
إعداد: ماهين شيخاني
تعود ولادتها إلى عام 1898 حيث ظهرت أول جريدة كردية سياسية ( كردستان ) في القاهرة ولم تظهر في هذه الفترة المنظمات الاجتماعية السياسية الكبيرة ، إلا أنها شهدت بروز مجموعات وطنية صغيرة ومتفرقة وأضحت جريدة (( كردستان )) منبرا لها ولكل الأصوات الوطنية إن أول من حرر هذه الجريدة هو مدحت بك بدر خان ( مقداد مدحت بك بدر خان )
وقد تولى إصدارها من بعده شقيقه عبد الرحمن بدر خان ولعوامل سياسية غيرت الجريدة مرارا مركز إصدارها فطبعت في جنيف وفولكستون ولندن ثم في اسطنبول تحت أشراف ثريا بدر خان وانتقلت أثناء الحرب العالمية الأولى إلى القاهرة حيث أصبحت نصف شهرية ( صدرت الجريدة في 22 نيسان عام 1898 ودامت إلى 14 نيسان عام 1902 وبلغ مجموع أعدادها (31) عددا من العدد (1-5) في القاهرة وترأس تحريرها مقداد مدحت بك بدر خان من العدد (6-19) في جنيف .
من العدد (20-23) في القاهرة العدد (24) في لندن من العدد (25-29) في فولكستون – شمالي انكلتره . من (30-31) في جنيف ، و ترأس تحرريها عبد الرحمن بك بد رخان. وفي نهاية العقد الأخير من القرن التاسع عشر صدرت بعض الجرائد والمجلات الأخرى ، اجتازت جريدة ( كردستان ) ظروفا قاهرة تشكل السمة العامة لكل الصحافة الكردية الدورية ، فلم يتمتع المحررون بالحرية في كتاباتهم كما أن مخالفة أيديولوجية الطبقة الحاكمة للسلطة العثمانية ، والقيام بحملات دعائية مضادة اضطرت السلطة المستبدة إلى اتخاذ موقف المرونة في سياستها ، ولكنها راقبت بيقظة وارتياب الصحافة الكردية التي طرحت مسائل تغذية الوعي القومي وإنماءه .
لقد بذل المثقفون الكورد قصارى جهودهم لصيانة ومضاعفة إصدارات الجرائد والمجلات الكردية ولكي يبرهنوا على ضرورة إصدار الصحافة بلغات أخرى ، تذرعت هيئات التحرير بالحوافز الدينية في أغلب الأحيان وذهبت إلى أن الكورد بما أنهم مسلمون أيضا أسوة بشعوب إسلامية أخرى فمن الأفضل أن تصدر المجلات والجرائد الكردية مثل (( كردستان )) 1898 (( كورد )) 1907 ، (( روزي كورد )) شمس الكورد 1911 ، (( بانكي كردستان )) صوت كردستان 1913 باللغة التركية أيضا .
منذ أواسط العشرينات من القرن الماضيرعندما تجزأت كردستان بين حدود سياسية انتهت الصلات والعلاقة بين هيئات التحرير المركزية للصحافة الكردية ، وباتت الصحافة الكردية الدورية في تركيا ممنوعة بتاتا . لم تكن الصحافة الكردية الدورية موجودة تقريبا في إيران بالعشرينات من القرن الماضي ما عدا بعض الإصدارات المتطرفة للأحزاب والتجمعات الكردية السياسية الصادرة بصورة سرية ، وعندما اتسعت ونشطت الحركة القومية الكردية في مهاباد ، ظهرت الصحافة الكردية الدورية ثانية في إيران خلال الحرب العالمية الثانية حيث صدرت في هذه الفترة في كردستان إيران بعض المجلات والجرائد الكردية ومن الضروري هنا التذكير قبل كل شيء بالمجلة الشهرية:
(( نيشتمان )) الوطن – التي صدرت في مهاباد باللغة الكردية وبالحروف العربية ، وصدر العدد الأول منها في حزيران عام 1943 والأخير في أيلول عام 1945 وكانت ( نيشتمان ) لسان حال الحزب الكردي لبعث الكورد . (( هەڵاڵە )) الوردة – بدأ إصدار هذه المجلة وفي 21 آذار عام 1946 لسان رابطة الشبيبة الكردستانية في مدينة بوكان ودامت هذه المجلة إلى حزيران من العام ذاته . كما صدرت في التاريخ نفسه في مهاباد مجلة : (( هاواری نيشتمان )) صوت الوطن ، بالإضافة إلى مجلة : (( پەروەردەی منداڵ )) تربية الأطفال ، التي رأت النور في العام ذاته وقد استمر صدور هاتين المجلتين المذكورتين طيلة فترة جمهورية مهاباد الكردية .
وكانت الصحافة الكردية الدورية تصدر في العراق بصورة غير منتظمة وغالبا ما كانت تقف عن الصدور في فترات متقطعة من جراء مراقبة وملاحقة السلطة العراقية لها، ولم يسنح لها الدفاع بعلنية عن الطموحات القومية للشعب الكردي.
وقد أثر صدور المجلات والجرائد الكردية منذ بداية القرن العشرين بحروف مختلفة على توزيعها بصورة ملحوظة في نطاق ضيق في أجزاء كردستان الأخرى والى العشرينات من القرن صدرت الصحافة الكردية في تركيا وإيران والعراق بحروف عربية لكن صحافة الكورد المهاجرين من كردستان تركيا صدرت بحروف لاتينية .
كانت كل هذه المجلات اجتماعية وسياسية وأدبية ولغوية في الوقت نفسه ولم تصدر جريدة يومية اجتماعية وسياسية في كل أجزاء كردستان إلى عام 1959 فقد ناضل المثقفون الكورد بعناد ما بين فترة الأربعينيات والخمسينيات للحصول رخصة إصدار جريدة سياسية يومية ، لكنهم لم يتمكنوا من إنجاز هذا الهدف إلا إن الحكومة العراقية الجديدة سمحت بعد ثورة عام 1958 بإصدار جريدتين اجتماعيتين سياسيتين هما : ( ( أزادي )) الحرية – لسان حال الحزب الشيوعي ( صدر العدد الأول منها في أيار 1959 بمدينة كركوك ) و(( خهبات )) النضال – لسان حال الحزب الديمقراطي الكردستاني ، صدر العدد الأول منها في 4 آذار عام 1959 .
وبعد مرور عامين على إصدار هاتي الجريدتين أغلق الباب أمامهما لكن صحافة كردية دورية كثيرة خرجت إلى النور في العراق بصورة غير قانونية طوال فترة الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي ، وصدرت تلك الصحف بشكل غير منتظم ولا سيما في مرحلة الهجوم الصارم ضد الشيوعيين والوطنيين الكورد كان الدور الاجتماعي والسياسي لهذه الصحافة بارزا لأنها أضاءت المسائل الإستراتيجية والتكتيكية لنضال الجماهير الشعبية والصحافة السرية كانت جريدة :
(( شورش )) الثورة – لسان حال الحزب الشيوعي الكردي وجريدة : (( رزكاري )) الخلاص – لسان حال حزب رزكاري كردستان ) خلاص كردستان ، وقد صدرتا في عام 1946 جريدة: (( أزادي )) الحرية الصادرة في 1945 التي استأنفت صدورها في عام 1956 تحت اسم (( أزادي كردستان )) حرية كردستان كلسان حال الحزب الشيوعي العراقي ، جريدة : (( خه باتى كورد )) نضال الكورد في عام 1956 لسان حال الحزب الديمقراطي الكردستاني ، كان إصدار الصحافة الكردية الدورية بلغتين أو ثلاث لغات هي السمة العامة لها ، لأنها أفادت المنظمات الكردية في إصدار دورياتها بلغة الدولة وبذلك لا ترتاب السلطات من محتوياتها ولا يثيرها الشك نسبيا .
كما إن بواعث إصدار الجرائد والمجلات بعدد من اللغات الشرقية هي إن المنظمات الكردية وضعت نصب عينيها هدف التعريف بحياة وتاريخ وأدب وثقافة وحالة كردستان وكل القضايا الهامة المتعلقة بمجتمعات دول الشرق الأوسط صدرت جريدة : (( بانكي كردستان )) صوت كردستان – في السليمانية باللغات الكردية والفارسية والتركية ، وكان الشخصية الاجتماعية المعروفة مصطفى باشا يامولكي يرأس تحريرها ، كما كان الأديب البارز والصحفي رفيق حلمي محررا مسئولا عن القسم التركي وكان عالم الأدب على كمال بابير ، محررا مسئولا عن القسم الفارسي وصدر العدد الأول منها في 2 أب عام 1922 .
وصدرت مجلة: (( دياري كردستان )) هدية كردستان في بغداد ما بين العامين 1925-1926 باللغات الكردية والعربية والفارسية وكان رئيس تحريرها الشخصية الحكومية المعروفة صالح زكي .
لقد عكست المجلات والجرائد الكردية على صفحاتها طموحات وآمال الجماهير الشعبية الواسعة وإذا كان قد ظهرت فيها أحيانا مقالات ساذجة ذات طابع قومي بأفاق ضيقة فان هذه الحقيقة لا تشوه مطلقا النهج التقدمي العام للصحافة الكردية الدورية نعتقد أنه يمكن الاستشهاد هنا بما يقوله :ف .ا.لينين (( من الضروري التمييز بين النزعة القومية للشعب المضطهد والنزعة القومية للشعب المضطهد ، وبين التعصب القومي للقومية السائدة والتعصب القومي للقومية الصغيرة .
في غضون الحرب العالمية الثانية وبعدها ولجت الصحافة الكردية مرحلة جديدة وارتقت درجة أعلى من التطور حيث صقل طابعها التقدمي في هذه السنوات وعولجت فيها قضايا نضالية تحررية من مواقع أكثر عقلنه وصحة ثم قدمت دراسات تحليلية شاملة وعميقة في الوقت نفسه منحت الصحافة أهمية فائقة للزاوية الأدبية على صفحاتها والجدير بالذكر أنه قد تم بعد الثورة العراقية .
في 14 تموز عام 1958 نشر ترجمة العديد من إبداعات الكتاب والشعراء والشخصيات الاجتماعية الأوروبية التقدمية المعروفة كما أسلفنا القول سابقا وفي إيران صدرت جريدة كردية أسبوعية : (( كردستان )) بالأحرف العربية اتخذت هذه الجريدة موقفا سلبيا من المتبدلات والإصلاحات الاجتماعية ثم سعت إلى أضعاف نضال الصراع الطبقي والقومي التحرري في إيران والدول المجاورة لها ، وسعرت العداء بين شعوب الشرق الأوسط ،بيد أن المقالات العلمية والإبداعات الأدبية خدمت الثقافة الكردية والشعب الكردي ، لأن المواد و النتاجات المطبوعة بلهجات كردية متعددة أسست أرضية وقاعدة لدراسة مسألة اللهجات الكردية ولغة الأدب الكردي ، وأصول تدوينها وبقي أن نقول أن تطور الثقافة العمومية والمسائل اللغوية في هذه السنوات كانت على صفحات الصحافة الكردية الدورية مضيئة للغاية بحيث نشطت الصحافة الدورية ونشرت المؤلفات الكردية النادرة كما نشرت الأبجدية الكردية وكتاب القراءة للأطفال والأميين ، ولابد أن نذكر هنا تلك المجلات والجرائد الكردية التي ضربت شهرتها على نطاق واسع وهي (( ژين )) الحياة جريدة أسبوعية ، تأسست في اسطنبول عام 1919م صدرت باللهجة الشمالية الكردية وبالأبجدية العربية وحررت الجريدة على يد فئة من المثقفين الكورد القاطنين والدارسين في اسطنبول وصدر العدد الأخير (22) من الجريدة في 22 كانون الثاني عام 1920 وقد ألقت هذه الجريدة الضوء على المسائل النضالية للحركة القومية الكردية التحررية وبرامجها التكتيكية والإستراتيجية (( ژيانەوە )) البعث – (( ژيان ))الحياة – جريدة أسبوعية صدرت باللهجة الجنوبية الكردية وبالأبجدية العربية ومن عام 1920 إلى عام 1926 صدرت تحت اسم (( ژيانەوە )) البعث – وبعدها أخذت اسما جديدا (( ژيان )) الحياة – وكانت لسان حال مجلس بلدية مدينة السليمانية حتى عام 1934 وبعدها انتقل حق تحرير الجريدة إلى الشاعر الكردي
المعروف – بيره ميرد – . لكن السلطة أغلقت الجريدة في 1938 ، ومنذ عام 1939 بدأ ( بيره ميرد بإصدار الجريدة : (( ژين )) الحياة التي كانت تعتبر من حيث الجوهر والأساس استمرارا لجريدة (( ژیانەوە )) البعث ، وصدر العدد الأول منها في 26 كانون الثاني عام 1939 ودامت حياتها إلى يوم انقلاب 8 شباط عام 1963 .
قام بيره ميرد بدعایات ثقافية وتنويرية واسعة في الجريدة المذكورة (( ژين )) حيث نشر فيها مقالات بخصوص الحياة الحضارية والنظافة وجمالية المدن ، ولاسيما السليمانية منها ، وعن الأعياد القومية ، ثم وجه مقالات خاصة الى المرأة الكردية ، كما حثت الجريدة الجماهير الكردية على الدراسة والعلم وأولت أهمية خاصة لتاريخ الشعب الكردي والتربية الوطنية وحب الحرية معتمدة في ذلك على الأمجاد البطولية الماضية . ثم نشرت (( ژين )) موادا أدبية غزيرة ، كقصائد للشعراء الكورد الكلاسيكيين والمعاصرين وقصص ونفحات أدبية ونتاجات فلكلورية ، وكتب الشاعر بيره ميرد بسخاء في الجريدة طرح فيها مسألة تطور الأدب الكردي الحديث ونظر أليه كجسد لا يتجزأ ، وهي رؤية مهمة للغاية بالنسبة لأدبنا الكردي كان – بيره ميرد – يتقن جميع اللهجات الكردية ويلم ببراعة بالأدب الكردي الجنوبي والشمالي والكوراني .
احتفظت الجريدة بنهجها حتى بعد غياب – بيره ميرد – عن الحياة عام 1950 وفي تشرين الثاني عام 1952 استلم الشاعر الكردي البارز والشخصية الاجتماعية المعروفة عبد الله كوران هيئة تحرير (( ژين )) ومنذ توليه هذه المهمة الصحفية طرأ تحول جذري في نهج الجريدة وأمست صوتا علنيا للعمال والفلاحين الکورد حيث روجت الأفكار النضالية بشكل واسع وحاد ضد الإقطاعيين والقوى الرجعية في البلاد والإمبريالية العالمية وكان عبد الله كوران أحد مؤسسي لجنة الدفاع عن السلام في العراق ومناضلا لا يكل من أجل حماية وتمتين وشائج الصداقة بين جميع شعوب العالم كل هذا انعكس بصورة طبيعية في صفحات الجريدة المذكورة آنفا .
لكن عبد الله كوران اضطر تحت ضغط الظروف إلى ترك الجريدة بعد مرور سنة ليحل في منصبه وريث – بيره ميرد – الذي أصر على السير على النهج السابق، إن اتجاهات الجريدة (( ژين )) ككل الصحافة الكردية الدورية اهتمت مباشرة بالحياة السياسية للبلاد ، وبنهوض وإخماد الحركة الوطنية والاجتماعية التحررية إلى يوم انتصار الثورة العراقية في عام 1958 وحاولت الجريدة تحييد موقفها السياسي ولهذا السبب تحديدا امتنعت هيئة تحرير الجريدة عن الإفصاح عن أفكارها حول القضايا السياسية والقومية .
بعد الثورة مباشرة أبدت الجريدة ديمقراطيتها وعبرت عن أهداف القوى الثورية وعن أفكار الحزبين الشيوعي العراقي والديمقراطي الكردستاني في الوطن . ومنذ النصف الثاني من سنة 1961 عندما بدأت في البلاد ملاحقات علنية للقوى الديمقراطية واتخذت السلطة تدابير مضادة للمطالب القومية للشعب الكردي ، اتبعت الجريدة ثانية نهجا مواليا للحكومة وبعد انقلاب البعث في شباط عام 1963 أغلقت الجريدة نهائيا و (( هاوار )) الصرخة – هي المجلة التي تتميز بين الصحافة الكردية بطابعها الأدبي واللغوي ، أسسها الفيلولوجي البارع والكاتب جلادت بدرخان في عام 1932 صدرت المجلة مرتين شهريا باللهجة الشمالية الكردية ونشرت المواد في بداياتها بالأبجدية العربية واللاتينية ، وبعدئذ غطت المجلة صفحاتها بالأبجدية اللاتينية .