رئيس التحرير
لم يكن الهم الوحيد والهدف الرئيس لقيادة ثورة أيلول بقيادة الأب الروحي (مصطفى بارزاني)، هو نيل الشعب الكوردي حقوقه ضمن الدولة العراقية،فحسب بل كان الهدف الأسمى هو ترسيخ وبناء النظام الديمقراطي في العراق،ليتمتع جميع المواطنين بحقوقهم في الحرية والتعبير عن الرأي، ومن هذا المنطلق كان ميلاد صحيفة التآخي في 29 نيسان 1967، بمثابة منصة عربية جمعت الأقلام الحرة لتنوير المجتمع والشارع العراقي وتعبر عن آمالهم وطموحاتهم، فكان الميلاد الميمون كبزوغ شمس جديدة ونقطة مضيئة في مسيرة العمل الصحفي الكوردستاني و العراقي.
كانت “التآخي، برأي الكثير من كتابها ومحرريها وقراءها،منبرًا حرًا لطرح أفكار جديدة،والنقد البناء لمواقف وسلوك السلطة العراقية وبالأخص سلطة البعث، التي كانت بطبيعتها الشوفينية ترى ان أي كلمة او فكرة خلافًا لأفكارها ومبادءها وشعاراتها العنصرية، هي محاولة لقلب نظام الحكم والإستحواذ على السلطة،لأن حزب البعث، هجين الولادة و نمى ونشأ في بيئة عنصرية وتبنى المبدأ الذي يقول (ان لم تكن معي،فأنت ضدي).
في ظل هذه الأوضاع السياسية البوليسية،والكبت والحرمان والقمع والتنكيل التي كان يعاني منها معظم العراقيين،كان لابد من وجود منبر حر رصين و أقلام وطنية جريئة، لتوعية وتنوير الجماهير والمطالبة بحقوقهم في الحرية والكرامة والعيش الكريم، عليه تمكنت صحيفة “التآخي” ومنذ اصدار اعدادها الأولى ان تجمع الأقلام الكوردستانية و العراقية الوطنية بمختلف توجهاتها،لتكون نواة لصحافة كوردستانية وعراقية،مقابل صحافة سلطة مغلقة فكريا وسياسيًا،لا تؤمن بالتعددية والديمقراطية،وانما تعمل لتكريس رؤية شوفينية والتمييز بين المواطنين العراقيين على أساس القومية ومدى انتماءهم وقبولهم لنهج السلطة الحاكمة،رغم سياساتها العنصرية والأوضاع الاقتصادية والإجتماعية التي كان يعاني منها أبناء الشعب العراقي بجميع مكوناته ومسمياته.
تمكنت “التآخي” بعد مرور اشهر على إصدارها من استقطاب جمهور كبير من القراء والمثقفين،بحيث تتلقفها الأيدي منذ ساعات الصباح الأولى،لرصانة مضامين صفحاتها وعطرالكلمة الصادقة، في مرحلة صعبة تتسم بتكميم الأفواه ومراقبة وملاحقة الأقلام والأصوات المعبرة عن الطموحات الحقيقية للشعب العراقي، في حين كانت صحف النظام تبقى طوال النهار في الأكشاك وعلى ايدي الباعة المتجولين،تتراكم عليها الأتربة ومن ثم استخدامها لأغراض أخرى.
لذلك تعرضت “التآخي” خلال مسيرتها الصحفية الى مضايقات من قبل أجهزة النظام القمعية ، واحيانًا غلقها لايام بسبب نشر مقالة نقدية او تقرير محايد ،يكشف عن الأداء الفاشل للسلطة وتضع حلول وطنية وعقلانية لتعديل المسار وبناء الدولة العراقية على أسس سليمة،خدمة لجميع العراقيين.
واليوم وعلى الرغم من تراجع الصحافة التقليدية امام مواقع التواصل الاجتماعي وتكنلوجيا المعلومات الرقمية ،ماتزال “التآخي”تحتفظ بجمهور كبير من خلال موقعها الألكتروني وعدد متابعيها على صفحة الفيسبوك الذي تجاوز (44) الف متابع، ومساهمة عدد من الأقلام في داخل الوطن وخارجه طوعيًا في رفد الصحيفة بكتاباتهم ونتاجاتهم،ايمانًا منهم ان هذه الصحيفة ماتزال متمسكة بنهجها ومحافظة على سياستها التي بنيت عليها منذ اصدار العدد الأول الى اليوم.
واليوم اذ نحتقل بأيقاد الشمعة الثامنة والخمسين، من عمر هذه الصحيفة المعطاء ،نتقدم بجزيل الشكروخالص العرفان والتبجيل لقيادة حزبنا الديمقراطي الكوردستاني وعلى راسها الرئيس مسعود بارزاني، على استمرار دعمها السخي لإصدار الصحيفة وديمومتها،و نستذكر باحترام وتقدير الرعيل الأول من الكتاب والمفكرين والمثقفين الذين تحملوا مسؤولية بناء اللبنة الأولى لهذا المنبر الحرالديمقراطي،كما نحيي ونشكر جميع الأقلام الحرة في الداخل والمهجر، التي ماتزال متواصلة طوعيًا مع جريدتهم، لدعم ترسيخ مفاهيم الديمقراطية وبناء نظام فدرالي يستند على الدستور والقانون و ينسجم مع طموحات وآمال جميع العراقيين.