د.رائد طارق العزاوي
حدث تطور جوهري في مجال استعمال القوة وحق الدفاع عن النفس في ميثاق الامم المتحدة، فالفقرة الرابعة من المادة الثانية من الميثاق تنص على (يمتنع اعضاء الهيئة جميعا في علاقتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة او استخدامها ضد سلامة اراضى او استقلال لاية دولة اخرى) او على وجه اخر لا يتفق ومقاصد الامم المتحدة بينما تقول الفقرة الرئيسية من المادة الحادية والخمسين (ليس في هذا الميثاق ما يضعف او ينقص من الحق الطبيعي للدول فرادى او جماعات، في الدفاع عن نفسها اذا اعتدت قوة مسلحة على احد اعضاء الامم المتحدة وذلك الى ان يتخذ مجلس الامن التدابير اللازمة لحفظ السلام والامن الدوليين، ومن الواضح ان الاعتداء يجب ان يتضمن استعمالا للقوة المسلحة ضد اقليم دولة، فلا تكفي مجرد التدابير الاقتصادية والسياسية، كما وان الاعتداء كما اسلفنا يجب ان يكون هجوميا ومسلحا وقع بالفعل على دولة وبناء على ذلك فلا يوجد ما يسمى بالدفاع الشرعي الوقائي).
التي يمكن معها اللجوء الى استعمال القوة والوسائل التي يجب استخدامها في ذلك وهل ان لجوء احدى الدول الى استعمال القوة له مايبرره حتى وان لم يشن هجوم مسلح عليها خلال نزاع مع دولة اخرى.
كان من حق كل دولة، وفقا للقانون الدولي التقليدي ان تستعمل القوة المسلحة للدفاع عن نفسها وعن حقوقها ومصالحها.
ومن اهم ما تقوم به الدول في هذا الشأن وفقا للقواعد التقليدية للقانون الدولي اعداد القوات المسلحة وتدريبها، وصناعة الاسلحة او الحصول عليها وتخزينها وانشاء القواعد العسكرية، والدخول في الاحلاف العسكرية. ولكن بالرغم من التسليم بهذا الحق فأنه لا يمكن ممارسته الا اذا كانت الدولة قد تعرضت فعلا لهجوم مسلح وبالتالي لا يكفي مجرد توقع الاعتداء. ومن جهة اخرى فالقوة التي تستخدم للدفاع عن الدولة يجب ان تتناسب بصورة معقولة مع المظهر الذي يجب تفاديه، يضاف الى ذلك مسألة ما اذا كان الاجراء المتخذ تحت ستار الدفاع عن النفس عدوانيا او دفاعيا يجب ان تكون في النهاية موضوع التحقيق او القضاء اذا اريد تنفيذ القانون الدولي.
على ان البعض الفقهاء وهم قلة يرى ان الحرب الوقائية قد تكون ضرورية في حالة توقع هجوم ذري وهذا ما تمسكت به اسرائيل حينما ضربت مفاعل تموز في العراق سنة 1980 .
وعلى اي حال فالمادة الحادية والخمسون، من الناحية النظرية على الاقل تفرض قيودا مفادها ان تقوم الدولة يتبليغ مجلس الامن بالتدابير التي اتخذتها دفاعا عن نفسها، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس من الحق في ان يتخذ في اي وقت ما يراه ضروريا من الاعمال اللازمة لحفظ السلام والامن الدولي او لاعادته الى نصابه فالدولة التي تتصرف وحدها انما تفعل ذلك على مسؤليتها الخاصة وتخضع تدابيرها نظريا ايضا الى تمحيص من جانب مجلس الامن، ولذلك ليس من الغريب ان يكون معنى نصوص الميثاق المتعلقة بحق الدفاع عن النفس موقع جدل كبير بين الفقهاء وقد ذهب البعض منهم الى القول ان حق الدفاع عن النفس لايستند مطلقا الى الميثاق وانما هو حق طبيعي للدول بموجب القانون الدولي وترى وجه النظر هذه ان ما تفصله المادة الحادية والخمسون، هو مجرد فرض قيود على ممارسة هذا الحق ويمكن العثور على تأييد الحق الطبيعي للدفاع عن النفس في بيان اصدرته اللجنة الاولى في مؤتمر سان فرانسيسكو الذي اعلن بجلاء (في المرحلة التمهيدية) ان استخدام القوة في الدفاع المشروع عن النفس سيظل مسموحا به لا ينقص منه او يضعفه شىء.
ويبدو ان اللجنة الثالثة في المؤتمر ادخلت المادة 51 في الميثاق بغية تنسيق سلطات مجلس الامن في المحافظة على السلام مع تدابير الوكالات الاقليمية لأغراض الدفاع عن النفس .