الأميرة سينم خان بدرخان

آناهيتا حمو. باريس

سليلة المجد، الذاكرة الكُردية في يوم الصحافة الكُردية، في ذكرى عيد الصحافة الكُردية ودور المرأة الكُردية بمناسبة مرور 127 عاما على صدور صحيفة كُردستان
دور الصحافة الكُردية الحرة في دعم القضايا العادلة.
في الثاني والعشرين من نيسان من كُل عام، يحيّي الشعب الكُردي يوم الصحافة الكُردية، إحتفاءً بذكرى صدور أول جريدة كُردية تحمل إسم، “كُردستان” عام 1898 في القاهرة، العاصمة المصرية على يد الرائد والمثقف سليل الأسرة البدرخانية الأمير مدحت بدرخان.
أستحضر لقاءاً، لا بل حواراً ثقافياً جمع بين الذاكرة الجمعية الكُردية-الفرنسية. تضمّن محاور الحديث حول نموذج وعظمة الأسرة البدرخانية، في كُردستان، بيت الأميرة سينم خان قبل أعوام ، تمّيز بكورديته الخالصة حيث كان مركزاً ثقافياً، متحفاً تراثياً كُرديا وفي هذا اليوم، تَبرز بقوة صورة المراة الكُردية الوطنية، الأميرة سينم خان بدرخان، ولقاءً تم سردنا للماضي والحاضر ووضع الكُردي في روجافا كُردستان.

جرى حوار بيننا في هولير حيث عراقة التراث، سَردٌ لسيرة بصمات نضال، مجلة كُردية عريقة تعود بأصالتها إلى عام 1932 “هاوار”، ودعتني إلى أحد أمكنة التراث الكُردي “قهوة مشكو”، تحدثنا الفرنسية، تحدثنا عن الفرانكوفونية والأسرة الكريمة، وريثة العائلة البدرخانية العريقة، التي تواصل اليوم مسيرة الفكر والنضال الثقافي الكُردي، من موقعها في هولير، عاصمة إقليم كوردستان.
وِلدت تلك السيدة القوية الذاكرة، سينم خان في دمشق، لكنّ قلبها ظلّ نابضاً بحب كُردستان، حيث اختارت أن تكون الوفيّة، تحتفظ وتخلّد الأرشيف البدرخاني، مستعيدة بذلك أمجاد أسرتها في الكتابة والسياسة والتأسيس الثقافي. ولم تكن هذه المسيرة إلا امتداداً لنضال إرث جزيرة بوطان، أجدادها الذين حملوا القلم بقدر ما حملوا السلاح.
لعلّ من أبرز هؤلاء الأجداد، الأمير شرف خان البدليسي، الذي قال في مقدمة كتابه “شرف نامه” عام 1597:
“كتبت هذا الكتاب ليكون مرآةً تعكس للأجيال القادمة تاريخ أمراء الكُرد وبطولاتهم، لأن من لا يملك تاريخاً مكتوباً، يضيع إسمه بين الأمم.”
كلمات تنطبق تماماًعلى ما تقوم به سينم خان اليوم: إنها تكتب تخلد للأجيال الكُردية وتسرد وتحفظ في ذاكرتها، وتنشروفاءً للكتابة ،للتاريخ الكُردي كي لا يُنسى إسم البدرخانيين الخالدين في زحمة التاريخ.
أما مدحت بدرخان، مؤسس أول جريدة كُردية، فقد كتب في إفتتاحية العدد الأول من جريدة كُردستان:
“أردَنا من هذه الجريدة أن تكون منبرًا للغة الكُردية، وسلاحاً فكرياً في وجه التجهيل والإضطهاد.”
واليوم، تستكمل الأميرة سينم خان،سيرة نضال، هذا الدور، عبر دفاعها المستمر عن الثقافة والهوية، مؤمنة بأن “القلم الكُردي يجب أن يبقى حياً كنبض الأمة الكُردية”.
وفي لقاء خاص معها، تحدثت عن المرأة الكُردية الكاتبة فقالت:
“منذ البداية، قديماً، ناضلت بقلمها، وبشتى المجالات، بجانب البيشمركة وساهمت في تحرير كُردستان إستطاعت المرأة الكُردية أن تجد لنفسها مكانة هامة في المجتمع الكُردي إلى جانب الرجل في كل الساحات، وأنا أقول كوردستان فقط، لأنها للجميع.”
وأكدت أن إستمرارية الأديبة والمثقفة الكُردية تكمن في وعيها وإلتزامها بقضايا أمتها، وأن تجعل من المرأة الكُردية والطفل محوراً لعملها، قائلة:
“يجب أن تبقى المرأة المثقفة والأدبية لسان المرأة الكُردية عبر الإبداع والريشة التي لا يجب أن تنضب، القلم.”
ولا يمكن أن تمر هذه المناسبة دون ذكر قول الراحل الأمير بدرخان باشا، الذي نادى بفصل الدين عن الدولة، وقال يوماً:
“الدين لله، والوطن للجميع، ولا نهضة بدون عقل حر يفكر، وضمير حي يكتب.”
وفي الختام، لابدّ أن نستحضرالعمل الفكري، الصرح الثقافي، الهام مجلة “هاوار “، كانت تصدر بعدة لغات، بروحها الفرانكو-كُردالخالدة الشاهدة على عظمة الأسرة البدرخانية العريقة والمليئة بالملاحم البطولية الكُردية وكذلك ما ترجمه من نصوص إلى اللغة الفرنسية مع المستشرق الفرنسي “روجيه لسكو”،وعلى وجه الخصوص كتابة “قواعد اللغة الكُرمانجية”.

تمّثل سينم خان بدرخان اليوم تجسيداً حياً لهذه الأقوال والأعمال الخالدة والعظيمة؛ هي إمتداد لذاكرة البدرخانيين الأحرار، سلسلة من نجوم تضيء سماء الوطن في الماضي ومنارة للأجيال، وحلقة تاريخية في سلسلة الصحافة الكُردية التي إنطلقت مع أصدقاء الشعب الكُردي في باريس العاصمة الفرنسية منذ أكثر من قرن.

في هذا اليوم، ومن عاصمة الثقافة الأوروبية، باريس،نحيّي كل قلم حمل همّ الأمة، وننحني إحتراماً وإجلالاً لكل من كتب بنبل عن حرية كُردستان، القضية الكُردية والحقوق الإنسانية والفكرية المشروعة بكبرياء كُردي، مشّرف بدءاً من مدحت بدرخان إلى سينم خان.

قد يعجبك ايضا