صادق الازرقي
يزداد القلق بشأن العواصف الترابية والرملية في العراق التي عادة ما تقل حدتها في الشتاء، غير انها تنبثق مع الشروع في فصل الصيف، وتتسبب في مخاطر صحية وبيئية.
واستنادا الى وزارة الصحة العراقية فقد اعلن تسجيل أكثر من 3700 حالة اختناق من جرّاء عاصفة رملية ضربت يوم الاثنين 14 نيسان وسط وجنوبي البلاد، وفضلا عن العراق شملت العواصف كلا من السعودية والكويت، فيما يقول الخبراء ان العواصف الرملية الاخيرة نشأت خارج الارض العراقية.
و العواصف الرملية والترابية تحدث لأسباب شتى، من أهمها الجفاف وقلة الأمطار، اذ ان فصول الصيف الطويلة والجافة تؤدي إلى تيبّس التربة وفقدان الغطاء النباتي، مما يجعلها أكثر عرضة للتعرية، كما ان العراق تسود فيه الرياح الشمالية الغربية لاسيما في الصيف، التي تثير الأتربة والرمال من الأراضي الجافة.
ان سوء استغلال الأرض، مثل الرعي الجائر، وقطع الأشجار، وتراجع المشاريع الزراعية، يؤدي الى تفتيت الاراضي.
اما التغير المناخي المتمثل بارتفاع درجات الحرارة وقلة الأمطار بشكل عام فأدى إلى مضاعفة وتيرة هذه العواصف في السنوات الأخيرة، وكذلك انخفاض منسوب المياه في الأهوار ودجلة والفرات يسهم في تكوين بيئة خصبة لتكوّن العواصف الترابية.
اما تأثيرات العواصف على السكان والبيئة فتشمل فيما يتعلق بالناس، مشكلات صحية بازدياد حالات الربو، والحساسية، وضيق التنفس، لاسيما بين كبار السن والأطفال، وكذلك فان انخفاض مستوى الرؤية، يؤدي إلى حوادث سير وتأخير في حركة النقل والمطارات.
وتنبثق ايضا تأثيرات اقتصادية، تتعلق بتعطيل الأعمال، بخاصة في القطاعات المفتوحة كالزراعة والبناء.
وفيما يتعلق بتأثير العواصف الرملية والترابية على البيئة فانها تتضمن تآكل التربة، مما يقلل من خصوبتها ويؤثر على الإنتاج الزراعي، كما تنتقل الملوثات بوساطة الرياح التي تحمل معها أحيانًا مواد كيميائية أو ملوّثات من مناطق صناعية.
كما تشمل المخاطر تدهور التنوع البيولوجي، بسبب تغطية النباتات بالرمال واندثار مواطن الكائنات الصغيرة.
ان مخاطر العواصف الترابية والرملية على صحة السكان وعلى البيئة نستدعي اجراءات عاجلة، ومتيسرة اذا صدقت النية.
ان سبل المعالجة والحد من العواصف الرملية والترابية تتضمن إعادة التشجير بزراعة الأشجار والنباتات الصحراوية لتثبيت التربة، و إقامة الأحزمة الخضر بخاصة حول المدن والمناطق الزراعية.
كما تستدعي تنفيذ اجراءات لإدارة الموارد المائية بالحفاظ على الأهوار والأنهار لمنع جفاف الأراضي، و مراقبة الطقس والإنذار المبكر، لإعلام الناس مسبقًا بالعواصف وتقليل الأضرار، و توعية السكان بشأن كيفية التعامل مع العواصف وسبل الوقاية منها.
كما تشمل الإجراءات المطلوبة التعاون الإقليمي والدولي، نظرًا لأن بعض هذه العواصف تنشأ خارج الحدود العراقية، ومن ذلك العواصف الاخيرة التي شملت الكويت والسعودية والعراق.
وفي الحقيقة فان الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 كثيرا ما تتحدث عن انقاذ السكان من العواصف الرملية والترابية، وتتطرق الى المشاريع الكبيرة التي يجري اعدادها بهذا الشأن؛ غير ان السكان يرون ان الوقائع تجري بخلاف ذلك، فالاحزمة الخضر لم يرى السكان تنفيذها، بل لا زالت الاراضي الزراعية المحيطة بالمدن لاسيما بالعاصمة بغداد يجري تجريفها وبيعها ما يتسبب في تدهور التربة وتزايد عواصف التراب والغبار.