أميرة سيد
العنف ضد المرأة هو أحد أهم القضايا التي تبرز أهميتها سواء على المستوى العالمي والإقليمي والوطني، فالعنف الذي تواجهه المرأة ليس مقتصر على مجتمع بعينه ولكن هو ظاهرة تواجهها كل المجتمعات باختلاف ثقافتها وعقائدها ولغاتها، فلقد أشارت منظمة الصحة العالمية أن واحدة من كل ثلاث نساء في العالم تتعرض لعنف جسدي أو جنسي خلال حياتها .
وتتعد صور وأشكال العنف الذي تواجهه المرأة بين العنف البدني والعنف النفسي وأيضًا العنف الجنسي فتتعرض النساء إلى العديد من الممارسات العنيفة التي تسبب لها الأذى وتتعرض للمضايقات في شتى المجالات والأماكن، وتتعدد الأسباب التي تؤدي لذلك العنف ضدها منها أسباب مرتبطة بالمرأة نفسها أو الزوج أو الأسرة أو المجتمع. ولعل أهم الأسباب المؤدية لذلك تتمثل في تدني مستوي التعليم لديهن وعدم عملهن أو العمل في وظائف ذات دخل متدني مما يجعلهن أكثر عرضة للعنف، وأما الأسباب التي تتعلق بممارسة الزوج العنف ضد المرأة هو تدني مستواه التعليمي ، لكن فيما يتعلق بالأسباب المرتبطة بالأسرة التي تزيد من معدل العنف ضد المرأة فتتمثل في أسباب عدة منها: انخفاض الدخل وعدم وعي أفراد الاسرة بحوق المرأة والتدخل المستمر في شؤون الزوجين وغياب ثقافة الحوار داخل الأسرة وأيضًا التنشئة الاجتماعية الخاطئة التي لها دور كبير في تبني قيم ومفاهيم خاطئة. يعتبر للمجتمع أيضًا دور في العنف الذي تتعرض له المرأة وخاصة عندما ينتشر الفقر والبطالة والجهل في المجتمع ويعم تداول التقاليد والعادات الخاطئة وانتشار الثقافة الذكورية .
بالرغم من قضية العنف ضد المرأة هي قضية غير مستحدثة، فظهر اهتمام المجتمع الدولي بهذه القضية بشكل خاص من خلال إعلان القضاء على العنف ضد المرأة الذي صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ١٩٩٣، والذي يعرف العنف ضد المرأة “على أنه أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عنه أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة”.
وبالرغم من هذه المواثيق وهذا الاهتمام الدولي لكن لا تزال ممارسات العنف المرأة في تزايد وخصوصًا في أوقات الأزمات الاقتصادية أو السياسية، فتكون المرأة دائمًا محل لتفريغ الطاقة السلبية الناتجة عن أي فعل غير مُرضي يحدث في الدولة، كما شهدنا في معدلات العنف ضد المرأة أثناء جائحة كوفيد-١٩ فعلى سبيل المثال زادت معدلات العنف المنزلي ضد المرأة في الصين في أواخر ديسمبر ٢٠١٩ ثلاث مرات عما كان عليه في العام السابق، والعديد من البلدان الأوروبية شهدت أجواء مخيفة بسبب زيادة معدلات العنف ضد المرأة فضلًا عن زيادة هذه المعدلات في الدول العربية بالطبع، فجميع الأزمات وحالات الطوارئ تقابلها زيادة في معدلات العنف ضد المرأة .