أربيل – التآخي
قرّرت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب في تونس، الحكم على رئيس الحكومة الأسبق علي العريض بالسجن 34 سنة، في ما يُعرف بـ”قضية التسفير” المتعلقة بتسهيل سفر أفراد للالتحاق بتنظيم داعش في العراق وسوريا.
وذكرت المحكمة أن تسفير هؤلاء “الجهاديين” كان بهدف القتال ضد قوات النظام الموالية للرئيس السوري السابق بشار الأسد، وذلك خلال توليه منصب وزير الداخلية في الحكومة التونسية بين عامي 2011 و2013، ولاحقاً رئيساً للحكومة بين عامي 2013 و2014″.
وشملت القضية، التي بتت فيها المحكمة مساء أمس الجمعة (2 أيار 2025)، ثمانية متهمين، من بينهم نور الدين قندوز، الذي حُكم عليه بالسجن 36 سنة، وهشام السعدي بـ36 سنة، ولطفي الهمامي بـ28 سنة، وعبد الكريم العبيدي وفتحي البلدي بـ26 سنة لكل منهما، وسيف الدين الرايس بـ24 سنة، وسامي الشعار بـ18 سنة.
وتراوحت الأحكام السجنية بين 18 و36 سنة، مع إخضاع جميع المحكوم عليهم للمراقبة الإدارية لمدة خمس سنوات، بحسب ما أكده المساعد الأول لوكيل الجمهورية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب لوكالة تونس أفريقيا للأنباء.
وُجهت للمتهمين تهم تتعلق بتكوين وفاق إرهابي، واستعمال تراب الجمهورية لارتكاب جرائم إرهابية. وبحسب هيئة الدفاع عن علي العريض، فقد صرّح خلال الجلسة قائلاً: “خدمت البلاد بضمير ونزاهة، وواجهت التحديات ونجحت في أخطرها. لم أكن أبداً متعاطفاً، ولا متواطئاً، ولا محايداً، ولا متساهلاً مع الغلو والعنف والإرهاب والتسفير”.
وأضاف: “أرجو من المحكمة أن تكون مستقلة ومتحررة من الضغوط ومن مساعي التوظيف. الحقيقة ثابتة وبعشرات الشهود. هذه المحاكمة ستُعاد، وسنقف أمام الله”.
وقالت هيئة الدفاع عن العريض، في بيان لها، إنها “تُسجّل تصاعد حملة التشويه والتضليل التي تسبق النطق بالحكم في ما يُعرف إعلامياً بقضية (التسفير إلى مناطق التوتر)، في سياق محاولات ممنهجة تهدف إلى فرض السردية القائمة على الكذب والمغالطة والافتراء، صادرة بالخصوص عن جهات تخصصت في تحريف الملفات القضائية المتعلقة بمعارضي السلطة، مستفيدة من الإفلات المؤقت من التتبعات القانونية المستوجبة عن جرائمها”.
وتأتي هذه الأحكام في مناخ سياسي وحقوقي مشحون في تونس، إذ أصدر القضاء مؤخراً أحكاماً قاسية بحق معارضين للرئيس قيس سعيّد، شملت نحو أربعين شخصية سياسية من وزراء سابقين ومحامين ورجال أعمال.
يُشار إلى أن العريض كان قد تقلد منصب رئيس الحكومة ووزير الداخلية في فترة حكم حركة النهضة بعد الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي من خلال التظاهرات، وهو معتقل منذ 22 أيلول 2022 بتهمة تسفير الشباب للقتال إبان الثورة في سوريا.
وبدأ التحقيق في هذه القضية بعد 25 تموز 2021، إثر سيطرة الرئيس قيس سعيد على صلاحيات واسعة عندما حل البرلمان المنتخب لاحقًا وبدأ الحكم بمراسيم، قبل أن يعزل عشرات القضاة ويحل المجلس الأعلى للقضاء.
وتشهد تونس، منذ ثورة 2011، تصاعداً في نشاط التنظيمات الجهادية، الذي بلغ ذروته مع سلسلة من الهجمات الدموية عام 2015.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو 5500 تونسي انضموا إلى صفوف التنظيمات الجهادية في الخارج، لا سيما في العراق وسوريا وليبيا، بين عامي 2011 و2016.