جريمة تعاطي المخدرات

 
الاستاذ الدكتور : نزار الربيعي

جريمة تعاطي المخدرات شأنها شأن كل جريمة ، تتكون من ركنين : مادي ومعنوي، وهذا هو اتجاه سائر الفقهاء الجنائيين ،ولا يفوتنا القول أن هناك جانباً من الفقه يقيّم الجريمة على ثلاثة أركان يبدأها بالركن الشرعي ،وهو الصفة غير المشروعة التي تتأتى من انطباق السلوك ، سواءً أكان فعلاً أم امتناعاً على نص في القانون يجرمه  إذا هذا الركن هو مجرد وصف أو تكييف يضفيه القانون على السلوك ،أن القاعدة الجنائية أو النص المُجرِّم ركن مفترض في كل جريمة فهو اسبق منها ولازم لوجودها.
و  أن الجريمة تقوم على ركنين اثنين ، احدهما مادي والآخر معنوي ، والأول يقوم على السلوك والثاني يقوم على الخطأ بمعناه الواسع.
ولعل الاتجاه التقليدي هو الأقرب للصواب إذ لا يجوز أن يكون من أوجد الشيء داخل في ماهيته بمعنى جزء منه، فلو صح هذا القول لقلنا أن من أجزاء المنضدة الخشبية النجار الذي صنعها ،وهذا قول لا يقبل عقلاً ويتنافى مع المنطق. 
والقائلين بأن النص هو جزء من الجريمة نحترم رأيهم إلا أنهم في حقيقة الأمر لم يقيموا توجههم مع الأغلب والأعم ، الفقه التقليدي – بل انهم اختطوا لأنفسهم مساراً كان عليه وما زال انتقاد كثيروان جريمة تعاطي المخدرات في القانون حيث نصت القوانين العقابية في غالبية الدول التي شرعت قوانين خاصة بجرائم المخدرات على جريمة تعاطي المخدرات ،والتي احسب إنها من اخطر جرائم المخدرات ، فصناعة المخدرات وزراعتها والتجارة بها خطرة ،ولكن الأخطر منها التعاطي لقد كان المشرع العراقي سباقاً في التصدي لظاهرة التجارة والتعاطي للمخدرات وكان يؤشر أن المجتمع العراقي من أنظف المجتمعات من هذه الظاهرة الخطيرة قبل احتلال العراق من قبل الغزو الأمريكي البريطاني الإيراني ، لكن ما يؤسف له أن ظاهرة تعاطي المخدرات قد تفشت بين أوساط الشباب، وأصبح العراق ممراً للاتجار بهذه السموم إلى دول الخليج العربي خاصة من قبل إيران.
أشرتُ إلى أن العراق لديه قانون خاص بالمخدرات صدر في عام 1965 ، ويحمل رقم (68) ويتألف من سبع عشرة مادة ، وقد سبقه قانون منع زراعة قنب الحشيشة الهندي وخشخاش الأفيون رقم (12) لسنة 1933 ، الملغى، وقانون العقاقير الخطرة والمخدرة رقم (44) لسنة 1938 الملغى.
ونصت المادة الرابع عشرة من القانون المذكور في الفقرة ثالثاً على أنه:(يعاقب من سمح للغير
بتعاطي المخدرات في أي مكان عائد له ،ولو كان ذلك بغير مقابل.
من ضبط في مكان يجري فيه تعاطي المخدرات بحضوره وبعلم منه ،ولا يسري ذلك على زوج صاحب المكان أو أصوله أو فروعه وأزواجهم وإخوانه وأخوته وأزواجهم . 
من أغرى حدثاً لم يتم (الثامنة عشرة من العمر) على تعاطي المخدرات أو حسَّن له تعاطيها) .
وحينما نلاحظ النص السابق نرى بأنه قد تناول عقاب الشخص صاحب المكان الذي يتم التعاطي فيه ، لكن مما يؤسف له أن المشرع العراقي قد اغفل تجريم الشخص الذي يتعاطى المخدرات ، وهذا يعد فراغاً تشريعياً يستوجب تداركه ، إذ إن المتعاطي شخص أشبه بآخر يحاول الانتحار ، وهو يظهر عن خطورة إجرامية تتمثل بقتل نفسه وحرمان أهله وبلده من الاستفادة من طاقاته . 

قد يعجبك ايضا