مؤتمر وحدة الصف الكوردي .. آمال تتجدد وتطلعات تنتظر التحقيق

صبحي مندلاوي

اليوم، وبين عواصف الأزمات التي تعصف بسوريا والمنطقة، ينعقد في روجافاي كوردستان مؤتمر وحدة الصف الكوردي، تحت عنوان يحمل في طياته ما هو أكثر من مجرد أمنية عابرة: إنه نداء للوقوف معا ، وخارطة طريق جديدة لوحدة الكلمة والموقف الكوردي.
هذا المؤتمر، الذي تشارك فيه أهم القوى السياسية في غرب كوردستان( المجلس الوطني الكوردي في سوريا وحزب الاتحاد الديمقراطي)، الطرفان الرئيسان ، وبحضور أكثر من 400 شخصية.

كما يشارك في المؤتمر وفد من إقليم كوردستان برئاسة ممثل الرئيس مسعود بارزانى ، فضلا عن وفد من حزب الأقاليم الديمقراطي ومن حزب المساواة والديمقراطية ، لا يأتي من فراغ. بل يحظى بدعم مباشر من القيادة البارزانية الحكيمة، التي لطالما كانت الحاضنة لوحدة الصف الكوردي أينما كان. ومن هنا، تكتسب أعمال هذا المؤتمر أهمية ستراتيجية تتجاوز حدود روجافا، لتلامس عمق القضية الكوردية في سوريا والمنطقة ككل.

إن اللحظة التي تمر بها كوردستان سوريا اليوم، تتطلب أكثر من أي وقت مضى وضوح الرؤية وتوحيد الخطى ، سوريا اليوم بعد سقوط الاسد مقبلة على رسم جديد لواقعها ومستقبلها ، فالتحديات تتكاثر ، من كوباني إلى قامشلو، دفاعاً عن الأرض والكرامة والهوية. وقد آن الأوان أن تترجم تلك التضحيات إلى مشروع سياسي موحد، يقوده وفد كوردي واحد، يتحدث بلغة واحدة أمام العالم وأمام الأطراف الفاعلة في الملف السوري.
إن مؤتمر وحدة الصف الكوردي، بما يحمله من رسائل أمل ومضامين تاريخية، هو خطوة أولى نحو إنهاء حالة التشرذم، وبداية ضرورية لبناء موقف كوردي موحد قادر على انتزاع حقوق شعبنا في سوريا عبر الطرق السياسية المشروعة.

لا شك ان تجربة إقليم كوردستان العراق ، التي تحولت من حلم مقاوم إلى كيان دستوري معترف به داخل العراق، تقدم اليوم نموذجاً حياً أمام روجافا ، تجربة تؤكد أن وحدة الصف، وتغليب المصلحة الوطنية العليا، والحكمة السياسية في التعامل مع الواقع الإقليمي والدولي، هي المفاتيح الأساسية لأي تقدم. لم يكن طريق الإقليم سهلاً ولا زال يقدم نموذج فريد من التحدي والتطور ،تجربة محفوفة بالتضحيات والانقسامات والصعوبات والنجاحات.

نعم، الآمال كبيرة، والطريق ليس سهلاً، لكن إرادة الكورد التي لم تنكسر رغم كل المؤامرات، قادرة هذه المرة أيضاً أن تجعل من وحدة الصف واقعاً حياً، لا شعاراً يردد فقط في المناسبات.
اليوم، لا يملك الكوردي في روجافا ترف الانتظار ولا ترف الخلاف. العالم يتغير من حولنا، والمشاريع ترسم على الأرض لا في الأمنيات. ولهذا، فإن مسؤولية القوى الكوردية المشاركة في هذا المؤتمر جسيمة وتاريخية: مسؤولية الخروج بقرارات عملية، وآليات واضحة، وبرنامج عمل موحد يستند إلى مبادئ الشراكة، والاحترام المتبادل، ووضع مصلحة الشعب الكوردي فوق المصالح الحزبية الضيقة.

ختاماً، الدعم البارزاني لهذا المسار الوحدوي ليس فقط رعاية سياسية، بل رسالة وفاء لوحدة البيت الكوردي في كل مكان. ومن روجافا إلى شنكال، ومن بهدينان إلى مندلي ، تبقى راية الكورد واحدة، وقضيتهم واحدة، وحقهم في تقرير المصير لا يسقط بالتقادم.
في مؤتمر وحدة الصف الكوردي، تتجدد الآمال، وتكبر التطلعات.. فهل تكون هذه اللحظة بداية جديدة، تكتب فيها روجافا فصلاً آخر من فصول كرامتها الوطنية؟

قد يعجبك ايضا