المؤتمر العلمي الدولي حول الإيزيديين

حسو هورمي

يقام المؤتمر العلمي الدولي بعنوان “الإيزيديون: الدين، التراث، التاريخ والجغرافيا” برعاية كريمة من السيد مسرور بارزاني، رئيس وزراء إقليم كوردستان، وذلك في قاعة المؤتمرات بجامعة دهوك في إقليم كوردستان – العراق، خلال يومي 29 و30 نيسان/أبريل 2025. وينظم هذا المؤتمر بالتعاون بين مركز لالش الثقافي والاجتماعي وجامعة دهوك، بمشاركة فعّالة من نخبة من الأكاديميين والباحثين من داخل العراق وإقليم كوردستان وعدة دول أخرى.

يُعد الإيزيديون من أقدم المجموعات الدينية في كردستان وبلاد ما بين النهرين، حيث شاركوا عبر التاريخ في صياغة أحداث المنطقة رغم تعرضهم لحملات اضطهاد متكررة. وتمحورت مناطق وجودهم التاريخية حول جبل سنجار وسهل نينوى ومنطقة الشيخان، إلا أن التشتت القسري الناجم عن الأحداث السياسية والأمنية والإبادات الجماعية على مر التاريخ وآخرها كانت على يد تنظيم داعش الإرهابي ضد الإيزيديين، دفع العديد من أتباع هذه الأقلية الدينية إلى الهجرة نحو الخارج.
ويتميز الإيزيديون بتراث ثقافي وديني غني، يضم أدبًا مقدسًا وفلكلورًا متنوعًا، إلا أن جوانب واسعة من هذا التراث ما تزال بحاجة إلى دراسة أكاديمية معمقة. فقد تعرض تاريخهم ومعتقداتهم، عبر العصور، إلى محاولات تشويه وإقصاء، مما يجعل الجهود العلمية الرامية إلى توثيق هويتهم وإبراز إسهاماتهم ضرورة ملحّة لتعزيز فهمهم وحمايتهم كجزء أصيل من فسيفساء التنوع الثقافي في المنطقة.
يأتي هذا المؤتمر بوصفه منصة علمية رصينة تسعى إلى الإسهام في حفظ الإرث الحضاري الإيزيدي وتعزيز حضوره في النسيج الثقافي للمنطقة. كما يمثل فرصة فريدة لدعم هذه الأهداف عبر حوار شامل، يربط الماضي بالحاضر، ويستشرف آفاق المستقبل.

من أهم أهداف المؤتمر:
• يسعى المؤتمر إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية، من أبرزها:
• تسليط الضوء على تاريخ الإيزيديين من خلال تقديم دراسات أكاديمية عن تطور المجتمع الإيزيدي عبر الزمن وتأثير الأحداث السياسية والاجتماعية عليه.
• التعريف بالديانة الإيزيدية عبر تقديم معلومات شاملة عن معتقداتهم، طقوسهم، وممارساتهم الدينية، وشرح مفاهيمها الأساسية.
• إبراز الهوية الثقافية للإيزيديين بالبحث في كيفية تشكلها ضمن إطار التنوع الثقافي الموجود في كوردستان والعراق.
• مواجهة التحديات والمعوقات التي يواجهها المجتمع الإيزيدي، مثل التهجير والاضطهاد، والعمل على تقديم حلول عملية لمعالجتها.
• تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة، وزيادة الوعي الإقليمي والدولي بوجود الإيزيديين ودورهم الحضاري.

من اهم المخرجات المتوقعة للمؤتمر:
• تقديم رؤى جديدة حول الهوية الإيزيدية وإبراز إسهاماتها الحضارية في المشهد الثقافي للمنطقة.
• تعزيز الحوار العلمي والأكاديمي حول التحديات المعاصرة التي يواجهها المجتمع الإيزيدي.
• صياغة توصيات عملية تهدف إلى دعم صمود الإيزيديين ثقافيًا واجتماعيًا.
لالقاء المزيد من الضؤء على المؤتمر تحدث لنا الدكتور سعيد خديده علو، رئيس المؤتمر، عن أهمية هذا الحدث، مشيراً إلى الرعاية الكريمة والدعم الكبير الذي حظي به المؤتمر من لدن السيد مسرور بارزاني، رئيس وزراء إقليم كوردستان، مؤكداً أن هذه الرعاية وحضوره الشخصي أضفيا على المؤتمر بعداً مهماً على المستويات السياسية والثقافية والأكاديمية.
كما أوضح الدكتور خديده أن المؤتمر يُقام بالشراكة بين جامعة دهوك ومركز لالش الثقافي والاجتماعي، الذي يُعنى بحفظ التراث والتاريخ الإيزيدي، مما يعزز من قيمة هذا الحدث ويبرز اهتمام المؤسسات الأكاديمية والثقافية بإحياء ودراسة تاريخ المجتمع الإيزيدي.
وأضاف أن المؤتمر يشهد مشاركة فعّالة لنخبة من الأكاديميين والباحثين من عدة دول، إلى جانب مشاركة متميزة من العراق وإقليم كوردستان، حيث يشارك فيه (95) باحثاً ضمن (16) جلسة علمية تُعقد على مدى يومين متتاليين، مما يعكس حجم الزخم العلمي والحوار المعرفي .
وفي هذا الصدد، تحدث السيد سعيد جردو، رئيس مركز لالش الثقافي والاجتماعي، عن المؤتمر قائلاً: يهدف المؤتمر إلى توفير منصة علمية شاملة تسهم بفعالية في تعزيز التنمية وزيادة الوعي، وذلك من خلال:
• استكشاف تاريخ وثقافة المجتمع الإيزيدي، مع التركيز على دوره في السياقات التاريخية والاجتماعية، وإبراز إسهاماته في صياغة الهوية الثقافية للمنطقة.
• تعزيز الحوار بين الثقافات المختلفة في المنطقة، بما يسهم في بناء جسور التفاهم والتعاون، وفتح آفاق جديدة للتفكير المشترك حول القضايا المعاصرة.
• تقديم رؤى جديدة لمجمل التحديات التي تواجه المجتمع الإيزيدي، مع تسليط الضوء على تراثه الغني ودوره البارز في إثراء التراث الثقافي والحضاري للمنطقة.
• مواجهة التحديات الراهنة عبر دراسات معمقة للقضايا الاجتماعية والسياسية التي تؤثر على المجتمع الإيزيدي، والسعي إلى طرح حلول وابتكارات عملية لدعم صموده ومسيرة تنميته.
• تشجيع الحوار بين الأديان والثقافات، وترسيخ قيم التسامح والاحترام المتبادل، مع التأكيد على أهمية التنوع باعتباره ركيزة أساسية لقوة وثراء المجتمعات.

ختامًا، يعكس المؤتمر العلمي الدولي حول الإيزيديين أهمية الحفاظ على التراث الثقافي والديني لهذه المجموعة العريقة في مواجهة التحديات المعاصرة. من خلال تسليط الضوء على تاريخ الإيزيديين وديانتهم وهويتهم الثقافية، يسعى المؤتمر إلى تعزيز الفهم المتبادل وتقديم سبل عملية لمعالجة قضايا التهجير والاضطهاد. كما يهدف إلى تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة، مما يسهم في بناء مجتمع أكثر تنوعًا وتسامحًا. نتطلع إلى أن تكون مخرجات هذا المؤتمر نقطة انطلاق نحو مزيد من الدراسات والبحوث التي تثري المعرفة حول الإيزيديين وتدعم وجودهم المستدام في نسيج المنطقة الثقافي.

قد يعجبك ايضا