شاعرات رثاء وهجاء

 

د . صباح ايليا القس

الرثاء فن من الفنون أو الأغراض الشعرية التي عرفها الأدب العربي، والرثاء هو الحزن والبكاء على المفقودين والاجتهاد في الدعاء وطلب الغفران والرحمة والعبر والعزاء يرغم عظمة المصاب متشفعين بأن الموت حق. وأحيانا التباهي لاسيما في قتال الأبطال وشجاعتهم أو رثاء الزوج أو الأولاد والإخوة وغيرهم من الأقارب والأصحاب والبكاء والنواح على فقدهم مع اليقين أن الموت قدر مكتوب وحاصل عند انتهاء الأجل، فقد تعددت الأسباب والموت واحد. وقد اشتهرت الخنساء بالرثاء لاسيما في البكاء على أخيها صخر الذي استشهد في معارك القادسية ضد الفرس، لكن الخنساء ليست وحدها من قالت الرثاء فهناك غيرها وقد نجد الرثاء في دواوين الشعراء ولكنه قليل، وهناك شاعرات لهن قصائد في الرثاء وعلى الاغلب غيرمعروفات.

أم معدان الشيبانية ترثي ابنها معدان الذي قتلته قبيلة (بهراء) فقالت :

معدان من للحــــــي إذ    هبت شآمية فجــورا
عسراء من قبل الشمال     تكاد تنتزع الكســـورا
وتبادر القوم القــــــداح    وأغلت ألسنة الجزورا
غدرت به (بهراء) أمس   ولم يكن إبنا غـــرورا

أما الشاعرة مليكة الشيبانية فترثي أخاها في ثلاث قصائد وترثي الضحاك بن قيس الخارجي في قصيدة منها :
قولي مليك عليكِ بالصبر      تستوجبين فضائل الأجرِ
قولي فانك غير كاذبــــة        يا عدتي لنوائب الدهـــرِ
ذهب الذي قد كان يأمرنا       بالخير والمعروف والذكرِ

ومما قالته في رثاء أخيها :
من لجاراتك الضعاف اذا          حل بها نازل من الحدثــــــــــانِ
من الضيف ينتاب في ظلمة       الليل اذا مل منزل الضيفـــــــان
سوف أبكي عليك ما سمعت      أذناي يوما تلاوة الفرقــــــــــــان

وفي قصيدة اخرى تقول في أخيها أيضا :

يا عين جودي بالدمــــوع          بواكف حتى المملات
قولا لمن حضر الحروب           من النساء الشاربات
واذا المنية اقبلــــــــــــت           لم تغن اقوال الرقاة
كنت المؤمَّل والمرجّــــى          في الامور المعضلات

ومن الغرائب أن تخاطب شاعرة الذئب اذ المعروف ان النساء فيهن ليونة ولسْن من الشدة والقوة للتصدي للذئب .. لكن الشاعرة هنا لم تقاتل الذئب لكنها جعلت صوته والعواء دليلا على الاخبار المزعجة لاسيما وان الطاعون كان يهتك ويقتل اهلها في البصرة فكان صوت الذئب حينا يوحي بالموت والشؤم فقالت :

ألا أيها الذئب المنادي بسحــــــــرة              هل انبئك الامر الذي بدا ليا
بدا لي اني قد يئمت واننــــــــــــــي             بقية قوم اورثوني المباكيـــا
ولا ضير اني سوف اتبع من مضى            ويتبعني من بعد من كان تاليا

يئمت = اصبحت يتيمة
والاغرب أن نجد امرأة تهجو تقول ام عامر بنت معن العجلية :

قبحاً لزمٍّ وابيات لها حصــــــر          اذا السراب جرى ميلا الى ميل
لو كنت فاخرة أعطيت غيركم          ولا دبيب لكم اولاد مجهـــــــول

قد يعجبك ايضا