبة وحسب اتفاقية فينا فأن الدولة الطالبة والتي وقعت منها جريمة غسل الاموال لها ان تطلب من الدولة التي توجد فيها العائدات الاجرامية او حولت او بدلت الاموال الغير مشروعة ان تنفذ الحكم الاجنبي الصادر عن الدولة الطالبة والقاضي بالمصادرة , وان تتخذ عدد من التدابير السابقة على المصادرة كتحديد المتحصلات والاموال غير المشروعة واقتفاء اثرها وضبطها وتجميدها والتحفظ عليها تمهيدا” لمصادرته ويتعين على الدولة الطالبة ان تخول محاكمـــها او غيرها من السلطات المختصة لتنفيذ ذلك دون التذرع باي سبب لرفض الالتزام ،كالتذرع بالسرية المصرفية , ومماتجدر الاشارة اليه ان القرارات او الاجـــراءات التــــي يتخذها الطرف المطالب بالمصادرة يجب ان يأتي موافقا” لا حكام قانونه الداخلي او قواعده الاجرائية او لأية معاهدة او اتفاق او ترتيب ثنائي او متعدد الأطراف يكون ملتزما” به تجاه الطرف الطالب وبينت اتفاقية فينا كيفية التصرف بالمتحصلات من خلال اقتسام الاموال المصادرة او التبرع بقيمتها او بجزء منها لا حدى الهيئات الدولية الحكومية او لاي طرف الاخرى.
الفرع الثاني :- تسليم المجرمين
فقد عالجت اتفاقية فينا 1988 موضوع تسليم المجرمين في جرائم غسل الاموال وغيرها من جرائم المخدرات في المبادئ العامة لها، على اساس اعتبارات ثلاثة تتمثل فيما ياتي :
اولا” – اعتبار اتفاقية فينا مرجعية قانونية للتسليم ،فاذا تلقى طرف يخضع تسليم المجرمين لوجود معاهدة ،طلب تسليم المجرمين المرتكبين لجريمة غسل الاموال من دولة غيرداخلة في معاهدة ،جاز ان تعتبر اتفاقية فينا هي الاساس القانوني للتسليم .
ثانيا” – الاخذ في الاعتبار التشريع الوطني ،فقد اخضعت الاتفاقية تسليم المجرمين بما في ذلك الاسباب التي يجوز ان يستند اليها الطرف متلقي الطلب لرفض التسليم للشروط التي ينص عليها القانون الطرف متلقي الطلب او معاهدة تسليم المجرمين الواجبة التطبيق.
ثالثاً:- تدارك الاثار السلبية الناجمة عن عدم حصول التسليم فقد حرصت الاتفاقية على تخويل الدولة المطلوب منها التسليم سلطة تنفيذ العقوبة بحق المطلوب تسليمه في حالة عدم حصول التسليم من الملاحظ ان اتفاقية فينا قد حسمت موقف تسليم المجرمين بالنسبة للدول التي انظمت اليها الاان الاتفاقية اجازت للدول غير الداخلة في الاتفاقية ،ان تعتبر اتفاقية فينا هي الاساس القانوني لتسليم المجرمين، وبراينا انه يجب الزام الدول الغير داخلة باتفاقية فينا بالالتزام بتسليم المجرمين وفق اتفاقيات تعقد بين الدول ،وفي حالة عدم وجود هذه الاتفاقيات بين الدول فانها تلتزم بتسليم المجرمين المرتكبين للجريمة المنظمة والتي تعتبر جريمة غسل الاموال احدى صور الجريمة المنظمة اضافة الى جريمة الارهاب ،لغرض عدم تمكن المجرمين من الافلات من العقاب لخطورة هذه جريمة غسل الاموال التي تؤثر على اقتصاد وسياسة الدول وزعزعة مركزها المالي بين الدول .